المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كلمة صغيرة نشرت سنة 1954   ماذا يصنع أهل الأسرة الواحدة؟ يقيمون جميعاً - فصول في الدعوة والإصلاح

[علي الطنطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة

- ‌التقدمية والرجعية

- ‌الإسلام والحياة

- ‌أساس الدعوة إلى الإسلام

- ‌أين الخلل

- ‌حقائق مؤلمة

- ‌بلا عنوان

- ‌دعوهم وما يقولون

- ‌تعليق مختصر على خبر

- ‌اتفاق الدعاة

- ‌الدِّين ثقيل والجزاء عظيم

- ‌وصية وإنذار

- ‌مشكلة

- ‌عرّفوهم بالإسلام يصيروا مسلمين

- ‌الأحاديث الدينية في الإذاعة

- ‌منهج الدعوة وواجب الدعاة

- ‌ماذا يصنع الصالحون

- ‌بيان وإنذار

- ‌الدعوة إلى الأصول قبل الفروع

- ‌رسالة بلا عنوان

- ‌خدمة الإسلام

- ‌الطريقة الصحيحة للإصلاح

- ‌حصاد ربع قرنفي حقل الدعوة الإسلامية في الشام

- ‌المدرسة الدينية

- ‌في نقد المناهج الدينية

- ‌كلمة تُرضي اللهوتُغضب بعض البشر

- ‌الاختلاط في الجامعات

- ‌كلمة في الأدب

- ‌حركة طيبة في لبنان

- ‌عدوان فظيع، ودعوة صالحة

- ‌عدوان أفظع

- ‌جاء الحق وزهق الباطل

- ‌الحكم بالقوانين الشرعية

- ‌إلى علماء الشيعة

- ‌إلى أين تمشي مصر

- ‌مات شيخ الأزهر

- ‌نحن وهذه الحضارة

- ‌موقفنا من الحضارة الغربية

- ‌ردّ على أدعياء البعثية

- ‌كلمة في الاشتراكية

- ‌الدعوة إلى الوحدة

- ‌الدعوة القومية والإسلام

- ‌كلمة صغيرة

- ‌موقف الإسلام من العربية

- ‌فضل الإسلام على العربية

- ‌القومية والإسلام

الفصل: ‌ ‌كلمة صغيرة نشرت سنة 1954   ماذا يصنع أهل الأسرة الواحدة؟ يقيمون جميعاً

‌كلمة صغيرة

نشرت سنة 1954

ماذا يصنع أهل الأسرة الواحدة؟ يقيمون جميعاً في دار واحدة، ويأكلون على مائدة واحدة، ويصبحون معاً ويُمسون معاً، يتبادلون الحب والودّ، يعطفون على المريض ويسألون عن الغائب، ويقومون صفاً واحداً في وجه الأحداث والمصائب.

أليست هذه هي صفة الأسرة؟ نحن إذن أسرة واحدة.

هذا ما قلته لنفسي ونحن في المؤتمر (1)، معنا المرّاكشي والجزائري والتونسي والمصري والعراقي والشامي واللبناني والأردني والفلسطيني، وإخوان من إيران وكردستان والأفغان والباكستان وأندونيسيا والقفقاس، وما لست أذكر الآن

نحو سبعين رجلاً ما التقوا من قبل ولا سمع بعضهم بأسماء بعض، لكل واحد منهم زي غير زي الآخر ولسان غير لسانه وملامح غير ملامحه، ولو تعمّدتَ أن تجمع الأشتات من الناس والأضداد

(1) المؤتمر الإسلامي لإنقاذ فلسطين الذي عُقد في القدس أواخر سنة 1953، وانظر أخباره في الحلقة 138 من «الذكريات» ، وهي في الجزء الخامس (مجاهد).

ص: 293

-في الظاهر- من البشر لما جئت بأعجب من هذه المجموعة.

ولكن هذه المجموعة أقامت في فندق واحد، وأكلت على مائدة واحدة، وقامت للصلاة صفاً واحداً وراء إمام واحد، ومرض قوم (وكنت ممّن مرض) فعطفوا عليه جميعاً، ومات واحد فحزنوا عليه جميعاً، وأحسّ كل فرد منها منذ الساعة الأولى بأنه مع إخوان له، يعرفهم منذ الأزل ويعرفونه ويحبهم ويحبونه.

فكيف تحققت هذه المعجزة؟ كيف اختُصرت في هذا الفندق ممالك الإسلام كلها فكانت أسرة واحدة، تتمنى أكثر الأسر التي يجمع بينها الدم والنسب أن يكون لها بعض ما كان لهذه الأسرة من جوامع الحب وروابط الود؟

كيف تهاوت في لحظة حواجز اللسان والبلدان والأزياء والأفكار، حتى كأنْ ليس فيهم عربي ولا فارسي ولا تركي ولا كردي ولا شركسي، ولا أشقر ولا أسمر، ولا قريب ولا بعيد؟

كيف انهدم في يوم واحد ما أنفق أعداء الإسلام القرون الطِّوال في بنائه، من عوائق الوحدة في الدين وموانع الأخوّة في الله؟

هذا هو سرّ الإسلام. فقل لدعاة القومية: موتوا بغيظكم؛ إن المستقبل لنا، لقد شِدْتُم صرحاً ولكنه صرح من الثلج، متى أشرقت عليه شمس الإسلام رجع وحلاً تطؤه الأقدام.

* * *

ص: 294