المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة

- ‌التقدمية والرجعية

- ‌الإسلام والحياة

- ‌أساس الدعوة إلى الإسلام

- ‌أين الخلل

- ‌حقائق مؤلمة

- ‌بلا عنوان

- ‌دعوهم وما يقولون

- ‌تعليق مختصر على خبر

- ‌اتفاق الدعاة

- ‌الدِّين ثقيل والجزاء عظيم

- ‌وصية وإنذار

- ‌مشكلة

- ‌عرّفوهم بالإسلام يصيروا مسلمين

- ‌الأحاديث الدينية في الإذاعة

- ‌منهج الدعوة وواجب الدعاة

- ‌ماذا يصنع الصالحون

- ‌بيان وإنذار

- ‌الدعوة إلى الأصول قبل الفروع

- ‌رسالة بلا عنوان

- ‌خدمة الإسلام

- ‌الطريقة الصحيحة للإصلاح

- ‌حصاد ربع قرنفي حقل الدعوة الإسلامية في الشام

- ‌المدرسة الدينية

- ‌في نقد المناهج الدينية

- ‌كلمة تُرضي اللهوتُغضب بعض البشر

- ‌الاختلاط في الجامعات

- ‌كلمة في الأدب

- ‌حركة طيبة في لبنان

- ‌عدوان فظيع، ودعوة صالحة

- ‌عدوان أفظع

- ‌جاء الحق وزهق الباطل

- ‌الحكم بالقوانين الشرعية

- ‌إلى علماء الشيعة

- ‌إلى أين تمشي مصر

- ‌مات شيخ الأزهر

- ‌نحن وهذه الحضارة

- ‌موقفنا من الحضارة الغربية

- ‌ردّ على أدعياء البعثية

- ‌كلمة في الاشتراكية

- ‌الدعوة إلى الوحدة

- ‌الدعوة القومية والإسلام

- ‌كلمة صغيرة

- ‌موقف الإسلام من العربية

- ‌فضل الإسلام على العربية

- ‌القومية والإسلام

الفصل: ‌رسالة بلا عنوان

‌رسالة بلا عنوان

نشرت سنة 1955

[هذه رسالة توجيه أرسلها إلينا الأستاذ الكبير قاضي دمشق، الشيخ علي الطنطاوي، قبل أن يصله العدد الأول من مجلتنا، وفيها نداء حار إلى العلماء نرجو أن يستجيبوا له، وتوجيه طيب للشباب نرجو أن يعملوا به. والمجلة تشكر الأستاذ الكريم على توجيهه الواعي (1).]

أعتذر إليكم إذ أبطأت عنكم. وما أبطأت كسلاً ولا تهاوناً، ولكن دأبي -إذا دُعيت إلى الكتابة في مجلة جديدة- أن أرقب العدد الأول منها لأعرف مطلب أصحابها ومشرب كتّابها، ولأدري كيف أخاطب قرّاءها وأختار الموضوعات الصالحة لها، فلما تصرَّمَت الأيام ولم ترسلوا إليّ المجلة كتبت هذه الرسالة، فإن وجدتم فيها الشيء الذي تريدونه مني وكانت تصلح لمجلتكم فانشروها، وإن كانت لا تصلح فاطووها.

(1) نُشرت هذه المقالة -كما أغلّب- في العدد الأول من مجلة «الشهاب» التي أصدرها الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله في تلك السنة، واستمر صدورها إلى سنة 1958 (مجاهد).

ص: 129

وأنا لا أعرف ما أسلوب مجلتكم، ولكني لو كنت من أصحاب الرأي فيها لاقترحت عليكم أن تجعلوا مقصدها الأول هو تعريف المسلمين بالإسلام وترجمة علومه إلى لسان العصر، لأن الإسلام في ذاته قوة لا يقوم لها شيء في الدنيا، ولذلك سار في الأرض وانتشر، وما زال ينتشر إلى اليوم بلا تبشير به ولا دعوة منظَّمة إليه. وما أُتِي المسلمون إلا من جهلهم بالإسلام. ولقد كنت أقول دائماً لمجدد العصر الشيخ حسن البنا رحمه الله وانتقم له ممّن سفك دمه) كنت أقول له دائماً إن موطن الضعف في الإخوان هو جهلهم بالدين، حتى إنه -غفر الله له- ألزمني بأن أجعل جلسات أسبوعية لبعض رؤساء الشُّعَب في مصر، وكان هؤلاء الرؤساء من طلبة الجامعة على الغالب، من كلياتها المختلفة، فمنهم طالب الطب وطالب الأدب وطالب الهندسة، وكانت لي معهم مجالس كثيرة وجدت فيها أن أكثرهم لا يعرف موضوعات العلوم الإسلامية ولا فيمَ تبحث، ولا يستطيع أن يفرق بين أصول الفقه وأصول الدين، ولا يعرف شيئاً من مصطلح الحديث، ولا وقوف له إلا على ما لا يكاد يُذكَر من كتب الثقافة الإسلامية

هذا على رغم ما شهدته فيهم من صدق الإيمان وتوقّد النشاط ومَضاء العزم، واستعدادهم لاقتحام النار والحديد بصدورهم ابتغاء نصر الإسلام وإعلاء كلمة الله.

