الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(371) باب استحباب التزويج في شوال
3084 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال وبنى بي في شوال. فأي نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى عنده مني؟ قال: وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال.
3085 -
وفي رواية بهذا الإسناد. ولم يذكر فعل عائشة رضي الله عنها.
-[المعنى العام]-
كان التطير في الجاهلية عقيدة، تؤثر في المشاريع إقداماً أو إحجاماً، كأنها تنبئ عن الغيب المحقق. كانوا إذا أزمعوا أمراً مهماً أزعجوا ما يصادفهم من طير، فإن اتجه يميناً تيامنوا ومضوا في مشروعهم وتفاءلوا، وإن اتجه شمالاً تشاءموا، ورجعوا عن مشروعهم، فجاء الإسلام، وحارب هذه العقيدة بالقول وبالعمل، بالقول "لا طيرة". "إذا تطيرت فلا ترجع" وبالعمل كما في هذا الحديث، الأيام التي يتطيرون منها تجري فيها مشاريع الإسلام الكبرى، والأماكن التي يتطيرون منها تجري فيها العبادات العظمى، فيقام مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، مكان خربة، كانت قبوراً للمشركين، فيحل فيها الخير والرحمة والبركة، وتعد أفضل بقعة على الأرض، فتضم جسد الرسول صلى الله عليه وسلم، وتصبح الروضة الشريفة. روضة من رياض الجنة.
-[المباحث العربية]-
(تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال) أي عقد عليها في شهر شوال قبل الهجرة بسنة ونصف السنة على الأشهر، وبنى بها، أي دخل عليها في شوال بعد الهجرة بسنة ونصف السنة.
و"شوال" فعال مبالغة من الشول، وهو في الأصل النقص والقلة، والشائلة من الإبل ما جف لبنها، ويقال: شال القوم إذا خفت منازلهم منهم ومضوا، أو إذا تفرقت كلمتهم، أو إذا ماتوا وتفرقوا، كأنه لم يبق منهم إلا بقية، أو إذا ذهب عزهم. و"شوال" شهر أوله عيد الفطر، قيل: سمي بذلك لتشويل ألبان الإبل فيه وإدبارها، وكانت العرب قبل الإسلام تتطير من عقد النكاح والدخول فيه، وتقول: إن المنكوحة فيه تمتنع من ناكحها، ويقل أولادها ولبنها، فأبطل الإسلام هذا التطير، باستحباب الزواج في شوال.
(فأي نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى عنده مني؟ ) لا تقصد رضي الله عنها أن دخولها في شوال كان سبباً في حظوتها عنده صلى الله عليه وسلم، وإنما تقصد أنه لم يكن شؤماً، ولم يحل دون حظوتها وسعادتها.
(وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال) أي النساء التي تلي أمرهن، أو اللاتي ينتسبن إليها وترعاهن.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول في شوال، وقد نص أصحابنا على استحبابه، واستدلوا بهذا الحديث، وقصدت عائشة بهذا الكلام رد ما كانت الجاهلية عليه، وما يتخيله بعض العوام اليوم من كراهة التزويج والتزوج والدخول في شوال، وهذا باطل لا أصل له، وهو من آثار الجاهلية فقد كانوا يتطيرون بذلك، لما في اسم شوال من الإشالة والرفع. اهـ
أقول: إن العمل المشروع يفضل غيره بأمر من أمور ثلاثة: إما بفضل المكان الذي يقع فيه، وإما بفضل الزمان الذي يقع فيه، وإما بفضل النية التي يقع بها، وقد تجتمع الأمور الثلاثة.
وما هنا من قبيل الأمر الثالث، فاستحبابه عند الشافعية من هذه الحيثية. حيثية القصد والنية.
والله أعلم