المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(372) باب النظر إلى المخطوبة - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٥

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(311) باب فضل الصيام والتطوع به

- ‌(312) باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها وبيان محلها

- ‌كتاب الاعتكاف

- ‌(313) باب الاعتكاف في رمضان

- ‌(314) باب صوم عشر ذي الحجة

- ‌كتاب الحج

- ‌(315) باب ما يباح وما لا يباح لبسه للمحرم بحج أو عمرة

- ‌(316) باب مواقيت الحج

- ‌(317) باب التلبية وصفتها ووقتها

- ‌(318) باب من أي مكان من الميقات يحرم الحاج القادم من المدينة

- ‌(319) باب استحباب الطيب قبل الإحرام

- ‌(320) باب تحريم الصيد المأكول البري أو ما أصله ذلك على المحرم

- ‌(321) باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم

- ‌(322) باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى ووجوب الفدية لحلقه وبيان قدرها

- ‌(323) باب جواز الحجامة للمحرم

- ‌(324) باب جواز مداوة المحرم عينيه

- ‌(325) باب جواز غسل المحرم بدنه ورأسه

- ‌(326) باب ما يفعل بالمحرم إذا مات

- ‌(327) باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر

- ‌(328) باب إحرام النفساء

- ‌(329) باب وجوه الإحرام وحجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(330) باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم وزمانها

- ‌(331) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(332) باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا

- ‌(333) باب استحباب المبيت بذي طوى عند إرادة دخول مكة

- ‌(334) باب استحباب الرمل في الطواف

- ‌(335) باب استحباب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود في الطواف وجواز الطواف راكباً

- ‌(336) باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن وأنه لا يكرر

- ‌(337) باب استحباب إدامة الحاج التلبية حتى يوم النحر والتلبية والتكبير في الذهاب من منى إلى عرفات والإفاضة من عرفات إلى المزدلفة، والتغليس بصلاة الصبح، وتقديم دفع الضعفة

- ‌(338) باب رمي جمرة العقبة والذبح والحلق وطواف الإفاضة

- ‌(339) باب نزول المحصب يوم النفر

- ‌(340) باب المبيت بمنى أيام التشريق وفضل القيام بالسقاية

- ‌(341) باب الهدي والتصدق بلحمه وجلده، والاشتراك فيه، وكيفية نحره وبعثه إلى الحرم، وتقليده، وجواز ركوبه، وما يفعل به إذا عطب

- ‌(342) باب طواف الوداع

- ‌(343) باب دخول الكعبة والصلاة فيها

- ‌(344) باب نقض الكعبة وبنائها

- ‌(345) باب الحج عن العاجز والميت

- ‌(346) باب حج الصبي

- ‌(347) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(348) باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره

- ‌(349) باب الذكر عند السفر إلى الحج وعند الرجوع منه

- ‌(350) باب النزول ببطحاء ذي الحليفة

- ‌(351) باب لا يحج البيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان

- ‌(352) باب فضل يوم عرفة

- ‌(353) باب فضل الحج والعمرة

- ‌(354) باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها

- ‌(355) باب ما يقيم المهاجر في مكة إذا فرغ من الحج والعمرة

- ‌(356) باب تحريم مكة، وتحريم صيدها، وخلاها وشجرها، ولقطتها، وحمل السلاح بها

- ‌(357) باب جواز دخول مكة بغير إحرام

- ‌(358) باب فضل المدينة، وتحريم صيدها، وشجرها، والترغيب في سكناها، والصبر على لأوائها، وأنها تنفي خبثها، ومن أرادها بسوء أذابه الله

- ‌(359) باب ما بين بيته ومنبره صلى الله عليه وسلم

- ‌(360) باب فضل جبل أحد

- ‌(361) باب فضل المساجد الثلاثة، ومسجد قباء

- ‌كتاب النكاح

- ‌(362) باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه

- ‌(363) باب من رأى امرأة فوقعت في نفسه فليأت امرأته

- ‌(364) باب نكاح المتعة

- ‌(365) باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح، وأن تسأل المرأة طلاق أختها

- ‌(366) باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته

- ‌(367) باب تحريم الخطبة على الخطبة حتى يأذن الخاطب أو يترك

- ‌(368) باب تحريم نكاح الشغار

- ‌(369) باب الوفاء بالشرط في النكاح

- ‌(370) باب استئذان الثيب والبكر في النكاح وتزويج الأب البكر الصغيرة

- ‌(371) باب استحباب التزويج في شوال

- ‌(372) باب النظر إلى المخطوبة

- ‌(373) باب الصداق وأقله

- ‌(374) باب فضيلة إعتاقه أمته، ثم يتزوجها، وزواجه صلى الله عليه وسلم بصفية رضي الله عنها

- ‌(375) باب زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش ونزول الحجاب وإثبات وليمة العرس

- ‌(376) باب الدعوة إلى الوليمة والأمر بإجابتها

- ‌(377) باب لا تحل المطلقة ثلاثاً لمطلقها حتى تنكح زوجاً غيره

- ‌(378) باب ما يستحب أن يقوله عند الجماع

- ‌(379) باب جماع امرأته في قبلها من خلفها

- ‌(380) باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها

- ‌(381) باب تحريم إفشاء سر المرأة

- ‌(382) باب حكم العزل

- ‌(383) باب تحريم وطء الحامل المسبية

- ‌(384) باب جواز الغيلة، وهي وطء المرضع

- ‌كتاب الرضاع

- ‌(385) باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب

- ‌(386) باب قدر الرضاع المحرم وسنه

- ‌(387) باب وطء المسبية

الفصل: ‌(372) باب النظر إلى المخطوبة

(372) باب النظر إلى المخطوبة

3086 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم. فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنظرت إليها؟ " قال: لا. قال "فاذهب فانظر إليها. فإن في أعين الأنصار شيئاً".

3087 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني تزوجت امرأة من الأنصار. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "هل نظرت إليها؟ فإن في عيون الأنصار شيئاً" قال: قد نظرت إليها؟ قال "على كم تزوجتها؟ " قال: على أربع أواق. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "على أربع أواق؟ كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل. ما عندنا ما نعطيك. ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه" قال: فبعث بعثاً إلى بني عبس. بعث ذلك الرجل فيهم.

-[المعنى العام]-

الإسلام دين النصيحة، ودين الوضوح، دين يحارب الغش والخداع في جميع المعاملات، دين يرفع الجهالة ويرفض وسائلها، ويحرص على وضوح الرؤية، والتعامل على بصيرة، ولقد جاء الإسلام والمرأة تساق من بيت أبيها إلى بيت زوجها كأنها مغمضة العينين، وكثيراً ما يكون الرجل كذلك بالنسبة لها، لم يسبق له رؤيتها، ولم يسبق لها رؤيته، مما يؤثر على الحياة الزوجية تأثيراً هادماً، أو يملؤها بجو البغض والكراهية والانقباض.

جاء الإسلام بهذه التعاليم السمحة، لينظر الخاطب إلى مخطوبته، ولتنظر المخطوبة إلى خطيبها، لينظر كل منهما إلى ما يبدو من الآخر، إلى وجهه وكفيه، وليتأمل كل منهما محاسن الآخر في خلقته، في عينيه، في أنفه وفمه، في تقاسيم وجهه، في بدانة جسمه أو نحافته، في بياض بشرته أو سمرته، في تناسق أعضائه أو عاهاته وعيوبه، لا عيب على المرأة ولا على أهلها أن تكشف لخطيبها عن وجهها وكفيها، ولا عيب عليه أن يكشف لها ولأهلها عن عيوبه، بل العيب أن يخفي أحدهما عن الآخر ما ستكشفه الأيام، العيب والخطر يكمن في إخفاء كل منهما عن الآخر ما يفجأ صاحبه، ويعتبره غشاً وخداعاً ومكيدة وقع فيها. هذا هو الإسلام وصراطه المستقيم.

