الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمن مستغرب رِوَايَات أَبى إِبْرَاهِيم عَن الشافعى ومستظرفها
قَالَ البيهقى فى كتاب أَحْكَام الْقُرْآن الذى جمعه من كَلَام الشافعى وَهُوَ كتاب نَفِيس من ظريف مصنفات البيهقى سَمِعت أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَبْدَانِ الكرمانى يَقُول سَمِعت أَبَا الْحسن مُحَمَّد بن أَبى إِسْمَاعِيل العلوى ببخارى يَقُول سَمِعت أَحْمد بن مُحَمَّد بن حسان المصرى بِمَكَّة يَقُول سَمِعت المزنى يَقُول سُئِلَ الشافعى عَن قَول الله عز وجل {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} قَالَ مَعْنَاهُ مَا تقدم من ذَنْب أَبِيك آدم عليه السلام وهبته لَك وَمَا تَأَخّر من ذنُوب أمتك أدخلهم الْجنَّة بشفاعتك
قَالَ البيهقى وَهَذَا قَول مستظرف
قَالَ والذى وَضعه الشافعى يعْنى فى تَفْسِير هَذِه الْآيَة فى تصنيفه وَصَحَّ فى الرِّوَايَة وأشبه بِظَاهِر الْآيَة يعْنى مَا تقدم قبل الوحى وَمَا تَأَخّر أَن يعصمه فَلَا يُذنب فَعلم مَا يفعل بِهِ من رِضَاهُ عَنهُ وَأَنه أول شَافِع وَأول مُشَفع يَوْم الْقِيَامَة وَسيد الْخَلَائق كَذَا رَوَاهُ الرّبيع عَن الشافعى
قلت وَقد نقل عَن عَطاء الخراسانى مثل التَّفْسِير الذى رَوَاهُ المزنى عَن الشافعى وَهُوَ أَنه قَالَ مَا تقدم من ذَنْب أَبَوَيْك آدم وحواء ببركتك وَمَا تَأَخّر من ذَنْب أمتك بدعوتك
قَالَ الطحاوى حَدثنَا المزنى قَالَ سَمِعت الشافعى يَقُول دخل ابْن عَبَّاس على عَمْرو بن الْعَاصِ وَهُوَ مَرِيض فَقَالَ كَيفَ أَصبَحت فَقَالَ أَصبَحت وَقد أفسدت من دنياى كثيرا وأصلحت من دينى قَلِيلا فَلَو كَانَ مَا أصلحت هُوَ مَا أفسدت لفزت وَلَو كَانَ ينفعنى أَن أطلب طلبت وَلَو كَانَ ينجينى أَن أهرب هربت فعظنى بموعظة أنتفع بهَا يَا ابْن أخى فَقَالَ هَيْهَات يَا أَبَا عبد الله فَقَالَ اللَّهُمَّ إِن ابْن عَبَّاس يقنطنى من رحمتك فَخذ منى حَتَّى ترْضى
قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيم المزنى رحمه الله كنت يَوْمًا عِنْد الشافعى أسائله عَن مسَائِل بِلِسَان أهل الْكَلَام قَالَ فَجعل يسمع منى وَينظر إِلَى ثمَّ يجيبنى عَنْهَا بأحضر جَوَاب فَلَمَّا اكتفيت قَالَ لى يَا بنى أدلك على مَا هُوَ خير لَك من هَذَا قلت نعم فَقَالَ يَا بنى هَذَا علم إِن أَنْت أصبت فِيهِ لم تؤجر وَإِن أَخْطَأت فِيهِ كفرت فَهَل لَك فى علم إِن أصبت فِيهِ أجرت وَإِن أَخْطَأت لم تأثم قلت وَمَا هُوَ قَالَ الْفِقْه فَلَزِمته فتعلمت مِنْهُ الْفِقْه ودرست عَلَيْهِ
قَالَ وَكنت يَوْمًا عِنْده إِذْ دخل عَلَيْهِ حَفْص الْفَرد فَسَأَلَهُ عَن سُؤَالَات كَثِيرَة فَبَيْنَمَا الْكَلَام يجرى بَينهمَا وَقد دق حَتَّى لَا أفهمهُ إِذْ الْتفت إِلَى الشافعى مسرعا فَقَالَ يَا مزنى قلت لبيْك قَالَ تدرى مَا قَالَ حَفْص قلت لَا قَالَ خير لَك أَن لَا تدرى
قلت قَوْله بأحضر جَوَاب هُوَ بِالْحَاء الْمُهْملَة بعْدهَا ضاد منقوطة أفعل تَفْضِيل من حضر يحضر كَذَا سَمِعت والدى رحمه الله يلفظ بِهِ وَقد حَدثنَا بِهَذِهِ الْحِكَايَة من لَفظه أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن مخلوف بن جمَاعَة أخبرنَا ابْن رواج أخبرنَا السلفى أخبرنَا العلاف أخبرنَا الحمامى أخبرنَا الختلى حَدثنِي أَبُو الْيَسَار الْأَحول سَمِعت أَبَا إِبْرَاهِيم يَقُول فَذكره
قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيم سَمِعت الشافعى يَقُول مَا رفعت أحدا فَوق مَنْزِلَته إِلَّا حط منى بِمِقْدَار مَا رفعت مِنْهُ
