الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليه ضرورة، فلا يجوز إلا بكلام مستقل في المعنى موفٍّ بالمقصود 1، والابتداء نوعان:
1-
ابتداء حسن، 2- ابتداء قبيح.
الأول: يجوز الابتداء به. الثاني: لا يجوز الابتداء به.
فالنوع الأول: الابتداء بكلام مستقل في المعنى بحيث لا يُغَيِّر ما أراده الله تعالى، وأمثلته واضحة جَلِيَّة لا تحتاج إلى بيان.
والنوع الثاني: هو الابتداء بكلام يفسد المعنى أو يُحِيلُه ويُغَيِّرُه، وهذا يتفاوت في القبح، فإذا ابتدأت بكلمة متعلقة بما قبلها لفظًا ومعنى نحو قوله تعالى:{أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} 2 فهو ابتداء قبيح؛ لأنه يجعل المعنى مبتورًا ولا بد من الابتداء بما قبله.
أما إذا ابتدأت بكلمة تغير معنى ما أراده الله تعالى مثل: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} 3 وقوله: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} 4، وقوله:{وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} 5 وقوله: {لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي} 6 فهو أشد قبحًا، وكل هذا ونحوه جَلِيٌّ في القبح يجب على القارئ أن يتجنبه ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
ويُشْبِه الوقف: السَّكْت والقَطْع. وفيما يلي بيان كل منهما.
1 انظر: "النشر في القراءات العشر" "ج: 1، ص322، بتصرف.
2 سورة المسد: 1.
3 سورة المائدة: 64.
4 سورة التوبة: 30.
5 سورة الممتحنة: 1.
6 سورة يس: 22.
السكت والقطع:
تعريفُ السَّكْتِ:
السكت لغة: المنع. يقال: سَكَتَ الرجل عن الكلام أي امتنع عنه1.
واصطلاحًا: قَطْعُ الصوت على الكلمة القرآنية زمنًا يسيرًا من غير تنفس مقداره حركتان، وهو مقيد بالسماع والنقل كما قال الإمام ابن الجزري فلا يجوز إلا فيما صحَّت الرواية به2.
1 من كتاب "نهاية القول المفيد في علم التجويد" ص153.
2 انظر: "النشر في القراءات العشر""ج: 1، ص337".
وقد رُوي السَّكْت وجوبًا عن حفص في أربعة مواضع بمعنى إذا وصل الكلمة بما بعدها فليس له إلا السَّكت، وفيما يلي بيان هذه المواضع:
أولا: السكت على ألف: "عوجًا" من قوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا، قَيِّمًا} بالكهف1.
ثانيًا: السَّكْت على ألف: "مرقدنا" من قوله سبحانه: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا} بـ"يس"2.
ثالثًا: السَّكْت على نون: "من" من قوله تعالى: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} بالقيامة3.
رابعًا: السَّكت على لام: "بل" من قوله عَزَّ مِنْ قائل: {كَلَاّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} بالمطففين4 وعلامة السكت في المصحف وضع "س" على الكلمة المطلوب السكت عليها كما ترى في الأمثلة.
وقد أشار الإمام الشاطبي إلى هذه المواضع بقوله:
وسكتة حفص دون قطع لطيفة
…
على ألف التنوين في عوجا بَلا
وفي نون من راق ومرقدنا ولا
…
م بل ران والباقون لا سكت موصلا
كما روي السكت عن حفص جوازًا في موضعين:
أولا: السَّكت بين سورتي الأنفال وبراءة، وهو أحد أوجه ثلاثة سبق الكلام عليها وهي القطع والسكت والوصل.
ثانيًا: السكت على الهاء في "ماليه" من قوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} 5 بالحاقة فيجوز لحفص السكت وعدمه في حالة الوصل، والسكت هو المقدَّم في الأداء.
1 الآية: 1، 2.
2 الآية: 52.
3 الآية: 27.
4 الآية: 14 وسيأتي الكلام على الحكمة من السكت الواجب ص293.
5 الآية: 28، 29.