الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحافظ: "وما رأيت بعد محمد بن يحيى أحفظ للحديث ولا أعلم بمعانيه من أبي حاتم" توفي أبو حاتم في شعبان سنة سبع وسبعين ومائتين وله اثنتان وثمانون سنة.
تعتبر الصفات مترادفة بالنسبة لدلالتها على ذات واحدة ومتباينة من جهة اختلاف المعنى
…
قوله:
والله سبحانه أخبرنا أنه عليم قدير، سميع بصير، غفور رحيم، إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته. فنحن نفهم معنى ذلك، ونميز بين العلم والقدرة، وبين الرحمة والسمع والبصر، ونعلم أن الأسماء كلها اتفقت في دلالتها على ذات الله، مع تنوع معانيها، فهي متفقة متواطئة من حيث الذات، متباينة من جهة الصفات.
وكذلك أسماء النبي صلى الله عليه وسلم مثل محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب. وكذلك أسماء القرآن مثل القرآن والفرقان والهدى والنور والتنزيل والشفاء وغير ذلك. ومثل هذه الأسماء تتنازع الناس فيها، هل هي من قبيل المترادف – لإتحاد الذات – أو من قبيل المتباين لتعدد الصفات؟ كما إذا قيل: السيف والصارم والمهند، والقصد في الصارم معنى الصرم، زفي المهند النسبة إلى الهند، والتحقيق أنها مترادفة في الذات متباينة في الصفات.
ش: يعني أن الله سبحانه أخبرنا في كتابه العزيز وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه متصف بالعلم والقدرة، قال تعالى:{إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً} ومتصف بالسمع والبصر، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} ومتصف بالمغفرة والرحمة {وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} إلى غير ذلك مما ورد من أسمائه وصفاته كوصفه بالغضب والرضا، والمحبة والكلام واليدين
والاستواء، ونحن نفهم هذه الصفات ونعرف معانيها ونميز بين بعضها والبعض الآخر. ونعلم أن كلها متفقة من جهة دلالتها على ذات الله سبحانه. فهو الموصوف والمسمى بها، وكل اسم يدل على معنى لا يدل عليه الاسم الآخر مع أن الجميع حق. قال تعالى:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} فإذا قيل: الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام، فهي كلها أسماء لمسمى واحد سبحانه وتعالى وأن كان كل اسم يدل على نعت لله تعالى لا يدل عليه الاسم الآخر.
ولولا أن هذه الأسماء والصفات تدل على معنى مشترك كلي، يقتضي من المواطأة والموافقة والمشابهة ما به نفهم ونثبت هذه المعاني لله، لم نكن قد عرفنا من الله شيئاً. ولا صار في قلوبنا أيمان به ولا علم ولا معرفة ولا محبة ولا إرادة لعبادته ودعائه وسؤاله وتعظيمه.
قال الشيخ ومن فهم هذه الحقائق الشريفة والقواعد الجليلة النافعة، حصل له من العلم والمعرفة والتحقيق والتوحيد والإيمان، وانجاب عنه من الشبه والضلال والحيرة ما يصير به في هذا الباب من الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين فأسماء الله وصفاته مترادفة من جهة دلالتها على الذات الواحدة، ومتباينة من جهة تغاير معانيها، وقد استشهد المؤلف على كون الأسماء تكون مترادفة باعتبار ومتباينة باعتبار آخر، بثلاثة أمثلة:
أحدها: أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم، وثانيها: أسماء القرآن الكريم. وثالثها: أسماء السيف. فمحمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب كلها أسماء تدل على شيء واحد هو ذات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائيلَ أني رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} .
وعن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحى بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب" والعاقب الذي ليس بعده نبي. وعن حذيفة قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا محمد وأحمد والحاشر والمقفي ونبي الرحمة". والفرقان والقرآن والهدى والنور والشفاء والتنزيل كلها أسماء لشيء واحد هو كتاب الله المنزل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، مع تبلين معانيها، قال تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَان عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} وقال عز وجل: {أنا أنزَلْنَاهُ قُرْأناً عَرَبِيا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} وقال: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ} وقال: {وَأنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً} وقال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} وقال: {وَأنهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
وقول المؤلف "وغير ذلك" يعني كتسميته روحاً {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا} ووحيا {إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ} وعربيا {قُرْآناً عَرَبِيّاً} وبصائر {هَذَا بَصَائِرُ} وبياناً {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} وعلماً {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} وحقاً {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} وهاديا {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي} وعجباً {قُرْآناً عَجَباً} وتذكرة {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ} وصدقاً {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} وعدلا {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} وأمراً {ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ} ومناديا {سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} وبشرى {هُدىً وَبُشْرَى} ومجيداً {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ} وزبوراً {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ} وبشيراً ونذيراً {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيراً وَنَذِيراً} وعزيزاً {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} وبلاغاً {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ} وقصصاً {أَحْسَنَ الْقَصَصِ} .
والسيف: يطلق عليه المهند والصارم وكلها أسماء لشيء واحد، هو