الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ش: يشير المؤلف إلى أن القول: بأن الجسم هو ما يقبل الإشارة الحسية وتمكن رؤيته بالأبصار، ويتصف بالصفات هو القول الصواب في تعريف الجسم اصطلاحا وبهذا الاعتبار يصح أن تسمى الروح جسماً، فإنه يصح أن يشار إليها، ويمكن أن ترى فإن بصر الميت يتبعها ويراها كذلك ترى بعد الموت فإن الروح قائمة بنفسها، باقية بعد الموت منعمة أو معذبة، كما دل على ذلك نصوص الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، ثم تعاد إلى الأبدان. وهذا الحديث رواه مسلم بسنده عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال: أن الروح إذا قبض تبعه البصر فسبح ناس من أهله فقال: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون، ثم قال "اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وأفسح له في قبره ونور له فيه" وروى مسلم أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألم تروا أن الإنسان إذا مات شخص بصره؟ قالوا بلى: قال فكذلك حين يتبع بصره نفسه" وروى الإمام أحمد، وابن ماجه، عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر، فإن البصر يتبع الروح وقولوا خيرا فإنه يؤمن على ما يقول أهل الميت ".
وجه ضرب المثل بالروح
…
قوله:
والمقصود: أن الروح إذا كانت موجودة حية، عالمة قادرة، سميعة بصيرة، تصعد وتنزل، وتذهب وتجيء، ونحو ذلك من الصفات والعقول قاصرة عن تكييفها وتحديدها، لأنهم لم يشاهدوا لها نظيراً والشيء إنما تدرك حقيقته بمشاهدته، أو مشاهدة نظيره، فإذا كانت الروح متصفة بهذه الصفات مع عدم مماثلتها لما يشاهد من المخلوقات فالخالق أولى بمباينته لمخلوقاته مع اتصافه بما يستحقه من أسمائه وصفاته
وأهل المعقول هم أعجز عن أن يجدوه أو يكيفوه منهم عن أن يحدوا الروح أو يكيفوها فإذا كان من نفى صفات الروح جاحدا معطلا لها ومن مثلها بها يشاهده من المخلوقات جاهلا ممثلا لها بغير شكلها، وهي مع ذلك ثابتة بحقيقة الإثبات، مستحقة لما لها من الصفات، فالخالق سبحانه وتعالى أولى أن يكون من نفى صفاته جاحدا معطلا، ومن قاسه بخلقه جاهلا به، ممثلا وهو سبحانه وتعالى ثابت بحقيقة الإثبات، مستحق ما له من الأسماء والصفات.
ش: يعني هذا هو المقصود من المجيء ببحث الروح هنا ووجه ضرب المثل بها فإذا علم أن الروح متصفة بصفات، والبدن متصف بصفات، ولم يوجب ذلك أن تكون الروح مثل البدن، فالرب سبحانه متصف بالصفات التي وصف بها نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله، والمخلوق متصف بصفات، وليست صفات الخالق مثل صفات المخلوق بل لكل منهما ما يناسب ذاته وإذا كان من نفى صفات الروح جاحدا معطلا لما ثبت في النصوص من صفاتها، ومن مثلها بشيء من المخلوقات كان جاهلا بها مشبها لها بغير مثلها، فكذلك بطريق الأولى من نفى صفات الله فهو جاحد لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله من وصف الله بصفات الكمال، ونعوت الجلال، ومن مثل صفاته بصفات خلقه كان مخالفا لما جاء في النصوص من نفى الشبيه عنه والمثال، وكذلك إذا كانت العقول قاصرة عن الوصول إلى العلم بكيفية الروح والإحاطة بها لأنها لم تشاهدها ولم تشاهد لها مثيلا فعجزهم عن الوصول إلى العلم بكيفية الخالق وإلاحاطة به بطريق الأولى، وإذا كانت الروح ثابتة موصوفة بصفاتها اللائقة بها رغم المعطلين لها والمشبهين لها بغير شكلها، فكذلك بطريق الأولى ذات الرب موجودة ثابتة متصفة بأوصاف الكمال.