الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَلَو أَن مَا بى من ضنى وصبابة
…
على جمل لم يدْخل النَّار كَافِر)
فَإِن مَعْنَاهُ لَو كَانَ مَا بى من الصبابة بالجمل لضعف ورق وَصَارَ بِحَيْثُ يلج فى سم الْخياط وَلَو ولج فى سم الْخياط لدخل الْكَافِر الْجنَّة على مَا قَالَ تَعَالَى {وَلَا يدْخلُونَ الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} وَلَو دخل الْجنَّة لم يدْخل النَّار فوضح أَن مَا بى من الْحبّ لَو كَانَ بالجمل لم يدْخل النَّار كَافِر
وَأَبُو عبد الله البوشنجى هُوَ النَّاقِل أَن الرّبيع ذكر أَن رجلا سَأَلَ الشافعى عَن حَالف قَالَ إِن كَانَ فى كمى دَرَاهِم أَكثر من ثَلَاثَة فعبدى حر فَكَانَ فِيهِ أَرْبَعَة لَا يعْتق لِأَنَّهُ اسْتثْنى من جملَة مَا فى يَده دَرَاهِم وَهُوَ جمع وَدِرْهَم لَا يكون دَرَاهِم فَقَالَ السَّائِل آمَنت بِمن فوهك هَذَا الْعلم فَأَنْشَأَ الشافعى يَقُول
(إِذا المعضلات تصديننى
…
كشفت حقائقها بِالنّظرِ)
الأبيات الَّتِى سقناها فى الْبَاب الْمَعْقُود ليسير من نظم الشافعى رضى الله عَنهُ
وَهَذِه فَوَائِد ونخب عَن أَبى عبد الله رحمه الله
قَالَ الْحَاكِم أَخْبرنِي أَبُو مُحَمَّد بن زِيَاد حَدثنَا الْحسن بن على بن نصر الطوسى قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله البوشنجى بسمرقند وَسَأَلَهُ أعرابى فَقَالَ لَهُ أى شئ القرطبان قَالَ كَانَت امْرَأَة فى الْجَاهِلِيَّة يُقَال لَهَا أم أبان وَكَانَ لَهَا قرطب والقرطب هُوَ السدر وَكَانَ لَهَا تَيْس فى ذَلِك القرطب وَكَانَت تنزى تيسها بِدِرْهَمَيْنِ وَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ نَذْهَب إِلَى قرطب أم أبان ننزى تيسها على معزانا فَكثر ذَلِك فَقَالَت الْعَامَّة قرطبان
قلت وَهَذِه التَّثْنِيَة مِمَّا جَاءَ على خلاف الْغَالِب فَإِن التَّثْنِيَة عِنْد الْعَرَب جعل الِاسْم
الْقَابِل دَلِيل اثْنَيْنِ متفقين فى اللَّفْظ غَالِبا وفى الْمَعْنى على رأى بِزِيَادَة ألف فى آخِره رفعا وياء مَفْتُوح مَا قبلهَا جرا ونصبا يليهما نون مَكْسُورَة فتحهَا لُغَة وَقد تضم والحارثيون يلزمون الْألف قَالَ النُّحَاة فَمَتَى اخْتلفَا فى اللَّفْظ لم يجز تثنيتهما وَمَا ورد من ذَلِك يحفظ وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ
قَالَ شَيخنَا أَبُو حَيَّان والذى ورد من ذَلِك إِنَّمَا روعى فِيهِ التغليب فَمن ذَلِك القمران للشمس وَالْقَمَر
والعمران لأبى بكر وَعمر رضى الله عَنْهُمَا
والأبوان للْأَب وَالأُم وفى الْأَب وَالْخَالَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَرفع أَبَوَيْهِ على الْعَرْش}