ص: 534

-[المباحث العربية]-

(فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار) أي شرع في زواجها، فخطبها.

(أنظرت إليها؟ قال: لا. قال: فاذهب فانظر إليها) في الرواية الثانية "هل نظرت إليها؟ .... قال: قد نظرت إليها" يحتمل أن يكون رجلاً آخر غير الأول، الأول لم يكن نظر إليها، فأمر بالذهاب والنظر إليها، والثاني قد نظر إليها قبل مجيئه، وقد جاء يطلب المساعدة في زواجه، كما يبينه الحديث، ويحتمل أن الحديثين عن رجل واحد، لم يكن نظر، فأمر بالنظر، فذهب فنظر فجاء، فسئل: هل نظرت؟ فأجاب بنعم، ثم عرض حاجته.

قال الحافظ ابن حجر: وهذا الرجل يحتمل أن يكون المغيرة، فقد أخرج الترمذي والنسائي من حديثه أنه "خطب امرأة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: انظر إليها، فإنه أحرى أن يدوم بينكما". قلت: هذا الاحتمال بعيد، فقصة الرجل في الرواية الثانية لا تنطبق على المغيرة.

(فإن في أعين الأنصار شيئاً) قال النووي: هكذا الرواية "شيئاً" بالهمزة، واحد الأشياء، قيل: المراد صغر، وقيل: المراد زرقة، وقال الغزالي: قيل عمش. ورجح الحافظ الصغر، حيث جاء اللفظ في بعض الروايات.

(على أربع أواق) من الفضة. فهم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا من حال الرجل، فأعادها على أسلوب الاستفهام التعجبي، أو التوبيخي، على معنى ما كان ينبغي.

(كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل)"عرض" بضم العين وإسكان الراء، وهو الجانب والناحية و"تنحتون" بكسر الحاء، أي تقشرون وتقطعون. قال النووي: ومعنى هذا الكلام كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج.

-[فقه الحديث]-

قال النووي: في الحديث استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها، وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة، وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء، وحكى القاضي عن قوم كراهيته، [نسب هذا إلى المزني، حيث قال: لا يجوز أن ينظر إلى شيء منها، وقالت طائفة منهم يونس بن عبيد وإسماعيل بن علية وقوم من أهل الحديث: لا يجوز النظر إلى الأجنبية مطلقاً إلا لزوجها أو ذي رحم محرم منها، واحتجوا بحديث علي "لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى" رواه الطحاوي والبزار وأحمد وأبو داود والترمذي] وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث، ومخالف لإجماع الأمة على جواز النظر للحاجة، عند البيع والشراء والشهادة ونحوها. ثم إنه إنما يباح له النظر إلى وجهها وكفيها فقط، لأنهما ليسا بعورة، ولأنه يستدل بالوجه على الجمال، أو على ضده، وبالكفين على خصوبة البدن،

ص: 535

أو عدمها. هذا مذهبنا ومذهب الأكثرين. وقال الأوزاعي: ينظر إلى مواضع اللحم، وقال داود: ينظر إلى جميع بدنها [لا إلى فرجها] وقال ابن حزم: يجوز النظر إلى فرجها، وعن أحمد ثلاث روايات، الأولى كالجمهور، والثانية: ينظر غالباً، والثالثة: ينظر إليها مجردة. دليل الجمهور على المزني والطائفة التي تنحو نحوه حديث الباب "انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً" وروي عن المغيرة بن شعبة قال: أردت أن أنكح امرأة من الأنصار، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اذهب فانظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما -أي أن يدوم الوفاق بينكما- قال: فذهبت، فأخبرت أباها بذلك، فذكر أبوها ذلك لها، فرفعت الخمار، فقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لك أن تنظر فانظر" أخرجه الطحاوي والترمذي وقال حديث حسن، ويجاب عن حديث علي رضي الله عنه بأنه في النظر لغير الخطبة، وفي غير الحاجة، ودليل الجمهور على داود وابن حزم قوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور: 31].

