الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجلد الأول
مقدمة
…
مقدمة الكتاب
بقلم الأستاذ
زيد بن عبد العزيز بن فياض
الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركا فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين وأفضل الرسل، بعثه بالهدى ودين الحق، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحابته ومن تبعهم إلى قيام الساعة.
"وبعد" فإن الأمة الإسلامية مازالت بخير وهدى مستقيم عندما كانت متمسكة بعقيدتها التي جاء بها نبيها وسار عليها صحابته الكرام، حتى فشت عقائد زائغة وضلالات جائرة قد روجها ذوو الإلحاد وأهل الفتن، وتلقفها عنهم أناس- عموا عن الحق - عناداً أو جهلا، فكانت عوامل هدم في الأمة فتفرق أمرها وتشتت جمعها، وظلت هذه العقائد الزائغة تعمل في تخريب عملها إلى يومنا هذا وإلى ما شاء الله.
وقيد الله للدفاع عن الإسلام، والذود عن حياضه، وتبيان عقائده الصحيحة من وفقه لهذا الأمر العظيم.
وما فتئوا في كل عصر وجيل يناضلون ويذبون عنه بأسنتهم وألسنتهم وأقلامهم وهم الطائفة المنصورة الذين قال عنهم النبي صلى الله علية وسلم "لا تزال طائفة
من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يَأتِي أمر الله تبارك وتعالى".
كان شيخ الإسلام أحمد بن تيمية من أجل علماء القرنين السابع والثامن للهجرة فجند وقته للرد على الملحدين وذوي الزيغ وجاهد بلسانه وسلاحه أعداء الإسلام وأهل البدع والخرافات، وصبر على الأذى والظلم، وترك ذكراً طيباً ومؤلفات نافعة تبلغ المآت وأنتفع بهذه الكتب خلق عظيم وكانت طريقته فيها الاستدلال بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وسيرة السلف، وأقوال علماء الإسلام مع أيراد الحجج العقلية والبراهين المنطقية في أسلوب واضح، وعبارة سلسلة، وعلم غزير يندر وجود مثيل له فيه.
وإن كانت كتبه المختصرة تحتاج إلى شيء من التوضيح وإظهار ما يقصده بكلامه فهو يشير إلى أشياء - لا تستوعب تلك الرسالة أو الكتاب المختصر- بسطها، وحينئذ قد لا يعرف قارئها مقصد الشيخ وهدفه من الإشارة التي ذكرها عرضاً وإيماء.
وليس كل من اطلع على رسالته تلك يعرف ما تعنيه. فمثلا "كتاب التدمرية" فيه عبارات وجمل يشير بها شيخ الإسلام إلى طوائف ومقاولات معروفة في كتب الملل والنحل ولكنها ليست معروفة لكل من قرأ هذا الكتاب لذلك فإن هذا الشرح الذي ألفه "الشيخ فالح بن مهدي" المدرس بكلية العلوم الشرعية يؤدي هذا الغرض ويجلو ذلك الغموض ويسد فراغاً في إيضاح مقاصد شيخ الإسلام في كتابه التدمرية.
وقد أحسن الأستاذ فالح صنعاً عندما جعل كتب شيخ الإسلام من أهم مراجعه التي استقى منها هذا الشرح.
والأستاذ فالح الذي يقوم حاليا بالتدريس في كلية العلوم الشرعية التي تخرج منها عام 1377هـ هو من خير من أنجبتهم هذه الكلية وقد
عرفته طالبا- في حلقات المشائخ- ثم دارسا في المعهد العلمي بالرياض- ثم في كلية الشريعة وأخيرا مدرسا في المعهد العلمي ثم في الكلية. وكان نبيهاً حافظاً طموحاً- متقدماً بين أقرانه وزملائه.
ولم يكن الأستاذ فالح ممن فرش طريقه بالورود بل كان عصاميا فجد واجتهد حتى نال درجة هو بها جدير.
ولم يثن عزيمته فقدان البصر، بل ربما كان حافزاً له على الجد في الدراسة والتحصيل "وهو اليوم إذ يقدم هذا الشرح للعقيدة السلفية "رسالة التدمرية " فإنه بذلك يضيف إلى المكتبة العربية والإسلامية كتابا نفيساً ينافح عن العقيدة السلفية، ويبين المذهب السلفي الصحيح الذي ينأى عن العقائد المحرفة والسفسطات المموهة والخرافات المشعوذة وهو مجهود ليس سهلا.. وعمل حرى بالتقدير والتكريم.
