الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعد:
فهذا كتاب "العمدة في الأحكام" للإمام الحافظ أبي محمد؛ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي رحمه الله.
وهذا تعريف موجز بالمؤلِّف.
اسمه ونسبه:
هو الإمام، العالم، الحافظ، الكبير، الصادق، العابد، الأثري، عالم الحفاظ، تقي الدين؛ أبو محمد: عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر المقدسي، الجماعيلي، ثم الدمشقي المنشأ الصالحي.
مولده:
اختلف في مولد الحافظ عبد الغني رحمه الله، فقيل: سنة [541 هـ]. وقيل: [543 هـ]. وقيل: [544 هـ].
صفاته الخَلْقية:
قال الضياء المقدسي: "ليس بالأبيض الأمهق، بل يميل إلى السمرة، حسن الشعر، كث اللحية، واسع الجبين، عظيم الخلق، تام القامة، كأن النور يخرج من وجهه، وكان قد ضعف بصره من البكاء، والنسخ، والمطالعة".
رحلاته:
لقد كان الحافظ عبد الغني شأنه شأن الحفاظ الكبار من قبله، فقلما تجد حافظًا من الحفاظ إلا وقد رحل في طلب العلم.
ولقد بدأ الحافظ رحمه الله رحلاته وهو في العشرين من عمره تقريبًا، إذ رحل إلى بغداد سنة [561]، وإذا عرفت أنهم لم يكونوا يرحلون إلا بعد سماعهم من مشايخ بلدانهم، علمت أنه طلب العلم منذ صغره رحمه الله.
فرحل إلى بغداد مرتين.
رحل المرة الأولى سنة [561]، هو، وابن خاله الشيخ موفق الدين بن قدامة، واستغرقت إقامتهما ببغداد نحو أربع سنوات، وكان الحافظ رحمه الله ميله إلى الحديث، والموفق يريد الفقه، وكان من أثر تلازمهما تفقه الحافظ، وسماع ابن قدامة.
ثم رحل إلى الحافظ أبي طاهر السِّلفي بالإسكندرية مرتين:
الأولى سنة [566]، وأقام مدة، والثانية سنة [570]، وسمع من السلفي كثرًا، فقد كتب عنه نحوًا من ألف جزء.
وكان قبل رحيله إلى السلفي يحضر مجالس الحديث بدمشق، وكان يحضرها أيضًا الملك نور الدين بن زنكي، وكان إذا أشكل شيء على القارىء، بينه الحافظ، ففقده الملك بعد ذلك، فقال: أين ذاك الشاب؟، فقيل: سافر.
وهذا يدل على نباهته، وقوة حفظه منذ الصغر.
ورحل إلى مصر أيضًا مرتين، فسمع وحدث، وحدثت له فيها أحداث منها: أنه اجتمع بالملك العادل، إذ يقول هو في ذلك:
"والملك العادل اجتمعت به، وما رأيت منه إلا الجميل،
فأقبل عليَّ، وقام لي، والتزمني، ودعوت له، ثم قلت: عندنا قصور هو الذي يوجب التقصير، فقال: ما عندك لا تقصير ولا قصور، وذكر أمر السنة، فقال: ما عندك شيء تعاب به، لا في الدين ولا الدنيا، ولابد للناس من حاسدين".
وقال الضياء: ولما وصل إلى مصر كُنَّا بها، فكان إذا خرج للجمعة لا نقدر نمشي معه من كثرة الخلق. . . يجتمعون حوله، وكنا أحداثًا نكتب الحديث حوله، فضحكنا من شيء وطال الضحك، فتبسم، ولم يحرد علينا.
ورحل أيضًا إلى أصبهان، واجتمع بالحافظ أبي موسى المديني.
قال الضياء: سمعت الإمام عبد الله بن أبي الحسن الجبائي بأصبهان يقول: أبو نعيم قد أخذ على ابن منده أشياء في كتاب الصحابة، فكان الحافظ أبو موسى يشتهي أن يأخذ على أبي نعيم في كتابه الذي في الصحابة، فما كان يجسر، فلما قدم الحافظ عبد الغني أشار إليه بذلك، فاخذ على أبي نعيم نحوًا من مئتين وتسعين موضعًا.
ولذلك كان أبو موسى رحمه الله يقول: "قل من قدم علينا يفهم هذا الشأن كفهم الشيخ الإمام ضياء الدين أبي محمد؛ عبد الغني المقدسي، وقد وفق لتبين هذه الغلطات، ولو كان الدارقطني وأمثاله في الأحياء، لصوبوا فعله، وقل من يفهم في زماننا ما فهم، زاده الله علمًا وتوفيقًا".