الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاعْلَم أَن جهما شَرّ من الْمُعْتَزلَة كَمَا يدريه من ينظر الْملَل والنحل وَيعرف عقائد الْفرق والقائلون بِخلق الْقُرْآن هم الْمُعْتَزلَة جَمِيعًا وجهم لَا خُصُوص لَهُ بِمَسْأَلَة خلق الْقُرْآن بل هُوَ شَرّ من الْقَائِلين بهَا لمشاركته إيَّاهُم فِيمَا قَالُوهُ وزيادته عَلَيْهِم بطامات
فَمَا كفى الذهبى أَن يُشِير إِلَى اعْتِقَاد مَا يتبرأ الْعُقَلَاء عَن قَوْله من قدم الْأَلْفَاظ الْجَارِيَة على لِسَانه حَتَّى ينْسب هَذِه العقيدة إِلَى مثل الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره من السادات ويدعى أَن الْمُخَالف فِيهَا يرجع إِلَى قَول جهم فليته درى مَا يَقُول وَالله يغْفر لنا وَله ويتجاوز عَمَّن كَانَ السَّبَب فى خوض مثل الذهبى فى مسَائِل الْكَلَام وَإنَّهُ ليعز الْكَلَام على فى ذَلِك وَلَكِن كَيفَ يسعنا السُّكُوت وَقد مَلأ شَيخنَا تَارِيخه بِهَذِهِ العظائم الَّتِى لَو وقف عَلَيْهَا العامى لأضلته ضلالا مُبينًا
وَلَقَد يعلم الله منى كَرَاهِيَة الإزراء بشيخنا فَإِنَّهُ مفيدنا ومعلمنا وَهَذَا النزر الْيَسِير الحديثى الذى عَرفْنَاهُ مِنْهُ استفدناه وَلَكِن أرى أَن التَّنْبِيه على ذَلِك حتم لَازم فى الدّين
قَالَ أَبُو أَحْمد بن عدى سَمِعت مُحَمَّد بن عبد الله الصيرفى الشافعى يَقُول لَهُم يعْنى لتلامذته اعتبروا بِهَذَيْنِ حُسَيْن الكرابيسى وأبى ثَوْر فالحسين فى علمه وَحفظه وَأَبُو ثَوْر لَا يعشره فى علمه فَتكلم فِيهِ أَحْمد فى بَاب اللَّفْظ فَسقط وَأثْنى على أَبى ثَوْر فارتفع
قلت هَذَا الْكَلَام من الصيرفى مَعَ علو قدره يدل على علو قدر الْحُسَيْن وَنَظِيره قَول أَبى عَاصِم العبادى لم يتَخَرَّج على يَد الشافعى بالعراق مثل الْحُسَيْن
مَاتَ الكرابيسى سنة خمس وَأَرْبَعين وَقيل ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة
وَمن الْفَوَائِد عَنهُ
كتبت إِلَى زَيْنَب بنت الْكَمَال عَن الْحَافِظ أَبى الْحجَّاج يُوسُف بن خَلِيل أخبرنَا أَبُو المكارم أَحْمد بن مُحَمَّد اللبان أخبرنَا أَبُو على الْحسن بن أَحْمد الْحداد أخبرنَا الْحَافِظ أَبُو نعيم أَحْمد بن عبد الله الأصبهانى حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا عبد الرَّحْمَن
ابْن دَاوُد بن مَنْصُور حَدثنَا عبيد بن خلف الْبَزَّار أَبُو مُحَمَّد حَدَّثَنى إِسْحَاق بن عبد الرَّحْمَن قَالَ سَمِعت الْحُسَيْن الكرابيسى
قلت كَذَا فى السَّنَد عبيد عَن إِسْحَاق وَعبيد صَاحب الكرابيسى وَلَا يمْتَنع أَن يسمع عَنهُ كَمَا سمع مِنْهُ
رَجَعَ الحَدِيث إِلَى الكرابيسى سَمِعت الشافعى يَقُول كنت أَقرَأ كتب الشّعْر فآتى البوادى فَأَسْمع مِنْهُم قَالَ فَقدمت مَكَّة مِنْهَا فَخرجت وَأَنا أتمثل بِشعر للبيد وأضرب وحشى قدمى بِالسَّوْطِ فضربنى رجل من ورائى من الحجبة فَقَالَ رجل من قُرَيْش ثمَّ ابْن الْمطلب رضى من دينه ودنياه أَن يكون معلما مَا الشّعْر هَل الشّعْر إِذا استحكمت فِيهِ إِلَّا قعدت معلما تفقه يعلك الله