إنني أدرك ما في مثل هذا العمل من صعوبة وما يحتاجه من صبر وبحث فقد عانيت في شرحي للعقيدة الواسطية "المسمى الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية المطبوع في أواخر سنة 1377 وأوائل سنة 1378 والذي هو أول شرح مطبوع للعقيدة الواسطية أقول عاينت في ذلك الشرح ما جعلني أقدر مجهود الأخ فالح في هذا الكتاب الذي أرجو أن ينفع الله به، وأن يثبت مؤلفه خيراً. وبالله التوفيق.
حرر في 18/5/1385 هـ زيد بن عبد العزيز بن فياض
"حياة المؤلف"
بقلم أحد تلاميذه
علي بن حسن شهراني
في قرية (الهدار) خلف سعد بن مهدي الدوسري، وأسرته هموم الحياة وضيق العيش، واستوطنوا (ليلى) حاضرة - إقليم الأفلاج فقرت بها أعينهم، واطمأنت قلوبهم ورضيت نفوسهم بما نالوا فيها من رغيد العيش وطيب المقام عن طريق العمل والكدح.
مولده:
وتمضي الأيام سريعة الخطى حتى عام 1352هـ إذ أهلت فرحة وولد أمل فرحة غمرت قلوب الأسرة وأمل أنتشت به نفوس أفرادها
…
تلك الفرحة وذلك الأمل مولد أستاذي الشيخ فالح بن مهدي.
نشأته:
ولد أستاذي فالح بن مهدي بن سعد بن مهدي بن مبارك آل مهدي الدوسري ونشأ كغيره من الأطفال في (ليلى) - الأفلاج -يقضي أوائل النهار في قراءة القرآن الكريم لدى أستاذه الأول "عبد العزيز بن يحيى بن سليمان البواردي" ويقضي أخره في مرح الطفولة وألعابها.
كف بصره:
وفي عام 1362هـ وعمره عشرة أعوام أصيب برمد كف بصره وقد حزنت الأسرة لذلك كثيرا غير أن حزنها تضاءل عندما رأته يسير في قراءة
القرآن بجد ونشاط فيختمه عن ظهر قلب خلال ثلاث سنوات أي في عام1365هـ وعمره 13 عاما. ولم يثبط من عزيمة أستاذي وهمته الطامحه ورغبته في العلم كف بصره إلى أن يهجر مسقط رأسه في الرياض حاضره العلم ومنبع العرفان، ليدرس على مشائخها الأجلاء.
مشائخه:
درس على الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ النحو وثلاثة الأصول والفرائض، ثم على سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية كتاب التوحيد وكشف الشبهات والعقيدة الواسطية ولمعة الاعتقاد وبلوغ المرام وقطر الندى وكما درس في فترات على كل من الشيخ عبد اللطيف بن محمد آل الشيخ والشيخ سعود بن رشود والشيخ إبراهيم بن سليمان في علمي التوحيد والنحو.
لتحاقه بمعهد الرياض العلمي:
وفتح معهد الرياض العلمي عام1371هـ فالحق في السنة الثانية الثانوية ودخل صفوف الدراسة النظامية فسار فيها فكان في طليعة أقرانه على أيدي صفوة من علماء الفقه، والتوحيد، واللغة، والتفسير، والحديث حتى عام 77 حيث أنهي دراسته العالية في كلية الشريعة، وبتخرجه ودع دنيا الدراسة إلى دنيا العمل حيث عين عام 1378هـ مدرسا بمعهد الرياض العلمي ومكث به حتى عام 81 حيث رفع للتدريس بكلية الشريعة بالرياض ولا يزال بها حتى الآن.
أستاذي كما عرفته:
لقد عرفت أستاذي ديناً دمث الخلق متواضعا يحب التواضع يكره المظاهر أيا كانت يحب الحياة البسيطة لا يعكر صفوة سعادتها كدر.. يحب العلم وطلابه.
