الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الداعي إلى تحقيق أصلي التوحيد
…
قوله:
أما بعد: فقد سألني من تعينت إجابتهم أن أكتب لهم مضمون ما سمعوه مني في بعض المجالس من الكلام في التوحيد، والصفات، والشرع، والقدر لمسيس الحاجة إلى تحقيق هذين الأصلين وكثرة الاضطراب فيهما. فإنهما مع حاجة كل أحد إليهما، ومع أن أهل النظر، والعلم، والإرادة، والعبادة: لابد أن يخطر لهم في ذلك من الخواطر، والأقوال ما يحتاجون معه إلى بيان الهدى من الضلال. لاسيما مع كثرة من خاض في ذلك بالحق تارة وبالباطل تارات، وما يعتري القلوب في ذلك: من الشبه التي توقعها في أنواع الضلالات.
ش: يشير المؤلف إلى أن هذه الرسالة عبارة عن مجموعة تقريرات سمعها منه تلاميذه فعز عليهم أن تترك دون تقييد لها مع دعاء الحاجة إلى ذلك والظاهر أن التلاميذ الذين سألوه كتابتها كانوا من أهل "تدمر" كما قال تلميذه ابن عبد الهادي عند بيانه لمصنفات الشيخ قال: ورسالة كتبها لأهل تدمر- انتهى: وتدمر بلدة من بلدان الشام من أعمال حمص وهذا وجه نسبة الرسالة إليها وقد بين المؤلف الأسباب التي من أجلها ألف هذه الرسالة وهي أولا مسيس الحاجة إلى تحقيق الأصلين، ثانيا كثرة الاضطراب فيهما
وقوله " فإنهما مع حاجة كل أحد إليهما ومع أن أهل النظر" الخ.
الظاهر أن خبر إن في قوله- فإنهما - إلى قوله من الشبه - التي توقعها في أنواع الضلالات- محذوف تقديره لفي أمس الحاجة إلى التحقيق والإيضاح الكامل والبيان الشافي، وقد أشار المؤلف فيما بين ذلك إلى الأسباب الموجبة للتحقيق والإيضاح وهي أولا: حاجة الناس إلى هذين الأصلين إذ بهما قوام الدين. ثانيا: أن أهل النظر والعلم والإرادة والعبادة، يحصل عندهم من الخلجات النفسية في هذا الباب ما يحتاجون معه إلى بيان الهدى من الضلال خاصة وأن هذا الباب قد خاض فيه بعض الناس
بالحق تارة وبالباطل مرات عديدة مما سبب بعث الشبه وإدخال الشكوك إلى القلوب، والذين يقومون بهذا الخوض هم الذين اندسوا في عداد المسلمين لا رغبة في الإسلام بل ليكيدوا له ولأهله فإن العقيدة السلفية مازالت على منصة العزة وقمة الكرامة حتى استطاع أعداء الإسلام أن يندسوا بين ظهراني المسلمين وأن يلبسوا الحق بالباطل ويزخرفوا الشبهات والشكوك باسم الدين وفي صورة تنزيه الله عما لا يليق به فردوا آيات الله وحرفوا كتاب الله وعطلوا صفاته العليا وأسماءه الحسنى التي وصف بها نفسه
ووصفه بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ومازالوا يجلبون بنظريات اليونان ومقالات الفرس والهند وآراء الجعد بن درهم والجهم بن صفوان وإخوانهما من أولئك الزائفين الملحدين حتى راجت تلك الترهات ومضت في طريقها إلى القلوب المريضة تفرح بها والى الأقلام الموبوءة تسجلها على الصحف وتسود بها وجوه الكتب وتنقلها جراثيم فساد وإفساد إلى الذين فتنوا بها فتلوث العقول والفطر وإذاً. فثالث الأسباب لتحقيق هذين الأصلين هو كثرة من خاض في هذا الباب بالحق تارة وبالباطل تارات. ورابعها ما يعتري القلوب من الشبه التي توقعها في أنواع الضلالات ونتيجة لذلك أصبحت كتب التوحيد بحاجة إلى من يصقلها ويبعد عنها تلك الترهات والشبه التي دسها هؤلاء المغرضون بحيث يعود التوحيد صافيا نقيا لا لبس فيه كما كان في عهد الرسالة حيث كان محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يبلغ عن ربه
ثم ينقل عنه صحابته "ذلك التوحيد ناصع البياض " والمقصود أن هذين الأصلين بعد خلط كتب التوحيد بعلم الكلام ومقالات الفرس واليونان قد أصبحنا في حاجة ماسة إلى التحقيق وبيان الهدى من الضلال ولقد أحسن القائل:
لا تخش من بدع لهم وحوادث
…
ما دمت في كنف الكتاب وحرزه
من كان حارسه الكتاب ودرعه
…
لم يخش من طعن العدو ووخزه