قَالَ فنفعنى الله بِكَلَام ذَلِك الحجبى فَرَجَعت إِلَى مَكَّة فَكتبت عَن ابْن عُيَيْنَة مَا شَاءَ الله أَن أكتب ثمَّ كنت أجالس مُسلم بن خَالِد الزنجى ثمَّ قدمت على مَالك ابْن أنس فَكتبت موطأه فَقلت لَهُ يَا أَبَا عبد الله أَقرَأ عَلَيْك قَالَ يَا ابْن أخى تأتى بِرَجُل يقرأه على فَتسمع فَقلت أَقرَأ عَلَيْك فَتسمع إِلَى كلامى فَقَالَ لى أقرأه فَلَمَّا سمع كلامى لقِرَاءَة كتبه أذن لى فَقَرَأت عَلَيْهِ حَتَّى بلغت كتاب السّير فَقَالَ لى اطوه يَا ابْن أخى تفقه تعل
فَجئْت إِلَى مُصعب بن عبد الله فكلمته أَن يكلم بعض أهلنا فيعطينى شَيْئا من الدُّنْيَا فَإِنَّهُ كَانَ لى من الْفقر والفاقة مَا الله بِهِ عليم فَقَالَ لى مُصعب أتيت فلَانا فكلمته فَقَالَ لى أتكلمنى فى رجل كَانَ منا فخالفنا فأعطانى مائَة دِينَار
وَقَالَ لى مُصعب إِن هَارُون الرشيد قد كتب إِلَى أَن أصير إِلَى الْيمن قَاضِيا فَتخرج مَعنا لَعَلَّ الله أَن يعوضك مَا كَانَ هَذَا الرجل يعوضك
قَالَ فَخرج قَاضِيا على الْيمن فَخرجت مَعَه فَلَمَّا صرنا بِالْيمن وجالسنا النَّاس كتب مطرف بن مَازِن إِلَى هَارُون الرشيد إِن أردْت الْيمن لَا يفْسد عَلَيْك وَلَا يخرج من يَديك فَأخْرج عَنهُ مُحَمَّد بن إِدْرِيس وَذكر أَقْوَامًا من الطالبيين
قَالَ فَبعث إِلَى حَمَّاد البربرى فأوثقت بالحديد حَتَّى قدمنَا على هَارُون بالرقة
قَالَ فأدخلت على هَارُون قَالَ فأخرجت من عِنْده
قَالَ وقدمت ومعى خَمْسُونَ دِينَارا قَالَ وَمُحَمّد بن الْحسن يَوْمئِذٍ بالرقة فأنفقت تِلْكَ الْخمسين دِينَارا على كتبهمْ
قَالَ فَوجدت مثلهم وَمثل كتبهمْ مثل رجل كَانَ عندنَا يُقَال لَهُ فروخ وَكَانَ يحمل الدّهن فى زق لَهُ فَكَانَ إِذا قيل لَهُ عنْدك فرشنان قَالَ نعم فَإِن قيل عنْدك زئبق قَالَ نعم فَإِن قيل عنْدك خيرى قَالَ نعم فَإِذا قيل لَهُ أرنى وللزق رُءُوس كَثِيرَة فَيخرج لَهُ من تِلْكَ الرُّءُوس وَإِنَّمَا هى دهن وَاحِد
وَكَذَلِكَ وجدت كتاب أَبى حنيفَة إِنَّمَا يَقُولُونَ كتاب الله وَسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا هم مخالفون لَهُ
قَالَ فَسمِعت مَا لَا أحصيه مُحَمَّد بن الْحسن يَقُول إِن تابعكم الشافعى فَمَا عَلَيْكُم من حجازى كلفة بعده
فَجئْت يَوْمًا فَجَلَست إِلَيْهِ وَأَنا من أَشد النَّاس هما وغما من سخط أَمِير الْمُؤمنِينَ وزادى قد نفد
قَالَ فَلَمَّا أَن جَلَست إِلَيْهِ أقبل مُحَمَّد بن الْحسن يطعن على أهل دَار الْهِجْرَة فَقلت على من تطعن على الْبَلَد أم على أَهله وَالله لَئِن طعنت على أَهله إِنَّمَا تطعن على أَبى بكر وَعمر والمهاجرين وَالْأَنْصَار وَإِن طعنت على الْبَلدة فَإِنَّهَا بلدتهم الَّتِى دَعَا لَهُم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يُبَارك لَهُم فى صاعهم ومدهم وَحرمه كَمَا حرم إِبْرَاهِيم مَكَّة لَا يقتل صيدها فعلى أَيهمْ تطعن
فَقَالَ معَاذ الله أَن أطعن على أحد مِنْهُم أَو على بلدته وَإِنَّمَا أطعن على حكم من أَحْكَامه
فَقلت لَهُ وَمَا هُوَ قَالَ الْيَمين مَعَ الشَّاهِد
قلت لَهُ وَلم طعنت قَالَ فَإِنَّهُ مُخَالف لكتاب الله
فَقلت لَهُ فَكل خبر يَأْتِيك مُخَالفا لكتاب الله أيسقط قَالَ فَقَالَ لى كَذَا يجب
فَقلت لَهُ مَا تَقول فى الْوَصِيَّة للْوَالِدين فتفكر سَاعَة
فَقلت لَهُ أجب
فَقَالَ لَا تجب
قَالَ فَقلت لَهُ فَهَذَا مُخَالف لكتاب الله لم قلت إِنَّه لَا يجوز فَقَالَ لِأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا وَصِيَّة للْوَالِدين