ويسرني أن اختتم هذه العجالة بأبيات نظمها ووجهها إلى أبنائه مهدي وسعد ومبارك يحثهم فيها على طلب العلم والتحلي بمكارم الأخلاق:
تعلم بني العلم واتعب لنيله
…
وزاحم ذوي التحصيل عند التعلم
ولا ترضين بالجهل ما عشت صاحبا
…
ذوو الجهل أشباه لموتى ونوم
فبادر لأخذ العلم عن كل فاضل
…
حريص على الطاعات خاش التأثم
وصاحب من الطلاب براً مهذبا
…
وباعد من الشرير واحذره تسلم
وكن عاملاً بالعلم فالعلم خشية
…
لذي العرش والتقوى أساس التفهم
وكن عارفاً حق المعلم ناطقا
…
بحسن سؤال منصتا للتكلم
وكن حافظا للوقت واعلم بأنه
…
ثمين على الإنسان فاشغله تغنم
أمهدي وسعد والمبارك فاسمعوا
…
ولا تعدلوا عن نهج أهل التعلم
سألت إله العرش ربي وخالقي
…
جزيل العطايا راحماً ذا ترحم
يهبكم بني العلم والزهد والتقى
…
وصل إله العالمين وسلم
على المصطفى الهادي إلى خير شرعة
…
وأصحابه أهل التقى والتقدم
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله رب العالمين يهدي من يشاء بفضله ويضل من يشاء بعدله فاللهم اجعلنا من المهتدين وأصلى وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد الذي أرسله الله رحمة للعالمين وحجة على المعاندين وعلى آله وأصحابه وأتباعه الذين هم بهديه مستمسكون وعلى نهجه سائرون: -
أما بعد فإنه لما كان عام ألف وثلاثمائة وإحدى وثمانين للهجرة صدر أمر من نائب المفتي لشؤون الكليات والمعاهد العلمية صاحب الفضيلة الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ بنقلي من التدريس بمعهد الرياض العلمي إلى التدريس بكلية العلوم الشرعية، وكان مما أسند إلي تدريسه بها مادة التوحيد للسنة الأولى وكان المقرر فيها "الرسالة التدمرية" لشيخ الإسلام بن تميمة وقد لاحظت أثناء تدريسي هذه الرسالة أنها في حاجة "ماسة إلى شرح يكشف النقاب عن غامضها ويميط اللثام عن مراميها" ويجمع مفصلها ويوضح مجملها فاستعنت الله تعالى على تأليف هذا الشرح وهو وإن كان مختصرا إلا أنه قد يستعين به الطالب القاصر المستفيد ولا يستغني عنه الأستاذ الراغب المستزيد، بذلت فيه الجهد والوسع رجاء أن يعم الله بنفعه وأن لا يحرمني أجره فرب دعوة مخلصة من مستفيد منه قبلها الله فكانت لي ذخراً يوم لقاه راجيا ممن وقف عليه أن يعمل بما قاله الأول:
إن تجد عيبا فسد الخللا
…
جل من لا عيب فيه وعلا
وسميته "التحفه المهدية" شرح الرسالة التدمرية:
وما توفيقي إلى بالله عليه توكلت وهو حسبي ونعم الوكيل:
صدق العزائم واللجاء
…
لا لهنا أقوى سبب
توفيق ربي وحده
…
نعم المؤمل في الطلب
والشوق خير مطية
…
تطوي الفيافي في طرب
بالأمس كنت وفكرتي
…
واليوم تقرأ في كتب
هذي رسالة تدمر
…
لإمامنا عال الرتب
أحببت تنبيها على
…
ما كان فيها منتقب
أو مجملا فصلته
…
والشرح بسط المقتضب
أسميته "مهدية"
…
بل تحفة عبر الحقب
نهج الرسول وصحبه
…
نهج الأئمة لا عجب
قد شع فيها نوره
…
يرمي الضلالة بالشهب
يرمي ضلالة واصل
…
مع جهمهم أو من قرب
صلى الإله وسلما
…
ما هل ودق من سحب
على النبي وصحبه
…
بيض الصحائف والنجب
فالح بن مهدي بن آل مهدي المدرس بكلية العلوم الشرعية بالرياض
في غرة شهر ذي الحجة عام 1384 من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم