الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء الحق وزهق الباطل
حديث أذيع سنة 1972
كل يوم، وفي كل مكان، تظهر أدلة جديدة على عظمة الإسلام وصحّة مبادئه، ويعود العالم إليها أو يقترب منها، من حيث يشعر أنها مبادئ الإسلام أو من حيث يراها مبادئ صحيحة.
ها نحن أولاء نقرأ اليوم ونسمع بأن دول أوربا -على ما كان بينها من خصومات ترجع جذورها إلى قرون طويلة، واختلاف في اللغات والعادات، واختلاف أحياناً في المعتقدات- قد تناست خصوماتها ودفنت أحقادها، وتخطت حواجز اللغات والعادات والمعتقدات، والتقت كلها أو كادت في أوربا واحدة.
كيف تلتقي فرنسا وألمانيا لقاء الأصدقاء ويفصل بينهما بحر من الدماء، من أيام نابليون وقبله وبعده، إلى حرب السبعين، إلى الحرب الأولى والثانية؟ كيف تلتقي ألمانيا وبلجيكا؟ كيف تلتقي إنكلترا وفرنسا؟ ما السوق الأوربية المشتركة؟
فما معنى هذا كله؟ معناه أنه لم يعد من الممكن أن تعيش في هذه الدنيا إلا الكتل الضخمة (1)، معناه أن مبدأ القوميات (الذي
(1) يختارون هذا لأنفسهم، أما لنا فلا يختارون إلا ما يضعفنا، لذلك تقسّمنا القوميات.
كان شعار القرن التاسع عشر) قد مات، وأن الروابط بين الناس صارت روابط معنوية، روابط هدف مشترك أو مصلحة يؤمن بها الجميع. أليس هذا ما دعا إليه الإسلام حين جعل الرابطة بين أفراد الأمة المسلمة تتجاوز حدود القوميات واللغات؟ أليس هذا ما كنا نقوله، أو ما كنت أقوله وأكتبه من أكثر من أربعين سنة؟ أليس هذا موضوع الخلاف بيننا وبين دعاة القومية من تلك الأيام؟
وليس العجيب أن يعود العالم إلى هذا، فهذا هو الحق، ولكن العجيب أن يبقى فينا من ينادي بمبدأ القوميات ويدافع عنها ويتحمس لها!
إن كل مبدأ من هذه المبادئ التي تدخل إلى رؤوس أبنائنا أخطر بألف مرة من الصواريخ والقنابل، لأنها تجعل من أبنائنا أعداء لنا وأعواناً لعدوّنا علينا. إن اليهود، وما لهم من مؤسسات ومخططات وما فُطروا عليه من المكر والدهاء وما بأيديهم من خزائن الأموال، إن الصهيونية وابنتها الماركسية، وابنتها الأخرى نظرية دارون، هذه كلها لا تزال تدس السموم في غذائنا الروحي في الكتب وفي الإذاعات، بل وفي البرامج والمناهج وعلى ألسنة كثير من المدرّسين في بلاد المسلمين.
حتى البضاعة التي تذهب «موضتها» عندهم ولا تعود صالحة للاستعمال تُصدَّر إلينا على أنها جديدة، كما تُصدَّر بالات الثياب المستعمَلة! فالقومية -كما رأيتم- بطلت موضتها في أوربا وأُهملت فصُدِّرت إلينا، ومثلها الدارونيّة التي انهارت علمياً وتهدّمت أسسها الموهومة على أيدي أكابر علماء العصر،
وكذلك الفرويدية التي سقطت وظهر عُوارها.
إن نظرية دارون في بقاء الأصلح قد جَرَّت إلى اتخاذ وسائل القوة والسيطرة على الضعيف وإهمال مبدأ العدل، وكانت من العوامل الخفية في حربين عالميتين. ونظرية فرويد في أن الغريزة الجنسية هي أصل الغرائز جَرَّت إلى هذه الإباحية التي نراها أو نسمع بها، والتي بدأ الناس ينتبهون إلى خطرها.
إن دارون، وفرويد، وماركس، ونيتشه، ودوركايم
…
كل هؤلاء من ثمرات المخططات اليهودية، خرجوا من مصنعها، لا بأجسادهم وأرواحهم فالأجساد والأرواح من خلق الله وحده، لكن بأفكارهم الضالّة ومبادئهم المدمِّرة. ولا يزال بعض من يدّعي العلم (لأنه يحمل فيه ورقة مطبوعة) يؤمن بنظرية دارون ويكذّب بها كلام الخالق!
حينما تنتشر الأمراض السارية في بلد يكون الحجر الصحي لئلاّ يخرج منه مُصاب (أي حامل جرثوم) فينشره في البلد الآخر، وأَوْلى بنا أن نتنبّه إلى حَمَلة جراثيم هذه الأمراض فنمنعهم من دخول بلادنا، وأن نلقّح السكان (والشباب خاصة) بلقاح يمنع دخول المرض فيهم. وهذا اللقاح هو العقيدة الصحيحة، بشرط أن يوضَع اللقاح في قوارير جديدة معدّة إعداداً طبياً، وأن يقوم به أطباء خبراء.
وما أقل هؤلاء الأطباء!
* * *