قَالَ فَقلت لَهُ أخبرنى عَن شَاهِدين حتم من الله قَالَ فَمَا تُرِيدُ من ذَا قَالَ فَقلت لَهُ لَئِن زعمت أَن الشَّاهِدين حتم من الله لَا غَيره كَانَ ينبغى لَك أَن تَقول إِذا زنى زَان فَشهد عَلَيْهِ شَاهِدَانِ إِن كَانَ مُحصنا رَجَمْته وَإِن كَانَ غير مُحصن جلدته قَالَ فَإِن قلت لَك لَيْسَ هُوَ حتما من الله قَالَ قلت لَهُ إِذا لم يكن حتما من الله فَنَنْزِل كل الْأَحْكَام مَنَازِله فى الزِّنَا أَرْبعا وفى غَيره شَاهِدين وفى غَيره رجلا وَامْرَأَتَيْنِ وَإِنَّمَا أعنى فى الْقَتْل لَا يجوز إِلَّا شَاهِدَانِ فَلَمَّا رَأَيْت قتلا وقتلا أعنى بِشَهَادَة الزِّنَا وأعنى بِشَهَادَة الْقَتْل فَكَانَ هَذَا قتلا وَهَذَا قتلا غير أَن أحكامهما مُخْتَلفَة فَكَذَلِك كل حكم ننزله حَيْثُ أنزلهُ الله مِنْهَا بِأَرْبَع وَمِنْهَا بِشَاهِدين وَمِنْهَا بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ وَمِنْهَا شَاهد وَالْيَمِين فرأيتك تحكم بِدُونِ هَذَا
قَالَ وَمَا أحكم بِدُونِ هَذَا قَالَ فَقلت لَهُ مَا تَقول فى الرجل وَالْمَرْأَة إِذا اخْتلفَا فى مَتَاع الْبَيْت فَقَالَ أصحابى يَقُولُونَ فِيهِ مَا كَانَ للرِّجَال فَهُوَ للرِّجَال وَمَا كَانَ للنِّسَاء فَهُوَ للنِّسَاء
قَالَ فَقلت أبكتاب الله هَذَا أم بِسنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ وَقلت لَهُ فَمَا تَقول فى الرجلَيْن إِذا اخْتلفَا فى الْحَائِط فَقَالَ فى قَول أَصْحَابنَا إِذا لم يكن لَهُم بَيِّنَة ينظر إِلَى العقد من أَيْن هُوَ الْبناء فأحكم لصَاحبه
قَالَ فَقلت لَهُ أبكتاب الله قلت هَذَا أم بِسنة رَسُول الله قلت هَذَا وَقلت لَهُ مَا تَقول فى رجلَيْنِ بَينهمَا خص فيختلفان لمن يحكم إِذا لم يكن لَهما بَيِّنَة قَالَ أنظر إِلَى معاقده من أى وَجه هُوَ فأحكم لَهُ
قلت لَهُ بِكِتَاب الله قلت هَذَا أم بِسنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ وَقلت لَهُ فَمَا تَقول فى ولادَة الْمَرْأَة إِذا لم يكن يحضرها إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة وهى الْقَابِلَة وَحدهَا وَلم يكن غَيرهَا
قَالَ فَقَالَ الشَّهَادَة جَائِزَة بِشَهَادَة الْقَابِلَة وَحدهَا نقبلها
قَالَ فَقلت لَهُ قلت هَذَا بِكِتَاب الله أم بِسنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ثمَّ قلت لَهُ من كَانَت هَذِه أَحْكَامه فَلَا يطعن على غَيره
قَالَ ثمَّ قلت لَهُ أتعجب من حكم حكم بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَحكم بِهِ أَبُو بكر وَعمر وَحكم بِهِ على بن أَبى طَالب بالعراق وَقضى بِهِ شُرَيْح قَالَ وَرجل من ورائى يكْتب ألفاظى وَأَنا لَا أعلم
قَالَ فَأدْخل على هَارُون وقرأه عَلَيْهِ
قَالَ فَقَالَ لى هرثمة بن أعين كَانَ مُتكئا فَاسْتَوَى جَالِسا قَالَ اقرأه على ثَانِيًا
قَالَ فَأَنْشَأَ هَارُون يَقُول صدق الله وَرَسُوله صدق الله وَرَسُوله صدق الله وَرَسُوله قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (تعلمُوا من قُرَيْش وَلَا تعلموها قدمُوا قُريْشًا وَلَا تؤخروها) مَا أنكر أَن يكون مُحَمَّد بن إِدْرِيس أعلم من مُحَمَّد بن الْحسن
قَالَ فرضى عَنى وَأمر لى بِخَمْسِمِائَة دِينَار