الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكم الثاني الإدغام
مدخل
…
الحكم الثاني: الإدغام
تعريفُهُ:
الإدغام لغةً: إدخال الشيء في الشيء، تقول: أدغمت اللِّجامَ في فم الفرس، أي أدخلته فيه.
واصطلاحًا: إدخال حرف ساكن في حرف متحرك بحيث يصيران حرفًا واحدًا مشددًا، وقد عرفه ابن الجزري بقوله: النطق بالحرفين حرفًا كالثاني مشددًا.
حروفُهُ:
وحروف الإدغام ستة، مجموعة في كلمة: يَرْمُلُون، وهي الياء والراء والميم واللام والواو والنون.
أقسامُهُ:
ينقسم الإدغام إلى قسمين:
1-
إدغام بغنة، 2- إدغام بغير غنة.
أما الإدغام بغنة: فله أربعة أحرف مجموعة في كلمة: ينمو، وهي الياء والنون والميم والواو فإذا وقع حرف منها بعد النون الساكنة -بشرط أن تكون النون في آخر الكلمة الأولى وحرف الإدغام في أول الكلمة التالية- أو بعد التنوين -ولا يكون إلا من كلمتين- أو بعد نون ملحقة بالتنوين في قوله تعالى:{وَلِيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} 1 خاصة، وَجَبَ الإدغام مع الغنة إلا في موضعين وهما:{يس، وَالْقُرْآنِ} ، {ن والقَلَمِ} فالحكم فيها الإظهار على خلاف القاعدة مراعاة للرِّواية عن حفص، فالنون فيهما ملحقة بالإظهار المطلق الآتي ذكره.
1 سورة يوسف: 32. وهي نون توكيد خفيفة اتصلت بالفعل المضارع.
أما إذا وقع حرف الإدغام بعد النون الساكنة في كلمة واحدة وجب الإظهار ويسمى إظهارًا مطلقًا لعدم تقييده بحلقي أو شفوي أو قمري، ولا يكون إلا عند الياء والواو، ولم يقعا في القرآن إلا في أربعة مواضع:{الدُّنْيَا} 1، {بُنْيَانٌ} 2، {صِنْوَانٌ} 3، {قِنْوَانٌ} 4، وسبب ظهور النون عندهم لئلا تلتبس بالمضاعف لو أدغمت، وكذا المحافظة على وضوح المعنى إذا لو أدغمت لصار خفيًّا.
وأما في {يس} ، {ن} فسبب الإظهار فيهما مراعاة للانفصال الحكمي؛ لأن النون فيهما وإن اتصلت بما بعدها لفظًا في حالة الوصل فهي منفصلة حكمًا، وذلك لأن كلا من "يس، ن"، اسم للسورة التي بدئت بها، والنون فيهما حرف هجاء لا حرف مبنى، وما كان كذلك فحقه الفصل عما بعده فيظهر في الوصل كظهوره في الوقف.
وأما {طسم} أول الشعراء والقصص فرواية حفص فيها: إدغام النون في الميم، وكان حقها الإظهار؛ لاجتماع النون والميم في كلمة واحدة، وقد قال بعض العلماء: وجه الإدغام في طسم هو مراعاة للاتصال اللَّفظي ليتأتى معه التخفيف بالإدغام، ولعدم صحة الوقف عليها؛ لأنها جزء كلمة، والوقف لا يكون إلا على تمام الكلمة5، والعبرة في ذلك كله بالرواية.
1 سورة الملك: 5.
2 سورة الصف: 4.
3 سورة الرعد: 4.
4 سورة الأنعام: 99.
5 انظر: كتاب "أحكام قراءة القرآن الكريم" للشيخ الحصري، ص159.
نموذج من أمثلة الإدغام بغنة:
وأما الإدغام بغير غنة: فله حرفان وهما: اللام والراء، فإذا وقع حرف منهما بعد النون الساكنة من كلمتين أو بعد التنوين -ولا يكون إلا كذلك- وجب الإدغام بغير غنة إلا في نون {مَنْ رَاقٍ} 9 لما فيها من وجوب السَّكْت المانع من الإدغام.
ووجه حذف الغنة في هذا القسم المبالغة في التخفيف لما في بقائها من الثِّقَل.
نموذج من أمثلة الإدغام بغير غنة:
1 سورة النساء: 13.
2 سورة الغاشية: 2.
3 سورة المائدة: 24.
4 سورة الإنسان: 2.
5 سورة الطارق: 7.
6 سورة البينة: 2.
7 سورة الرعد: 11.
8 سورة البلد: 3.
9 سورة القيامة: 27.