قيل في التفسير: الوجه والكفان، وروى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أراد أحدكم تزويج امرأة فلينظر إلى وجهها وكفيها".

ثم قال النووي عن مذهب داود: وهذا خطأ ظاهر، منابذ لأصول السنة والإجماع.

ثم قال: ومذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجمهور أنه لا يشترط في جواز هذا النظر رضاها، بل له ذلك في غفلتها، ومن غير تقدم إعلام، لكن قال مالك: أكره نظره في غفلتها، مخافة من وقوع نظره على عورة.

[أو على ما لا تحب أن يراه من بعض أفعالها وأحوالها] وعن مالك رواية ضعيفة أنه لا ينظر إليها إلا بإذنها، وهذا ضعيف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في ذلك مطلقاً، ولم يشترط استئذانها، ولأنها تستحي غالباً من الإذن، وربما يكون في ذلك إيذاء لها إن هو رآها فلم تعجبه.

ثم قال: قال أصحابنا: وإذا لم يمكنه النظر استحب له أن يبعث امرأة يثق بها، تنظر إليها، وتخبره ويكون ذلك قبل الخطبة. اهـ

وحول هذا الموضوع مسائل، نرى فائدة كبرى في عرضها:

الأولى: قال الشيخ أبو إسحق: يجوز للمرأة إذا أرادت أن تتزوج برجل أن تنظر إليه، لأنه يعجبها منه ما يعجبه منها.

الثانية: لا يجوز للخاطب عند الجمهور أن ينظر إلى شيء من عورتها، ولا أن ينظر إلى وجهها وكفيها نظرة تلذذ وشهوة.

الثالثة: له أن يردد النظر إلى الوجه والكفين، وأن يكرر ذلك، لما روى أبو الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا قذف الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن يتأمل محاسن وجهها" إذ لا يمكنه تأمل ذلك إلا بالتكرار.

الرابعة: إذا تزوج الرجل امرأة حل له الاستمتاع بها، وكان لكل واحد منهما النظر إلى جميع بدن الآخر، لأنه يملك الاستمتاع به. لكن في نظره إلى باطن الفرج وجهان: قيل:

ص: 536

يجوز، لأنه موضع الاستمتاع، وقيل: لا يجوز، لما روي من أن النظر إلى باطن الفرج يورث العمى، أو أن الولد بينهما يولد أعمى.

الخامسة: نظر الرجل الأجنبي إلى وجه المرأة لغير حاجة ومن غير سبب لا يجوز، لقوله تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} [النور: 30]. ويجوز أن ينظر إلى وجه المرأة الأجنبية عند الشهادة وعند البيع والشراء.

السادسة: لا يجوز للمرأة الأجنبية أن تنظر إلى الرجل، لا إلى العورة ولا إلى غيرها لغير سبب، لقوله تعالى {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} [النور: 31]. ولحديث دخول ابن أم مكتوم، وأمره صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين أن يحتجبن منه، ولأن المعنى الذي منع الرجل لأجله وهو صرف الافتتان موجود في المرأة، بل هي أسرع إلى الافتتان من الرجل.

السابعة: يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة من ذوات محارمه، وكذلك يجوز لها النظر إليه من غير سبب ولا ضرورة، لقوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن} [النور: 31]. الآية.

وفي المواضع التي يجوز له النظر إلى المرأة وجهان، حكاهما المسعودي، أحدهما -وهو قول البغداديين- أنه يجوز له النظر إلى جميع بدنها إلا ما بين السرة والركبة، لأنه لا يحل له نكاحها بحال، فجاز له النظر إلى ذلك كالرجل مع الرجل.

والثاني: وهو اختيار القفال -أنه يجوز له النظر إلى ما يبدو منها عند المهنة، لأنه لا ضرورة به إلى النظر إلى ما زاد على ذلك.

والله أعلم

ص: 537