الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(342) باب طواف الوداع
2844 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت". وفي رواية قال: "ينصرفون كل وجه". ولم يقل "في كل وجه".
2845 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت. إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.
2846 -
عن طاووس. قال: كنت مع ابن عباس. إذ قال زيد بن ثابت: تفتي أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت؟ فقال له ابن عباس: إما لا. فسل فلانة الأنصارية. هل أمرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فرجع زيد بن ثابت إلى ابن عباس يضحك. وهو يقول: ما أراك إلا قد صدقت.
2847 -
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: حاضت صفية بنت حيي بعد ما أفاضت. قالت عائشة: فذكرت حيضتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أحابستنا هي؟ " قالت فقلت: يا رسول الله! إنها قد كانت أفاضت وطافت بالبيت. ثم حاضت بعد الإفاضة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فلتنفر".
2848 -
عن ابن شهاب بهذا الإسناد قالت: طمثت صفية بنت حيي. زوج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع. بعد ما أفاضت طاهراً. بمثل حديث الليث.
2849 -
وفي رواية، عن عائشة رضي الله عنها: أنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن صفية قد حاضت. بمعنى الحديث السابق.
2850 -
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كنا نتخوف أن تحيض صفية قبل أن تفيض. قالت: فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "أحابستنا صفية؟ " قلنا: قد أفاضت. قال "فلا. إذن".
2851 -
عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! إن صفية بنت حيي قد حاضت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لعلها تحبسنا. ألم تكن قد طافت معكن بالبيت؟ " قالوا: بلى. قال "فاخرجن".
2852 -
عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد من صفية بعض ما يريد الرجل من أهله. فقالوا: إنها حائض. يا رسول الله! قال: "وإنها لحابستنا؟ " فقالوا: يا رسول الله! إنها قد زارت يوم النحر. قال: "فلتنفر معكم".
2853 -
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفر، إذا صفية على باب خبائها كئيبة حزينة. فقال "عقرى! حلقى! إنك لحابستنا" ثم قال لها "أكنت أفضت يوم النحر؟ " قالت: نعم. قال: "فانفري".
2854 -
وفي رواية عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. نحو الحديث السابق. غير أنها لا تذكر:"كئيبة حزينة".
-[المعنى العام]-
كان المسلمون قبل حجة الوداع يؤدون مناسك الحج، ثم ينصرفون كل إلى وجهه ومقصده، دون أن يطوفوا بالبيت طواف الوداع.
ولما كان واجب القادم إذا دخل مكاناً أن يبدأ بالتحية، وإذا غادره ودع بالتحية، ولما
كانت تحية المسجد الحرام الطواف كان المناسب للحاج أن يختم أعماله في مكة بطواف الوداع، فأمر صلى الله عليه وسلم أصحابه في حجة الوداع بأن يكون آخر عهدهم بالحرم طواف الوداع، فقال: لا ينفرن أحد ولا يغادر الحرم إلا أن يكون طواف الوداع آخر عهده بالبيت، ورخص صلى الله عليه وسلم للحائض أن تنفر وتسافر دون طواف الوداع مادامت قد طافت طواف الركن، طواف الإفاضة. والله أعلم.
-[المباحث العربية]-
(كان الناس ينصرفون في كل وجه) أي يتوجهون إلى بلادهم دون أن يطوفوا طواف الوداع.
(لا ينفرن أحد) أي لا يذهبن أحد من منى إلى بلده.
(حتى يكون آخر عهده بالبيت) آخر "عهده" اسم كان، و"بالبيت" خبرها والمقصود طواف الوداع، وليس مجرد رؤية البيت أو دخوله، والتقدير: حتى يكون آخر عهده بالطواف بالبيت.
(أمر الناس) بضم الهمزة، مبني للمجهول، والآمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء صريحاً في الأحاديث الأخرى.
(تفتي أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت؟ ) الكلام على الاستفهام الإنكاري، أي لا ينبغي أن تفتي بذلك، لأن زيد بن ثابت كان يقول: لا تنفر حتى تطهر وتطوف بالبيت، ومعنى "تصدر الحائض" بفتح التاء وضم الدال بينهما صاد ساكنة أي ترجع وتنصرف من منى إلى بلدها.
