الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(378) باب ما يستحب أن يقوله عند الجماع
3130 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله، قال باسم الله. اللهم! جنبنا الشيطان. وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً".
3131 -
وفي رواية كالسابق وليس فيها ذكر "باسم الله". وفي رواية عبد الرزاق عن الثوري "باسم الله". وفي رواية ابن نمير قال منصور "أراه قال باسم الله".
-[المعنى العام]-
معركة الإنسان بينه وبين الشيطان في هذه الحياة بدأت منذ خلق آدم عليه السلام، ومنذ وسوس إليه الشيطان لينسيه ذكر ربه، ومنذ توعد إبليس ذرية آدم بالإغواء، والإبعاد عن ذكر الله، واستخدام الشيطان من وسائل الشهوات، شهوة البطن، وشهوة الفرج، ففيهما تضعيف الروحانية، وتطغى وتعلو المادية الشهوانية الحيوانية، فكانت اللفتة الإسلامية للمؤمن، أن يصحو لعدوه وأن يأخذ حذره منه، وأن يستعين بالله على شيطانه، وأن يدعو ربه أن يبارك له في شهوته، وأن يبارك في ثمرتها، وأن يحميه ويحمي نتاجه من الشيطان الرجيم، وقد وعدنا الله تعالى على لسان نبيه أن يجيب دعاء الداعي، وأن يحفظ النطفة والمولود المحصن بهذا الدعاء من الشيطان وشباكه ومكايده وأضراره. ونعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
-[المباحث العربية]-
(لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: ) يقال: أتى أهله أي جامع زوجته، وفي رواية للبخاري "أما أن أحدكم لو يقول حين يجامع أهله" وفي رواية "أما لو أن أحدهم يقول حين يأتي أهله" وفي رواية "لو أن أحدهم إذا جامع امرأته ذكر الله" فبعض الروايات تطلب ذكر الله قبل الجماع وحين إرادته، وقبل الشروع فيه، وبعضها تطلبه حين الجماع، أي وقت المباشرة، وسنعرض الرأيين في فقه الحديث.
(بسم الله. اللهم جنبنا الشيطان) في رواية للبخاري "ذكر الله ثم قال اللهم جنبني" بالإفراد.
(فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك) أي في ذلك الوقت، أو في ذلك الوقاع وفي ذلك الجماع، أو في ذلك الحال.
(لم يضره شيطان أبداً) بتنكير "شيطان" وفي رواية "لم يسلط عليه الشيطان، أو لم يضره الشيطان" فاللام للعهد، والمعهود الشيطان المذكور في دعائه "اللهم جنبنا الشيطان" وسيأتي في فقه الحديث تفصيل الضرر المنفي.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: قال القاضي: معنى "لا يضره شيطان" أي لا يصرعه، وقيل: لا يطعنه عند ولادته، بخلاف غيره، قال: ولم يحمله أحد على العموم في جميع الضرر والوسوسة والإغواء.
وقال الحافظ ابن حجر: واختلف في الضرر المنفي، بعد الاتفاق على ما نقل عياض على عدم الحمل على العموم في أنواع الضرر، وإن كانت صيغة النفي مع التأبيد ظاهره في الحمل على عموم الأحوال، لكن هذا الظاهر غير مراد باتفاق. ثم اختلفوا. فقيل: لا يطعنه عند ولادته، فإن هذا الطعن نوع ضرر في الجملة، وقد روى البخاري "كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعيه حين يولد غير عيسى ابن مريم" كذا قال الحافظ ولعله يريد: فإن هذا الطعن يؤثر ضرراً مستقبلاً يحمي الله منه بذكر الله عند الجماع الذي كان منه. وقيل: المعنى لم يسلط عليه من أجل بركة التسمية، بل يكون من جملة العباد الذين قال الله فيهم {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} [الحجر: 42]. أقول: وبركة الذكر على هذا مرتبطة بإخلاص الذاكر وأهليته للقبول والبركة، وقيل: لم يفتنه عن دينه إلى الكفر، وليس المراد عصمته من المعصية، وقيل: لم يصرعه ولم يصبه بالخبل، وقيل: لم يضره بمشاركة أبيه في جماع أمه. قال الحافظ: ولعل هذا أقرب الأجوبة. اهـ أما متى يقول هذا الذكر؟ وهذا الدعاء؟ فمذهب الجمهور أن يقوله في مقدمات المباشرة، كتشمير ثيابه، ومداعباته وتهيئه وقبل الإيلاج، وأجاز مالك أن يقوله عند المباشرة، بل في أثنائها. ومن نسي يذكر الله، ويدعو بقلبه دون لسانه عند الجمهور.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 -
استحباب التسمية والدعاء عند كل عمل، والمحافظة على ذلك، حتى في حالة الملاذ كالوقاع.
2 -
الاعتصام بذكر الله، ودعاء الله من الشيطان، والتبرك باسمه، والاستعاذة به من كل سوء.
3 -
الحث على أن يستحضر المؤمن أن الميسر لأي عمل، والمعين عليه هو الله تعالى.
4 -
أن الشيطان ملازم لابن آدم، لا ينطرد عنه إلا بذكر الله تعالى.
5 -
فيه رد على من منع المحدث من ذكر الله.
والله أعلم