والأمان للْأُم وَالْجدّة
والزهدمان فى زَهْدَم وكردم ابنى قيس
والعمران لعَمْرو بن حَارِثَة وَزيد بن عَمْرو
والأحوصان الْأَحْوَص بن جَعْفَر وَعَمْرو بن الْأَحْوَص
والمصعبان مُصعب بن الزبير وَابْنه
والبحيران بحير وفراس ابْنا عبد الله بن سَلمَة
والحران الْحر وَأَخُوهُ أَبى
والعجاجان فى العجاج وَابْنه هَذَا جَمِيع مَا أوردهُ شَيخنَا فى شرح التسهيل
وَرَأَيْت الْأَخ سيدى الشَّيْخ الإِمَام أَبَا حَامِد سلمه الله ذكر فى شرح التَّلْخِيص فى الْمعَانى وَالْبَيَان مَا ذكره أَبُو حَيَّان وَزَاد فَقَالَ
والخافقان للمغرب والمشرق وَإِنَّمَا الخافق حَقِيقَة اسْم للمغرب بِمَعْنى مخفوق فِيهِ
والبصرتان لِلْبَصْرَةِ والكوفة
والمشرقان للمشرق وَالْمغْرب
والمغربان لَهما أَيْضا
والحنيفان الحنيف وَسيف ابْنا أَوْس بن حميرى
والأقرعان الْأَقْرَع بن حَابِس وَأَخُوهُ مزِيد
والطليحتان طليحة بن خويلد الأسدى وَأَخُوهُ حبال
والخزيميان والربيبان خُزَيْمَة وربيبة من باهلة بن عَمْرو
فَهَذَا مَجْمُوع مَا ذكره الشَّيْخ وَالْأَخ وفاتهما القرطبان كَمَا عرفت
والدحرضان اسْم لماءين يُقَال لأَحَدهمَا الدحرض وَللْآخر وسيع قَالَ الشَّاعِر
(شربت بِمَاء الدحرضين فَأَصْبَحت
…
زوراء تنفر عَن حِيَاض الديلم)
(والأسودان للتمر وَالْمَاء قَالَ صلى الله عليه وسلم (الأسودان التَّمْر وَالْمَاء)
والفمان للفم وَالْأنف ذكره الشَّيْخ جمال الدّين ابْن مَالك والأخوان لأخ وَأُخْت
والأذانان الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَقَالَ صلى الله عليه وسلم (بَين كل أذانين صَلَاة) أَجمعُوا أَن المُرَاد بِهِ الْأَذَان وَالْإِقَامَة
والجونان مُعَاوِيَة وَحسان ابْنا الجون الكنديان ذكره أَبُو الْعَبَّاس الْمبرد فى أَوَائِل الْكَامِل بعد نَحْو خمس كراريس مِنْهُ وَأنْشد عَلَيْهِ
(كَأَنَّك لم تشهد لقيطا وحاجبا
…
وَعَمْرو بن عَمْرو إِذْ دعوا يال دارم)
(وَلم تشهد الجونين والشعب والصفا
…
وشدات قيس يَوْم دير الجماجم)
والعاشقان اسْم للعاشق والمعشوق وَعَلِيهِ قَول الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف
(العاشقان كِلَاهُمَا متغضب
…
وَكِلَاهُمَا متوجد متحبب)
(صدت مغاضبة وَصد مغاضبا
…
وَكِلَاهُمَا مِمَّا يعالج مُتْعب)
(رَاجع أحبتك الَّذين هجرتهم
…
إِن المتيم قَلما يتَجَنَّب)
(إِن التباعد إِن تطاول مِنْكُمَا
…
دب السلو لَهُ فعز الْمطلب)
أَرَادَ بالعاشقين الْخَلِيفَة وَوَاحِدَة من حظاياه كَانَ وَقع بَينه وَبَينهَا شنآن فتهاجرا فَحدث الْعَبَّاس فى ذَلِك فأنشده هَذِه الأبيات فَقَامَ إِلَيْهَا وصالحها
