الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمن غرائب أَبى سعيد الدارمى وفوائده
قَالَ أَبُو عَاصِم إِن أَبَا سعيد ذهب إِلَى أَن الثَّعْلَب حرَام أكله وروى فِيهِ خَبرا
قَالَ وروى عَن بُرَيْدَة بن سُفْيَان أَن أهل مَكَّة وَالْمَدينَة يسمون النَّبِيذ خمرًا وَهَكَذَا رَوَاهُ على بن عبد الله المدينى انْتهى
قلت قَوْله بِتَحْرِيم الثَّعْلَب // غَرِيب //
وَالْخَبَر الذى أَشَارَ إِلَيْهِ أوردهُ عُثْمَان بن سعيد الْمَذْكُور فى كتاب الْأَطْعِمَة من تأليفه وَلَفظه عَن عبد الرَّحْمَن السلمى قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا تَقول فى الذِّئْب قَالَ وَيَأْكُل ذَلِك أحد قلت يَا رَسُول الله مَا تَقول فى الثَّعْلَب قَالَ وَيَأْكُل ذَلِك أحد
قَالَ أَبُو سعيد وَهَذَا الْإِسْنَاد لَيْسَ بِذَاكَ القوى غير أَن الذِّئْب والثعلب دخلا فى نهى النبى صلى الله عليه وسلم عَن كل ذى نَاب من السبَاع فلأجل ذَلِك لَا يجوز أكلهما
68 - عَسْكَر بن الْحصين وَقيل عَسْكَر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الشَّيْخ أَبُو تُرَاب النخشبى
بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْخَاء وَفتح الشين المعجمتين وفى آخرهَا الْبَاء الْمُوَحدَة نسية إِلَى نخشب بَلْدَة من بِلَاد مَا وَرَاء النَّهر عربت فَقيل لَهَا نسف
كَانَ شيخ عصره بِلَا مدافعة جمع بَين الْعلم وَالدّين زاهدا ورعا متقشفا متقللا متوكلا متبتلا
صحب حاتما الْأَصَم إِلَى أَن مَاتَ وَخرج إِلَى الشَّام وَكتب الْكثير من الحَدِيث وَنظر فى كتب الشافعى وتفقه على مذْهبه
وَحدث عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير ونعيم بن حَمَّاد وَأحمد بن نصر النيسابورى وَغَيرهم
روى عَنهُ أَحْمد بن الْجلاء وَأَبُو بكر بن أَبى عَاصِم وَعبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل وَآخَرُونَ
قَالَ الدقى فِيمَا رَوَاهُ الْخَطِيب بِإِسْنَادِهِ سَمِعت أَبَا عبد الله بن الْجلاء يَقُول لقِيت سِتّمائَة شيخ مَا رَأَيْت فيهم مثل أَرْبَعَة أَوَّلهمْ أَبُو تُرَاب
قَالَ ابْن الصّلاح وَالثَّلَاثَة الْآخرُونَ أَبوهُ يحيى الْجلاء وَأَبُو عبيد البسرى وَذُو النُّون المصرى رضى الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ
وروى الْخَطِيب أَن أَبَا تُرَاب قَالَ مَا تمنت على نفسى قطّ إِلَّا مرّة تمنت على خبْزًا وبيضا وَأَنا فى سفرة فعدلت من الطَّرِيق إِلَى قَرْيَة فَلَمَّا دخلت وثب إِلَى رجل فَتعلق بى وَقَالَ إِن هَذَا كَانَ مَعَ اللُّصُوص قَالَ فبطحونى فضربونى سبعين جلدَة فَوقف علينا رجل فَصَرَخَ هَذَا أَبُو تُرَاب فأقامونى وَاعْتَذَرُوا إِلَى وأدخلنى الرجل منزله وَقدم إِلَى خبْزًا وبيضا فَقلت كلهما بعد سبعين جلدَة