قَالَ الرافعى فى بَاب الْمُسَابقَة عَن المزنى أَنه قَالَ سَأَلنَا الشافعى أَن يصنف لنا كتاب الرمى والسبق فَذكر لنا أَن فِيهِ مسَائِل صعابا ثمَّ أملاه علينا وَلم يسْبق إِلَى تصنيف هَذَا الْكتاب انْتهى
قلت قَوْله وَلم يسْبق إِلَى تصنيف هَذَا الْكتاب هُوَ من كَلَام
قَالَ المزنى سَمِعت الشافعى يَقُول من تعلم الْقُرْآن عظمت قِيمَته وَمن نظر فِي الْفِقْه نبل قدره وَمن كتب الحَدِيث قويت حجَّته وَمن نظر فى اللُّغَة رق طبعه وَمن نظر فى الْحساب جزل رَأْيه وَمن لم يصن نَفسه لم يَنْفَعهُ علمه
قَالَ ابْن خُزَيْمَة عَن المزنى سُئِلَ الشافعى عَن نعَامَة ابتلعت جَوْهَرَة لرجل فَقَالَ لست آمره بشئ وَلَكِن إِن كَانَ صَاحب الْجَوْهَرَة كيسا عدا على النعامة فذبحها واستخرج جوهرته ثمَّ ضمن لصَاحب النعامة مَا بَين قيمتهَا حَيَّة ومذبوحة
قَالَ المزنى سَمِعت الشافعى يَقُول رَأَيْت بِالْمَدِينَةِ أَربع عجائب رَأَيْت جدة بنت وَاحِدَة وَعشْرين سنة وَرَأَيْت رجلا فلسه القاضى فى مَدين نوى وَرَأَيْت شَيخا قد أَتَى عَلَيْهِ تسعون سنة يَدُور نَهَاره أجمع حافيا رَاجِلا على الْقَيْنَات يعلمهُنَّ الْغناء فَإِذا أَتَى الصَّلَاة صلى قَاعِدا ونسيت الرَّابِعَة
قَالَ المزنى مَرَرْنَا مَعَ الشافعى إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن علية على دَار قوم وَجَارِيَة تغنيهم
(خليلى مَا بَال المطايا كأننا
…
نرَاهَا على الأعقاب بالقوم تنكص)
فَقَالَ الشافعى ميلوا بِنَا نسْمع فَلَمَّا فرغت قَالَ الشافعى لإِبْرَاهِيم أيطربك هَذَا قَالَ لَا قَالَ فَمَا بالك
قَالَ الأنماطى قَالَ المزنى أَنا أنظر فى كتاب الرسَالَة مُنْذُ خمسين سنة مَا أعلم أَنى نظرت فِيهِ مرّة إِلَّا وَأَنا أستفيد شَيْئا لم أكن عَرفته
قَالَ المزنى سَمِعت الشافعى يَقُول الْقَدَرِيَّة الَّذين قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (هم مجوس هَذِه الْأمة) الَّذين يَقُولُونَ إِن الله لَا يعلم بالمعاصى حَتَّى تكون
وَقَالَ سَمِعت الشافعى يَقُول أَقمت أَرْبَعِينَ سنة أسأَل الَّذين تزوجوا فَمَا مِنْهُم أحد قَالَ إِنَّه رأى خيرا
قَالَ وسمعته يَقُول أظلم الظَّالِمين لنَفسِهِ من تواضع لمن لَا يُكرمهُ وَرغب فى مَوَدَّة من لَا يَنْفَعهُ
وَعَن المزنى سَمِعت الشافعى يَقُول لَا يحل لأحد سمع حَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فى رفع الْيَدَيْنِ فى افْتِتَاح الصَّلَاة وَعند الرُّكُوع وَالرَّفْع من الرُّكُوع أَن يتْرك الِاقْتِدَاء بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم
قلت هَذَا صَرِيح فى أَنه يُوجب ذَلِك
وروى الْحَافِظ أَبُو الْحسن على بن الْحسن بن حمكان فى كِتَابه فى مَنَاقِب الشافعى أَن المزنى قَالَ سَمِعت الشافعى يَقُول بعث إِلَى هَارُون الرشيد لَيْلًا الرّبيع فهجم على من غير إِذن فَقَالَ لى أجب
فَقلت لَهُ فى مثل هَذَا الْوَقْت وَبِغير إِذن
قَالَ بذلك أمرت
فَخرجت مَعَه فَلَمَّا صرت بِبَاب الدَّار قَالَ لى اجْلِسْ فَلَعَلَّهُ قد نَام أَو قد سكنت سُورَة غَضَبه فَدخل فَوجدَ الرشيد منتصبا فَقَالَ مَا فعل مُحَمَّد بن إِدْرِيس قلت قد أحضرته فَخرجت فأشخصته
قَالَ الشافعى فتأملنى ثمَّ قَالَ لى يَا مُحَمَّد أرعبناك فَانْصَرف راشدا يَا ربيع احْمِلْ مَعَه بدرة ودراهم قَالَ فَقلت لَا حَاجَة لى فِيهَا قَالَ أَقْسَمت عَلَيْك إِلَّا أَخَذتهَا فَحملت بَين يدى
فَلَمَّا خرجت قَالَ لى الرّبيع بالذى سخر لَك هَذَا الرجل مَا الذى قلت فإنى أحضرتك وَأَنا أرى مَوضِع السَّيْف من قفاك فَقلت سَمِعت مَالك بن أنس يَقُول