المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة

- ‌التقدمية والرجعية

- ‌الإسلام والحياة

- ‌أساس الدعوة إلى الإسلام

- ‌أين الخلل

- ‌حقائق مؤلمة

- ‌بلا عنوان

- ‌دعوهم وما يقولون

- ‌تعليق مختصر على خبر

- ‌اتفاق الدعاة

- ‌الدِّين ثقيل والجزاء عظيم

- ‌وصية وإنذار

- ‌مشكلة

- ‌عرّفوهم بالإسلام يصيروا مسلمين

- ‌الأحاديث الدينية في الإذاعة

- ‌منهج الدعوة وواجب الدعاة

- ‌ماذا يصنع الصالحون

- ‌بيان وإنذار

- ‌الدعوة إلى الأصول قبل الفروع

- ‌رسالة بلا عنوان

- ‌خدمة الإسلام

- ‌الطريقة الصحيحة للإصلاح

- ‌حصاد ربع قرنفي حقل الدعوة الإسلامية في الشام

- ‌المدرسة الدينية

- ‌في نقد المناهج الدينية

- ‌كلمة تُرضي اللهوتُغضب بعض البشر

- ‌الاختلاط في الجامعات

- ‌كلمة في الأدب

- ‌حركة طيبة في لبنان

- ‌عدوان فظيع، ودعوة صالحة

- ‌عدوان أفظع

- ‌جاء الحق وزهق الباطل

- ‌الحكم بالقوانين الشرعية

- ‌إلى علماء الشيعة

- ‌إلى أين تمشي مصر

- ‌مات شيخ الأزهر

- ‌نحن وهذه الحضارة

- ‌موقفنا من الحضارة الغربية

- ‌ردّ على أدعياء البعثية

- ‌كلمة في الاشتراكية

- ‌الدعوة إلى الوحدة

- ‌الدعوة القومية والإسلام

- ‌كلمة صغيرة

- ‌موقف الإسلام من العربية

- ‌فضل الإسلام على العربية

- ‌القومية والإسلام

الفصل: ‌دعوهم وما يقولون

‌دعوهم وما يقولون

نشرت سنة 1955

إن قالوا: «جامدون» فقولوا: نعم، نحن جامدون وأنتم مائعون! إن الماء الجامد كقطعة الألماس التي يبسم فيها النور وتقبّلها شفاه الشمس، أما المائع فيجري حتى يكون وحلاً تطؤه الأقدام.

فأينا أنقى وأطهر: نحن الجامدين، أم أنتم أيها المائعون؟

وإن قالوا «رجعيون» فقولوا: نعم، ولكنها رجعة إلى أيام المجد الذي شدناه على قمة الدهر، والنور الذي أضأناه للزمان ليعرف طريقه إلى الخلود، والحضارة التي دِنّا بها البشر وجعلنا بها الإنسان خليقاً بالإنسانية.

فهل تكرهون أن «نرجع» إلى مثل تلك الأيام؟

وإن قالوا: نحن «تقدميون» ، فقولوا: نعم، ولكنكم لا تتقدمون إلا إلى الهاوية، هاوية الانحلال والفساد، تريدون أن تكونوا أحراراً في غرائزكم كحرية الدِّيَكة والحمير، فمن قرّبكم من هذه الهاوية فقال لكم: اهتكوا أستار العورات وارفعوا السجف بين الرجال والنساء، فهو تقدمي، ومن زلّ لسانه مرة

ص: 51

فذكر الدين، أو نطق بكلمة الخُلُق، أو قال: حلال وحرام، فهو رجعي من الرجعيين.

وإن قالوا: نحن «اشتراكيون» ، فقولوا: نعم، ولكنكم لا تعرفون من الاشتراكية إلا أنكم تشتركون جميعاً في التقليد القردي لأهل أوربا، وأنكم لا تعرفون الحق من الباطل إلا بدمغتها عليه، فما قالوه لكم قلتموه، وما وضعوه في رؤوسكم كررتموه تكرير الببغاوات واجتررتموه كالبقر! أما «الاشتراكية» فما رأينا عندكم منها إلا اسمها، تتجملون به في خطبكم ومباحثكم، وتتخذه أحزابكم الهزيلة شبكة تصطاد بها الأصوات يوم الانتخاب!

وإن قالوا: «الروح الرياضية» ، فقولوا: نعم، ولكن رياضتكم جسد مكشوف بلا روح، والرياضة رياضة النفس قبل رياضة الجسم، وروحها التعاون بإخلاص، والإقرار بالحق، وأن لا يزدهيك النصر ولا تحطمك الهزيمة ولا يداخلك اليأس، وأن يكون عليك من نفسك رقيب يحاسبها قبل أن تحاسَب، وأن يكون لك من إرادتك قيد لشهواتك

فأين أنتم من هذا كله، وأنتم بطّاشون عند الظفر، خَوّارون عند الصدمة الأولى، قد تعبّدَتكم شهواتكم وتحكمت فيكم غرائزكم، ثم إنكم مختلفون متباغضون متحاسدون، لا تعرفون من التعاون إلا أنه كلمة تنطق بها ألسنتكم وتكذب بها أفعالكم؟

وإن قالوا: «المساواة بين الجنسين» ، فقولوا: نعم، وسوف نَسُنّ قانوناً يوجب أن يحبل الرجل مرة وتحبل المرأة مرة، ويُرضع سنة وترضع هي سنة، وبذلك يتساوى الجنسان ويجتمع

ص: 52

النقيضان، فيصير الرجل امرأة وتصير المرأة رجلاً، ويتحقق ما تريده الجمعيات النسائية!

وإن قالوا «أتردّوننا إلى الوراء وترجعوننا -ونحن في عصر الذرة- إلى غار حراء؟» فقولوا: الحق معكم، إن الزمان ماض إلى الأمام، وكل قديم قد جَدّ في مكانه ما أوجب تركه، لذلك تركتم الدين أولاً، ثم رأيتم العقل أقدم من الدين، فتركتموه وغدوتم من بعده مجانين!

* * *

ومهما قالوا من أشباه هذا الهذر فلا تبالوه ولا تحفلوه، واجعلوا ردكم عليهم هزأ به وسخرية بأهله، وأن تبقوا سائرين في طريقكم إلى غايتكم. فإنهم ما يقصدون إلا تعويقكم عنها وإقامة الأشواك في سبيلكم إليها، وغايتكم -يا أيها الشباب المسلمون- في السماء، ستركبون إليها الرياح وتسيرون على هام السحب، ولقد أُعِدّت طيارتكم وهدرت محركاتها، وستمشون على درب من شعاع الشمس لا على محجّة من تراب الأرض، فهل تعوق الأشواك من يشق طريقه في كبد السماء؟

إنهم لا يملكون إلا أن يقولوا، فدعوهم وما يقولون.

* * *

ص: 53