والأنفان اسْم للأنف والفم ذكره وَأنْشد عَلَيْهِ
(إِذا مَا الْغُلَام الأحمق الْأُم سافنى
…
بأطراف أنفيه اشمأز فأنزعا)
وَاعْلَم أَن شَيخنَا أَبَا حَيَّان اسْتشْهد على أَن العمرين اسْم لأبى بكر وَعمر بقول الشَّاعِر
(مَا كَانَ يرضى رَسُول الله فعلهم
…
والعمران أَبُو بكر وَلَا عمر)
وَأَنا مَا أحفظ هَذَا الْبَيْت إِلَّا والطيبان أَبُو بكر وَلَا عمر وَالْوَزْن بِهِ أتم
وَاسْتشْهدَ على أَن القمرين اسْم للشمس وَالْقَمَر يَقُول الفرزدق
(أَخذنَا بآفاق السَّمَاء عَلَيْكُم
…
لنا قمراها والنجوم الطوالع)
(وَكَانَ الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد رحمه الله يَقُول إِنَّمَا أَرَادَ بالقمرين النبى صلى الله عليه وسلم وَإِبْرَاهِيم عليه السلام وبالنجوم الصَّحَابَة وَهَذَا مَا ذكره ابْن الشجرى فى أَمَالِيهِ
وَرَأَيْت فى تَرْجَمَة هَارُون الرشيد أَنه سَأَلَ من حضر مَجْلِسه عَن المُرَاد بالقمرين فى هَذَا الْبَيْت فَأجَاب بِهَذَا الْجَواب نعم أنْشد ابْن الشجرى على القمرين للشمس وَالْقَمَر قَول المتنبى
(واستقبلت قمر السَّمَاء بوجهها
…
فأرتنى القمرين فى وَقت مَعًا)
وَقَالَ أَبُو عبد الله البوشنجى فى قَوْله صلى الله عليه وسلم (البذاذة من الْإِيمَان ثَلَاثًا الْبذاء خلاف البذاذة إِنَّمَا الْبذاء طول اللِّسَان برمى الْفَوَاحِش والبهتان يُقَال فلَان بذى اللِّسَان والبذاذة رثاثة الثِّيَاب فى الملبس والمفرش وَذَلِكَ تواضع عَن رفيع الثِّيَاب وهى ملابس أهل الزّهْد
وَقَالَ الْحَاكِم حَدثنَا أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن مُحَمَّد العنبرى حَدثنَا أَبُو عبد الله البوشنجى حَدثنَا النفيلى حَدثنَا عِكْرِمَة بن إِبْرَاهِيم الأزدى قاضى الرى عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن مُوسَى بن طَلْحَة قَالَ مَا رَأَيْت أَخطب من عَائِشَة وَلَا أعرب لقد رَأَيْتهَا يَوْم الْجمل وثار إِلَيْهَا النَّاس فَقَالُوا يَا أم الْمُؤمنِينَ حدثينا عَن عُثْمَان وَقَتله فاستجلست النَّاس ثمَّ حمدت الله وأثنت عَلَيْهِ ثمَّ قَالَت أما بعد فَإِنَّكُم نقمتم على عُثْمَان خِصَالًا ثَلَاثًا إمرة الْفَتى وضربة السَّوْط وموقع الغمامة المحماة فَلَمَّا أعتبنا مِنْهُنَّ مصتموه موصى الثَّوْب بالصابون عدوتم بِهِ الْفقر الثَّلَاث عدوتم بِهِ حُرْمَة الشَّهْر الْحَرَام وَحُرْمَة الْبَلَد الْحَرَام وَحُرْمَة الْخلَافَة وَالله لعُثْمَان كَانَ أَتْقَاكُم للرب وأوصلكم للرحم وأحصنكم فرجا أَقُول قولى هَذَا وَأَسْتَغْفِر الله لى وَلكم