وروى بِسَنَدِهِ إِلَى أَبى عبد الله ابْن الْجلاء قَالَ قدم أَبُو تُرَاب مرّة مَكَّة فَقلت لَهُ يَا أستاذ أَيْن أكلت فَقَالَ جِئْت بفضولك أكلت أَكلَة بِالْبَصْرَةِ وأكلة بالنباج وأكلة عنْدكُمْ
وروى بِسَنَدِهِ أَيْضا إِلَى أَبى تُرَاب قَالَ وقفت خمْسا وَخمسين وَقْفَة فَلَمَّا كَانَ من قَابل رَأَيْت النَّاس بِعَرَفَات مَا رَأَيْت قطّ أَكثر مِنْهُم وَلَا أَكثر خشوعا وتضرعا فأعجبنى ذَلِك فَقلت اللَّهُمَّ من لم تتقبل حجَّته من هَذَا الْخلق فَاجْعَلْ ثَوَاب حجتى لَهُ وأفضنا من عَرَفَات وبتنا بِجمع فَرَأَيْت فى الْمَنَام هاتفا يَهْتِف بى تتسخى علينا وَأَنا أسخى الأسخياء وعزتى وجلالى مَا وقف هَذَا الْموقف أحد قطّ إِلَّا غفرت لَهُ فانتبهت فَرحا بِهَذِهِ الرُّؤْيَا فَرَأَيْت يحيى بن معَاذ الرازى وقصصت عَلَيْهِ الرُّؤْيَا فَقَالَ إِن صدقت رُؤْيَاك فَإنَّك تعيش أَرْبَعِينَ يَوْمًا
قَالَ الراوى فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد وَأَرْبَعين جَاءُوا إِلَى يحيى بن معَاذ الرازى فَقَالُوا إِن أَبَا تُرَاب مَاتَ فَغسله وكفنه
وَعَن يُوسُف بن الْحُسَيْن كنت مَعَ أَبى تُرَاب بِمَكَّة فَقَالَ أحتاج إِلَى كيس دَرَاهِم فَإِذا رجل قد صب فى حجره كيس دَرَاهِم فَجعل يفرقها على من حوله وَكَانَ فيهم فَقير يتَرَاءَى لَهُ أَن يُعْطِيهِ شَيْئا فَمَا أعطَاهُ شَيْئا فنفدت الدَّرَاهِم وَبقيت أَنا وَأَبُو تُرَاب وَالْفَقِير فَقَالَ لَهُ تراءيت لَك غير مرّة فَلم تعطنى شَيْئا فَقَالَ لَهُ أَنْت لَا تعرف الْمُعْطى
وَعَن يُوسُف بن الْحُسَيْن صَحِبت أَبَا تُرَاب النخشبى خمس سِنِين وَحَجَجْت مَعَه على غيرطريق الجادة وَرَأَيْت مِنْهُ فى السّفر عجائب يقصرلسانى عَن شرح جَمِيعهَا غير أَنا كُنَّا مارين فَنظر إِلَى يَوْمًا وَأَنا جَائِع وَقد تورمت رجلاى وَأَنا أمشى بِجهْد فَقَالَ لى مَالك لَعَلَّك جعت قلت نعم قَالَ ولعلك أَسَأْت الظَّن بِرَبِّك قلت نعم قَالَ ارْجع إِلَى رَبك قلت وَأَيْنَ هُوَ قَالَ حَيْثُ خلفته فَقلت هُوَ معى فَقَالَ إِن كنت صَادِقا فَمَا هَذَا الْهم الذى أرى عَلَيْك قَالَ فَرَأَيْت الورم قد سكن والجوع قد ذهب ونشطت حَتَّى كدت أسبقه قَالَ أَبُو تُرَاب اللَّهُمَّ إِن عَبدك قد أقرّ لَك بالآفة فأطعمه وَنحن بَين جبال لَيْسَ فِيهَا مَخْلُوق فَانْتَهَيْنَا إِلَى رابية فَإِذا كوز مَاء ورغيف