10 سورة الجن: 5.
11 سورة البلد: 6.
12 سورة النساء: 64.
13 سورة الحاقة: 21.
أنواع الإدغام من حيث الكمال أوالنقصان:
الإدغام نوعان:
1-
إدغام كامل. 2- إدغام ناقص.
والإدغام الكامل:
هو ذَهَابُ ذَاتِ الحرف وصفته معًا، ويكون عند اللام والراء لكمال التشديد فيهما باتفاق العلماء، وَعَلَامَتُهُ: وضع الشَّدة على المدغم فيه.
والإدغام الناقص:
هو ذهاب ذات الحرف وإبقاء صفته وهي الغنة التي تكون مانعة من كمال التشديد؛ وذلك عند الحروف الأربعة الباقية حيث تشبه الإطباق في "أحطت".
وقيل: الإدغام الكامل يكون عند أربعة أحرف، وهي اللام والراء والنون والميم1، واحتج أصحاب هذا الرأي بأن الغنة الموجودة عند ملاقاة النون والميم ليست غنة النون الساكنة أو التنوين وإنما هي غنة النون والميم المدغم فيهما؛ لأن الغنة صفة ملازمة لهما.
وعلى هذا جرى العمل في ضبط المصاحف بوضع شدَّة على هذه الحروف الأربعة، وتَعْرِيَةِ الواو والياء منها، وقد اتفق العلماء على أن غنة الإدغام في الواو والياء هي غنة المدغم وهو النون الساكنة والتنوين، وغنة الإدغام في النون هي غنة المدغم فيه وأما في الميم فقد اختلفوا، فذهب بعضهم إلى أنها غنة المدغم، وذهب الجمهور إلى أنها غنة المدغم فيه، وهو الصحيح؛ لأن النون الساكنة والتنوين يقلبان ميماً عند إدغامهما في الميم.
أسبابُ الإدغامِ:
أما أسباب الإدغام عامة فثلاثة:
1-
التماثل، 2- التجانس، 3- التقارب.
فالتماثل بالنسبة للنون، والتقارب بالنسبة لبقية الحروف الخمسة، هذا على مذهب الخليل بن أحمد الذي يعتبر المخارج سبعة عشر، وكذا مذهب سيبويه الذي يعتبر المخارج ستة عشر، أما على مذهب الفَرَّاء الذي يعتبر المخارج أربعة عشر فالتَّماثُل مع النون
1 انظر: "العميد في علم التجويد" ص25، وانظر:"إتحاف فضلاء البشر" ص32 حيث قال: إن مقتضى كلام الجعبري أن الإدغام يكون كاملا إذا كانت الغنة للمدغم فيه لا للمدغم.
والتقارب مع الميم والياء والواو والتجانس مع اللام والراء حيث يعتبر اللام والنون والراء تخرج من مخرج واحد وهو طرف اللسان.
فائدةُ الإدغامِ:
أما فائدة الإدغام فهي: التخفيف؛ لأن المدغم والمدغم فيه ينطق بهما حرفًا واحدًا مشددًا.
تَتِمَّةٌ:
إن كان الحرفان متماثلين أدغم الأول في الثاني ولا زيادة على ذلك مثل: {مِنْ نِعْمَةٍ} 1 وإن كانا متقاربين أو متجانسين قُلِبَ الأول حرفًا مماثلا للثاني ثم أدغم فيه، كأن تقلب النون ميمًا ثم تدغم في الميم بعدها في مثل:{مِنْ مَاءٍ} 2، وكأن تقلب النون لامًا ثم تدغم في اللام بعدها في مثل:{مِنْ لَدُنْهُ} 3 وما قيل في النون يقال في التنوين4.
وإلى حكم الإدغام وأقسامه يشير الْجَمْزُوري في التُّحْفَة بقوله:
والثانِ إدغامٌ بستةٍ أَتَتْ
…
في يَرْمُلُون عندهم قد ثَبَتَتْ
لكنَّها قِسْمَانِ قسمٌ يُدْغَمَا
…
فيهِ بِغُنَّةٍ بِيَنمُو عُلِمَا
إلا إذا كَانَا بِكِلْمةٍ فلا
…
تُدْغِمْ كدُنْيَا ثم صِنْوَانٍ تَلا
والثانِ إدغامٌ بغيرِ غُنَّةْ
…
في اللَّام والرَّا ثُمَّ كَرِّرَنَّهْ
1 سورة الليل: 19.
2 سورة الطارق: 6.
3 سورة الكهف: 2.
4 انظر: "أحكام قراءة القرآن الكريم" للشيخ محمود الحصري، ص157.