قَالَ الْحَاكِم سَمِعت أَبَا زَكَرِيَّا العنبرى وَأَبا بكر مُحَمَّد بن جَعْفَر يَقُولَانِ سَمِعت أَبَا عبد الله البوشنجى يَقُول فى عقب هَذَا الحَدِيث أما قَوْلهَا إمرة الْفَتى فَإِن عُثْمَان ولى الْكُوفَة الْوَلِيد بن عقبَة بن أَبى معيط لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وعزل سعد بن أَبى وَقاص
وَأما قَوْلهَا ضَرْبَة السَّوْط فَإِن عُثْمَان تنَاول عمار بن يَاسر وَأَبا ذَر بِبَعْض التَّقْوِيم كَمَا يُؤَدب الإِمَام رَعيته
وَأما قَوْلهَا موقع الغمامة المحماة فَإِن عُثْمَان حمى أحماء فى بِلَاد الْعَرَب لإبل الصَّدَقَة وَقد كَانَ عمر حمى أحماء أَيْضا كَذَلِك فَلم يُنكر النَّاس ذَلِك على عمر
فَهَذِهِ الثَّلَاث الَّتِى قالتها عَائِشَة فَلَمَّا استعتبوه مِنْهَا أعتبهم وَرجع إِلَى مُرَادهم وَهُوَ قَوْلهَا مصتموه موص الثَّوْب بالصابون والموص هُوَ الْغسْل والفقر الفرص
يُقَال أفقر الصَّيْد إِذا وجد الصَّائِد فرصته وَكَانَ عُثْمَان آمنا أَنهم لَا يعدون عَلَيْهِ فى الشَّهْر الْحَرَام وَأَنَّهُمْ لَا يسْتَحلُّونَ حرم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وهى الْمَدِينَة وَكَانَت الثَّالِثَة حُرْمَة الْخلَافَة
قلت وَمَعَ هَذَا لم يشر الشَّاعِر فى قَوْله
(قتلوا ابْن عَفَّان الْخَلِيفَة محرما
…
ودعا فَلم أر مثله مخذولا)
إِلَى شئ من الحرمات الثَّلَاث وَلَا حُرْمَة الْإِحْرَام فَإِن عُثْمَان لم يكن أحرم بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا أَرَادَ على مَا ذكر الأصمعى أَنه لم يكن أَتَى محرما يحل عُقُوبَته كَمَا سَنذكرُهُ عَن الأصمعى إِن شَاءَ الله تَعَالَى فى تَرْجَمَة أَبى نصر أَحْمد بن عبد الله الثابتى البخارى فى الطَّبَقَة الرَّابِعَة
وَقَوْلنَا فى سِيَاق هَذَا السَّنَد سَمِعت أَبَا زَكَرِيَّا وَأَبا بكر يَقُولَانِ سَمِعت أَبَا عبد الله كَذَا هُوَ فى مقتضب تَارِيخ نيسابور لِلْحَافِظِ أبي بكر الحازمى بِخَطِّهِ وَقد كتب كَمَا رَأَيْته بِخَطِّهِ فَوق سَمِعت صَحَّ وَقد أَجَاد فَإِنَّهُ حاك عَن اثْنَيْنِ قَوْلهمَا فَكل مِنْهُمَا يَقُول سَمِعت فافهمه فَهُوَ دَقِيق
وَيُشبه هَذَا الْأَثر عَن عَائِشَة رضى الله عَنْهَا فى اجْتِمَاع كثير من غَرِيب اللُّغَة فِيهِ حَدِيث زبان بن قيسور الكلفى وَيُقَال زبان بن قسور قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَازل بوادى الشوحط وَهُوَ عِنْد إِبْرَاهِيم بن سعد عَن ابْن إِسْحَاق عَن يحيى بن عُرْوَة بن الزبير عَن أَبِيه عَن زبان وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف الْإِسْنَاد لَيْسَ دون إِبْرَاهِيم بن سعد من يحْتَج بِهِ