وأنا أعلم أن لهؤلاء الشباب في جهلهم هذا بعض العذر، فهم قد درسوا في المدارس الرسمية، وهذه المدارس لا تزال تمشي على الطريق الذي سيّرها فيه دَنْلوب في مصر وراجِهْ في سوريا وأمثالُهما، وهو طريق يبعدها عن الدين وعلومه بدعوى

ص: 130

التجديد وترك التعصب ومجاراة الأمم الراقية. وهي دعوى كاذبة، والحقيقة فيها أن أوربا أدركت من زمن بعيد قوة الإسلام فعملت على تجريد المسلمين من هذه القوة، فهوّنت عليهم أمر دينهم وهوّلت عليهم بهذه الألفاظ الطنّانة، فصدق ذلك السخفاءُ منهم وحسبوا أنهم لا يكونون متمدنين إلا إن تركوا الدين. ولست أدري متى ينتبه المسلمون ويدركون هذه الخدعة؟

ثم إن هؤلاء الشباب إذا أرادوا أن يعرفوا الإسلام بأنفسهم لم يجدوا أمامهم إلا هذه الكتب القديمة، وهي موضوعة لزمان غير زمانهم ومكتوبة بأسلوب لا يفهمونه ولا يفهمه إلا المتمكن من علم المنطق، الممارس لهذه الكتب المتلقّيها عن مشايخها، وإلا العلماء، وأكثرهم بعيد عن الشباب والشبابُ بعيدون عنهم، لا صلة بينهم وبينهم، فكيف يعلم هؤلاء الشباب ما الإسلام؟

إنهم لا يمكن أن يعرفوا الإسلام إلا بأن تعمد مجلة كمجلتكم إلى علماء الدين فتكلّفهم بتبسيط علوم الإسلام، ونشر خلاصات عن مباحثها العلمية بأسلوب أدبي سهل، ودلالة القرّاء على كتبها وإرشادهم إلى مراجعها. وفي مصر وفي الشام من يستطيع أن يقوم بهذا العمل على أكمل وجه، كالأستاذ الشيخ عبد الوهاب خلاّف والأستاذ الشيخ شلتوت، وأمثالهما.

وأن يكون مقصدها الثاني بعث روائع تاريخنا ومناقب رجالنا، وعرضها على القراء بالأساليب البيّنة والأقلام القوية المتمكنة، لتذكّرنا بهذا الإرث الضخم الذي لا يزال يجري في دمائنا، ولكنا نسيناه وأعرضنا عنه، وبأمجاد ماضينا ومفاخر

ص: 131

أجدادنا، فيكون لنا من ذلك دافع إلى العمل وحافز إلى الجِدّ، وأن لا نلتفت إلى الهدّامين المنافقين من صنائع الأجانب الذين لا يفتؤون يَعيبون علينا فخرنا بماضينا، ليجرّدونا من هذا السلاح الثاني من أسلحتنا ويُرضوا بذلك أعداءنا الطامعين في بلادنا.

وأن يكون مقصدها الثالث دراسة هذه المذاهب الجديدة المخالفة لديننا، التي لا يزال يُفتَن بها شبابنا ويقبلون عليها، كالاشتراكية والشيوعية والعنصرية والقومية، والبدع الجديدة الكافرة كالبهائية والقاديانية، دراستها دراسة فهم وتثبّت والرد عليها بلسان أهلها، كما صنع الغزالي حين ألّف «مقاصد الفلاسفة» أولاً، وأثبت أنه فهم مذاهبهم حتى عُدَّ بذلك من أئمتهم، ثم ألف «تهافت الفلاسفة» فضربهم ضربة لم يستطيعوا أن يقوموا بعدها.

هذا، وأنا سأحاول إن شاء الله أن أشارككم في تحقيق هذه المقاصد على مقدار ضعفي وعجزي، والله المستعان، والسلام على من قبلكم من الإخوان.

* * *

ص: 132