(إما لا فسل فلانة الأنصارية)"ما" زائدة، دخلت على "إن" كما في قوله تعالى {فإما ترين من البشر أحداً فقولي} [مريم: 26]. و"لا" أمالتها العرب إمالة خفيفة، قال ابن الأثير: والعوام يشبعون إمالتها، فتصير ألفها ياء، وهو خطأ، و"لا" في قوة جملة، أي تتضمن جملة وتغني عنها، كما في قولهم: إن زارك فزره وإلا فلا، أي وإن لم يزرك. والمعنى هنا إن لم تقبل فتواي فسل فلانة. والمراد من فلانة الأنصارية أم سليم (بضم السين) الأنصارية، أم أنس فقد روى أبو داود الطيالسي عن عكرمة قال: اختلف ابن عباس وزيد بن ثابت في المرأة إذا حاضت وقد طافت بالبيت يوم النحر، فقال زيد: يكون آخر عهدها بالبيت. وقال ابن عباس: تنفر إن شاءت. فقال الأنصار: لا نتابعك يا ابن عباس وأنت تخالف زيداً. فقال: سلوا صاحبتكم أم سليم. فسألوها فقالت: "حضت بعد ما طفت بالبيت، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن انفري. فقالت: وحاضت صفية، فقالت لها عائشة. حبستنا، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنفر".
(ما أراك إلا قد صدقت) وفي بعض الروايات "إني وجدت الذي قلت مثل ما قلت" و"أراك" بمعنى أعتقدك، قال ذلك بعد أن سأل أم سليم.
(فلتنفر) بكسر الفاء وضمها، والكسر أفصح، أي فلتدفع ولتخرج من مكة إلى وطنها المدينة دون طواف الوداع.
(قالوا: بلى) كان الظاهر (قلن: بلى) فالخطاب للنساء "ألم تكن قد طافت معكن"؟ لكن يحتمل أنه كان معهن أتباع من الرجال فغلبوا. ففي الرواية السابعة "فقالوا: إنها حائض .... فقالوا: إنها قد زارت -أي طافت طواف الزيارة، وهو طواف الركن والإفاضة- قال: فلتنفر معكم".
(كئيبة حزينة) يقال: كئب بكسر الهمزة يكأب بفتح الهمزة كآبة تغيرت نفسه وانكسرت من شدة الهم والحزن.
(عقرى حلقى) سبق شرحها بالتفصيل في لغويات الرواية السابعة والعشرين من باب وجوه الإحرام وحجة النبي صلى الله عليه وسلم.
-[فقه الحديث]-
قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: من فرغ من مناسكه، وأراد المقام بمكة ليس عليه طواف الوداع، وهذا لا خلاف فيه، سواء كان من أهلها أو غريباً، وإن أراد الخروج من مكة إلى وطنه أو غير وطنه طاف طواف الوداع وفي حكمه قولان مشهوران: أصحهما أنه واجب، لحديث "لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت" والثاني لا يجب، بل هو سنة، لأنه لو وجب لم يجز للحائض تركه، ولأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبره بدم. اهـ
وقال البدر العيني: قال مالك وداود وابن المنذر: هو سنة لا شيء في تركه، وقال الحنفية: هو واجب على الآفاقي، دون المكي والميقاتي ومن دونهم، وقال أبو يوسف: أحب إلي أن يطوف المكي، لأنه يختم المناسك ولا يجب على الحائض والنفساء، ولا على المعتمر لأن وجوبه عرف نصاً في الحج، فيقتصر عليه.
واختلفوا فيمن ودع ثم بدا له شراء حوائجه، فقال عطاء: يعيد حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت، وبنحوه قال الثوري والشافعي وأحمد. وقال مالك: لا بأس أن يشتري بعض حوائجه وطعامه من السوق، ولا شيء عليه، وإن أقام يوماً أو نحوه أعاد، وقال أبو حنيفة: لو ودع وأقام شهراً أو أكثر أجزأه، ولا إعادة عليه. اهـ
أما الحائض والنفساء فطواف الوداع ساقط عنها عند عامة أهل العلم، وخالف في ذلك
بعضهم، فقالوا: لا يحل لأحد أن ينفر حتى يطوف طواف الوداع، ولم يعذروا في ذلك حائضاً لحيضها، ذكره الطحاوي.
وقال ابن المنذر روى ذلك عن عمر وابن عمر وزيد بن ثابت، فإنهم أمروا الحائض بالمقام لطواف الوداع. فكأنهم أوجبوه عليها كما يجب عليها طواف الإفاضة، وقد ثبت رجوع ابن عمر وزيد بن ثابت عن ذلك.
قال النووي: لكن يستحب للحائض أن تقف على باب المسجد الحرام وتدعوا. والله أعلم.
هذا ولبحث طواف الوداع تتمة تأتي بعد اثنى عشر باباً تحت باب: ما يقيم المهاجر بمكة. فلتراجع.
والله أعلم