وَقد سَاقه السهيلى فى الرَّوْض الْألف // بِدُونِ إِسْنَاد //
وَنحن نرى أَن نذْكر حَدِيث زبان بن قيسور فَإِن ابْن الْأَثِير لم يذكرهُ فى نِهَايَة غَرِيب الحَدِيث مَعَ شدَّة تفحصه فَنَقُول
عَن زبان بن قيسور رضى الله عَنهُ قَالَ رَأَيْت النبى صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَازل بوادى الشوحط فكلمته فَقلت يَا رَسُول الله إِن مَعنا لوبا كَانَت فى عيلم لنا بِهِ طرم وشمع فجَاء رجل فَضرب ميتين فأنتج حَيا وكفنه بالثمام ونحسه فطار اللوب هَارِبا ودلى مشواره فى العيلم فاشتار الْعَسَل فَمضى بِهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (مَلْعُون مَلْعُون من سرق شرو قوم فأضر بهم أَفلا تبعتم أَثَره وعرفتم خَبره) قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِنَّه دخل فى قوم لَهُم مَنْعَة وهم جيرتنا من هُذَيْل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (صبرك صبرك ترد نهر الْجنَّة وَإِن سعته كَمَا بَين اللقيقة والسحيقة يتسبسب جَريا بِعَسَل صَاف من قذاه مَا تقياه لوب وَلَا مجه نوب) حَدِيث غَرِيب
وَكَانَ صلى الله عليه وسلم قد أُوتى جَوَامِع الْكَلم فيخاطب كل قوم بلغتهم
واللوب بِضَم اللَّام وَسُكُون الْوَاو النَّحْل قَالَه السهيلى وَحَكَاهُ ابْن سَيّده فى الْمُحكم وأغفله الجوهرى والأزهرى
والعيلم بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون آخر الْحُرُوف قَالَ السهيلى هى الْبِئْر وَأَرَادَ بهَا هُنَا وقبة النَّحْل أَو الخلية وَقد يُقَال لموْضِع النَّحْل إِذا كَانَ صدعا فى جبل شيق وَجمعه شيقان
والطرم بِكَسْر الطَّاء الْمُهْملَة وَإِسْكَان الرَّاء الْعَسَل عَامَّة قَالَه ابْن سَيّده وَغَيره وَحكى الأزهرى عَن اللَّيْث أَنه الشهد
وَقَوله فَضرب ميتين فاستخرج حَيا يُرِيد أورى نَارا من زندين ضربهما فَهُوَ من بَاب الِاسْتِعَارَة شبه الزِّنَاد وَالْحجر بالميتين وَالنَّار الَّتِى تخرج مِنْهُمَا بالحى
والثمام قَالَ الجوهرى نبت ضَعِيف ذُو خوص وَرُبمَا حشى مِنْهُ أُوَسَّد بِهِ خصاص الْبيُوت فَمَعْنَى قَوْله أَنه كَفنه بالثمام أَنه ألْقى ذَلِك النبت على النَّار الَّتِى أوراها حَتَّى صَار لَهَا دُخان وَهُوَ المُرَاد بقوله نحسه قَالَ السهيلى يُقَال لكل دُخان نُحَاس وَلَا يُقَال إيام إِلَّا لدخان النَّحْل خَاصَّة يُقَال آمها يؤومها إِذا دخنها قَالَه أَبُو حنيفَة
وَيُقَال شار الْعَسَل يشوره ويشتاره إِذا اجتناه من خلاياه ومواضعه
والمشوار الْآلَة الَّتِى يقطف بهَا