مَوْضُوع فَقَالَ لى أَبُو تُرَاب دُونك دُونك فَجَلَست وأكلت وَقلت لَهُ ليش مَا تَأْكُل أَنْت قَالَ يَأْكُل من اشتهاه
أخبرنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الخباز بقراءتى عَلَيْهِ أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن حَمَّاد العسقلانى وَإِبْرَاهِيم بن حمد بن كَامِل المقدسى سَمَاعا قَالَا أخبرنَا عبد الْعَزِيز بن منينا وَابْن سكينَة إجَازَة قَالَا أخبرنَا مُحَمَّد ابْن عبد الباقى الأنصارى القاضى أخبرنَا الْخَطِيب أَبُو بكر الْحَافِظ أخبرنى عبيد الله ابْن أَحْمد الصيرفى حَدثنَا أَبُو الْفضل الزهرى حَدَّثَنى أَبُو الطّيب أَحْمد بن جَعْفَر الْحذاء قَالَ سَمِعت أَبَا على الْحُسَيْن بن خيران الْفَقِيه قَالَ مر أَبُو تُرَاب النخشبى بمزين فَقَالَ لَهُ تحلق رأسى لله عز وجل فَقَالَ لَهُ اجْلِسْ فَجَلَسَ فَبينا هُوَ يحلق رَأسه مر بِهِ أَمِير من أهل بَلَده فَسَأَلَ حَاشِيَته فَقَالَ لَهُم أَلَيْسَ هَذَا أَبَا تُرَاب فَقَالُوا نعم فَقَالَ أيش مَعكُمْ من الدَّنَانِير فَقَالَ لَهُ رجل من خاصته معى خريطة فِيهَا ألف دِينَار فَقَالَ إِذا قَامَ فأعطه إِيَّاهَا وَاعْتذر إِلَيْهِ وَقل لَهُ لم يكن مَعنا غير هَذِه فجَاء الْغُلَام إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ إِن الْأَمِير يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَقَالَ لَك مَا حضر مَعنا غير هَذِه فَقَالَ لَهُ ادفعها إِلَى المزين فَقَالَ المزين أيش أعمل بهَا فَقَالَ خُذْهَا فَقَالَ وَالله وَلَو أَنَّهَا ألفا دِينَار مَا أَخَذتهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو تُرَاب مر إِلَيْهِ فَقل لَهُ إِن المزين مَا أَخذهَا فَخذهَا أَنْت فاصرفها فى مهماتك
قلت سقنا هَذِه الْحِكَايَة بالسند لما فِيهَا من جليل الْفَوَائِد فَمِنْهَا حَال هَذَا المزين وَعدم أَخذه الْعِوَض على عمل عمله لله تَعَالَى فَأرى الله أَبَا تُرَاب خلقا من خلقه مزينا بِهَذِهِ الصّفة
وَمِنْهَا رد أَبى تُرَاب هَذَا الذَّهَب على هَذَا الْوَجْه فَإِن أَبَا تُرَاب إِن كَانَ عرف أَن هَذَا المزين لَا يَأْخُذهَا فَلَعَلَّهُ دَفعهَا إِلَيْهِ ليردها فيراه غُلَام ذَلِك الْأَمِير وَيعرف ويحكى لأستاذه أَن مزين أَبى تُرَاب لَا يرضى أَن يَأْخُذ ألف دِينَار على هَذَا الْعَمَل الْيَسِير فَمَا الظَّن بأبى تُرَاب وإعراضه عَن الدُّنْيَا وَإِن كَانَ أَبُو تُرَاب لم يعرف حَال المزين وَذَلِكَ بعيد عندنَا فَيكون رد المزين لَهَا تعريفا من الله لأبى تُرَاب بِمِقْدَار هَذَا المزين وتربية أَيْضا