وَقَوله صلى الله عليه وسلم (من سرق شرو قوم) كَذَا هُوَ فى أصل مُعْتَمد بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الرَّاء وَبعدهَا وَاو لم أجد هَذِه اللَّفْظَة فى كتب اللُّغَة
وَكَذَلِكَ قَوْله صلى الله عليه وسلم عَن نهر الْجنَّة سعته مَا بَين اللقيقة والسحيقة وكأنهما اسْم موضِعين يعرفهما الْمُخَاطب وألفيتهما كَذَلِك مضبوطين بِضَم أَولهمَا
وَقَوله صلى الله عليه وسلم (صبرك صبرك) أضمر فِيهِ الْفِعْل أى الزم صبرك وأغنى التّكْرَار عَن لُزُوم الْفِعْل كَمَا فى التحذير
ويتسبسب أى يجرى قَالَ الأزهرى يُقَال سبسب إِذا سَار سيرا لينًا فَكَأَنَّهُ استعير لجَرَيَان النَّهر بِاللَّبنِ
والنوب أَيْضا من أَسمَاء النَّحْل وَهُوَ بِضَم النُّون وَإِسْكَان الْوَاو قَالَ أَبُو ذُؤَيْب
(إِذا لسعته النَّحْل لم يرج لسعها
…
وحالفها فى بَيت نوب عواسل)
أى لم يخف لسعها
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة سميت نوبا لِأَنَّهَا تضرب إِلَى السوَاد
وَمن هَذَا المهيع يُقَال لَهُ بَاب المعاياة وصنف فِيهِ الْفُقَهَاء فَأَكْثرُوا وَرووا أَن رجلا قَالَ لأبى حنيفَة مَا تَقول فى رجل قَالَ إنى لَا أَرْجُو الْجنَّة وَلَا أَخَاف النَّار وآكل الْميتَة وَالدَّم وأصدق الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأبْغض الْحق وأهرب من رَحْمَة الله وأشرب الْخمر وَأشْهد بِمَا لم أر وَأحب الْفِتْنَة وأصلى بِغَيْر وضوء وأترك الْغسْل من الْجَنَابَة وأقتل النَّاس فَقَالَ أَبُو حنيفَة لمن حَضَره مَا تَقول فِيهِ فَقَالَ هَذَا كَافِر
فَتَبَسَّمَ وَقَالَ هَذَا مُؤمن أما قَوْله لَا أَرْجُو الْجنَّة وَلَا أَخَاف النَّار فَأَرَادَ إِنَّمَا أَرْجُو وأخاف خالقهما
وَأَرَادَ بِأَكْل الْميتَة وَالدَّم السّمك وَالْجَرَاد والكبد وَالطحَال
وَبِقَوْلِهِ أصدق الْيَهُود وَالنَّصَارَى قَول كل مِنْهُم إِن أَصْحَابه لَيْسُوا على شئ كَمَا قَالَ تَعَالَى حِكَايَة عَنْهُم
وَبِقَوْلِهِ أهرب من رَحْمَة الله الهروب من الْمَطَر
ويقوله أبْغض الْحق يعْنى الْمَوْت لِأَن الْمَوْت حق لابد مِنْهُ
وبشرب الْخمر شربه فى حَال الِاضْطِرَار
وبحب الْفِتْنَة الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد على مَا قَالَ تَعَالَى {أَنما أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة}
وبالشهادة على مَا لم ير الشَّهَادَة بِاللَّه وَمَلَائِكَته وأنبيائه وَرُسُله
وبالصلاة بِغَيْر وضوء وَلَا تيَمّم الصَّلَاة على النبى صلى الله عليه وسلم
وبترك الْغسْل من الْجَنَابَة إِذا فقد المَاء
وبالناس الَّذين يقتلهُمْ الْكفَّار وهم الَّذين سماهم الله {النَّاس} فى قَوْله {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم}
وروى أَن مُحَمَّد بن الْحسن سَأَلَ الشافعى عَن خَمْسَة زنوا بِامْرَأَة فَوَجَبَ على وَاحِد الْقَتْل وَالْآخر الرَّجْم وَالثَّالِث الْجلد وَالرَّابِع نصف الْحَد وَلم يجب على الْخَامِس شئ
فَقَالَ الشافعى الأول ذمى زنى بِمسلمَة فَانْتقضَ عَهده فَيقْتل
والثانى زَان مُحصن وَالثَّالِث بكر حر وَالرَّابِع عبد وَالْخَامِس مَجْنُون
وروى أَن الشافعى رضى الله عَنهُ سُئِلَ عَن امْرَأَة فى فِيهَا لقْمَة قَالَ زَوجهَا إِن بلعتيها فَأَنت طَالِق وَإِن أخرجتيها فَأَنت طَالِق مَا الْحِيلَة
قَالَ تبلع نصفهَا وَتخرج نصفهَا
وَأَنه جَاءَ رجل إِلَى أَبى حنيفَة رضى الله عَنهُ فَقَالَ حَلَفت بِالطَّلَاق لَا أكلم امرأتى قبل أَن تكلمنى فَقَالَ وَالْعتاق لَازم لى لَا أُكَلِّمك قبل أَن تكلمنى فَكيف أصنع
فَقَالَ اذْهَبْ فكلمها وَلَا حنث عَلَيْكُمَا
فَذهب إِلَى سُفْيَان الثورى فجَاء سُفْيَان إِلَى أَبى حنيفَة مغضبا فَقَالَ أتبيح الْفروج قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَا ذَاك فَقص لَهُ الْقِصَّة فَقَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ كَذَا إِنَّهَا لما قَالَت لَهُ إِن كلمتك فعلى الْعتاق شافهته بالْكلَام فانحلت يَمِينه فَإِذا كلمها بعد لم يَقع الطَّلَاق فَقَالَ سُفْيَان إِنَّك لتكشف مَا كُنَّا عَنهُ غافلين
وَعَن أَبى يُوسُف القاضى قَالَ طلبنى هَارُون الرشيد لَيْلًا فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ إِذا هُوَ جَالس وَعَن يَمِينه عِيسَى بن جَعْفَر فَقَالَ لى إِن عِنْد عِيسَى جَارِيَة وَسَأَلته أَن يَهَبهَا لى فَامْتنعَ وَسَأَلته أَن يَبِيعهَا فَامْتنعَ
فَقلت وَمَا مَنعك من بيعهَا أَو هبتها لأمير الْمُؤمنِينَ
فَقَالَ إِن على يَمِينا أَن لَا أبيعها وَلَا أهبها
فَقَالَ الرشيد فَهَل لَهُ فى ذَلِك مخرج
قلت نعم يهب لَك نصفهَا ويبيعك نصفهَا فَيكون لم يَهَبهَا وَلم يبعها
قَالَ عِيسَى فأشهدك أَنى قد وَهبتك نصفهَا وبعتك نصفهَا
فَقَالَ الرشيد بعد ذَلِك أَيهَا القاضى بقيت وَاحِدَة
فَقلت وَمَا هى
فَقَالَ إِنَّهَا أمة ولابد من استبرائها ولابد أَن أطلبها فى هَذِه اللَّيْلَة
فَقلت لَهُ أعْتقهَا وَتَزَوجهَا فَإِن الْحرَّة لَا تستبرأ فَفعل ذَلِك فعقدت عقده عَلَيْهَا وَأمر لى بِمَال جزيل
وَحَضَرت امْرَأَة إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَأْمُون فَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن أخى مَاتَ وَترك سِتّمائَة دِينَار فَلم أعْط إِلَّا دِينَارا وَاحِدًا
فَقَالَ كأنى بك قد ترك أَخُوك زَوْجَة وَأما وبنتين واثنى عشر أَخا وَأَنت
فَقَالَت نعم كَأَنَّك حَاضر
فَقَالَ أعطوك حَقك للزَّوْجَة ثمن الستمائة وَذَلِكَ خَمْسَة وَسَبْعُونَ دِينَارا وَللْأُمّ السُّدس وَذَلِكَ مائَة دِينَار وللبنتين الثُّلُثَانِ وَذَلِكَ أَرْبَعمِائَة دِينَار وللاثنى عشر أَخا أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ دِينَارا وَلَك دِينَار وَاحِد
وَسُئِلَ الْقفال عَن بَالغ عَاقل مُسلم هتك حرْزا وسرق نِصَابا لَا شُبْهَة لَهُ فِيهِ بِوَجْه وَلَا قطع عَلَيْهِ
فَقَالَ رجل دخل فَلم يجد فى الدَّار شَيْئا فَقعدَ فى دن فجَاء صَاحب الدَّار بِمَال وَوَضعه فَخرج السَّارِق وَأَخذه وَخرج فَلَا يقطع لِأَن المَال حصل بعد هتك الْحِرْز
وَسُئِلَ بعض الْمَشَايِخ عَن رجل خرج إِلَى السُّوق وَترك امْرَأَته فى الْبَيْت ثمَّ رَجَعَ فَوجدَ عِنْدهَا رجلا فَقَالَ مَا هَذَا قَالَت هَذَا زوجى وَأَنت عبدى وَقد بِعْتُك
فَقَالَ الشَّيْخ هُوَ عبد زوجه سَيّده بابنته وَدخل العَبْد بهَا ثمَّ مَاتَ سَيّده وَوَقعت الْفرْقَة لِأَنَّهَا ملكت زَوجهَا بِالْإِرْثِ ثمَّ إِنَّهَا كَانَت حَامِلا فَوضعت فانقضت الْعدة فَتزوّجت وباعت ذَلِك الزَّوْج لِأَنَّهُ صَار عَبدهَا
وَسُئِلَ آخر عَن رجل نظر إِلَى امْرَأَة أول النَّهَار وهى حرَام عَلَيْهِ ثمَّ حلت ضحوة وَحرمت الظّهْر وحلت الْعَصْر وَحرمت الْمغرب وحلت الْعشَاء وَحرمت الْفجْر وحلت الضُّحَى وَحرمت الظّهْر فَقَالَ هَذَا رجل نظر إِلَى أمة غَيره بكرَة واشتراها ضحوة وَأسْقط الِاسْتِبْرَاء بحيلة فَحلت لَهُ وأعتقها الظّهْر فَحرمت عَلَيْهِ فَتَزَوجهَا الْعَصْر فَحلت فَظَاهر مِنْهَا الْمغرب فَحرمت فَكفر عَن يَمِينه الْعشَاء فَحلت فَطلقهَا عِنْد الْفجْر فَحرمت فَرَاجعهَا ضحوة فَحلت فارتدت الظّهْر فَحرمت
وَلَك أَن تزيد فَتَقول ثمَّ حلت الْعَصْر ثمَّ حرمت الْمغرب حُرْمَة مُؤَبّدَة وَذَلِكَ بِأَن تكون أسلمت الْعَصْر فَبَقيت على الزَّوْجِيَّة ثمَّ لاعنها الْمغرب
وَسُئِلَ آخر عَن امْرَأَة لَهَا زوجان وَيجوز أَن يَتَزَوَّجهَا ثَالِث ويطأها فَقَالَ هَذِه امْرَأَة لَهَا عبد وَأمه زوجت أَحدهمَا بِالْآخرِ فَيصدق أَنَّهَا امْرَأَة لَهَا زوجان وَاللَّام فى لَهَا للْملك وَإِذا جَاءَ ثَالِث حر أَرَادَ نِكَاحهَا فَلهُ ذَلِك
وَسُئِلَ آخر عَن رجل قَالَ لامْرَأَته وهى فى مَاء جَار إِن خرجت من هَذَا المَاء فَأَنت طَالِق وَإِن لم تخرجى فَأَنت طَالِق
فَقَالَ لَا تطلق خرجت أَو لم تخرج لِأَنَّهُ جرى وانفصل نَقله الرافعى فى فروع الطَّلَاق
وَسُئِلَ آخر عَن رجل تكلم كلَاما فى بَغْدَاد فَوَجَبَ على امْرَأَة بِمصْر أَن تعيد صَلَاة سنة