الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجوز أن يثبت كما يجوز عليه أن ينفى مع قطع النظر عن قائله. وذكر المؤلف أن التوحيد الطلبي الإرادي منقسم إلى مطلوب مراد، وإلى ممنوع مبغض، وقوله في الأول نفيا، وإثباتا معناه أن منه ما يثبت كإثبات أن الله الخالق الرازق، الموصوف بصفات الكمال، ومنه ما ينفى كنفي الشريك له والمثل والكفؤ، وقوله كما ذكره الفقهاء في كتاب الإيمان يعني عند ذكرهم أن اليمين لابد أن تكون على مستقبل ممكن فلا تنعقد على ماض كاذباً عالماً به "وهي الغموس " أو ظاناً صدق نفسه فيتبين بخلافه ومعناه الثاني أن منه ما هو مثبت كالأوامر فهي مراد مطلوب فعلها، ومنفي، كالنواهي. ففعلها
مكروه مبغض ممنوع وذكر أن الفرق بين الإثبات والنفي، والتصديق والتكذيب، وبين المحبوب المراد، وبين المكروه المبغض، معروف لدى كل أحد. مستقر في الفطر وقد نص على ذلك الفقهاء والأصوليون
والباحثون في قواعد اللغة العربية والبلاغة، فإن صحة هذا التقسيم اللفظي تابع لصحة انقسام المدلول المعنوي، فإن هذه حقائق ثابتة في نفسها معقولة متميزة يميز العقل بينها ويحكم بصحة أقسامها.
فالمقصود أن معاني الكلام: أما طلب، والطلب أمر ونهي "وهو الإنشاء" وأما خبر وهو ما يصح إثباته كما يصح نفيه لذاته " فمن الطلبي الإرادي توحيد، الشرع "والقدر" فمنه ما هو مطلوب مراد محبوب" كالتوحيد وسائر الطاعات "ومنه ما هو مبغض ممنوع "كالشرع والمعاصي" ومن الخبري "توحيد الربوبية والأسماء والصفات، فمنه ما يثبت كأوصاف الكمال ونعوت الجلال، ومنه ما ينفي، كنفي النقص والعيوب والشريك والمثيل.
ما يجب على العبد في كل منهما
…
قوله:
وإذا كان كذلك، فلابد للعبد أن يثبت لله ما يجب إثباته له من صفات الكمال، وينفي عنه ما يجب نفيه عنه مما يضاد هذه الحال ولابد له
في أحكامه من أن يثبت خلقه وأمره فيؤمن بخلقه التضمن كمال قدرته، وعموم مشيئته ويثبت أمره المتضمن بيان ما يحبه ويرضاه، من القول والعمل، ويؤمن بشرعه وقدره أيماناً خاليا من الزلل.
ش: يقول المؤلف وإذا كان منقسماً إلى منفي ومثبت. والطلب إلى محبوب مراد. ومبغض ممنوع، فيجب في باب الصفات أن يثبت لله من الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا، ما وصف به نفسه، وما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم كما أنه يجب نفي النقائص والعيوب عن الله سبحانه وسيَأتِي شرح هذه الجملة إذ شاء الله تعالى، إذ الكلام على هذا الأصل هو جل موضوع هذه الرسالة.
وأما الأصل الثاني وهو"توحيد الشرع والقدر" فيجب أن يثبت لله ويسلم له ما شرعه من أحكام ويؤمن بقدر السابق، فإن الإيمان بالقدر مرتبط بامتثال الشرع، وامتثال الشرع مرتبط بالإيمان بالقدر، وانفكاك أحدها من الآخر محال، فإن الإقرار بالقدر مع الاحتجاج به على الشرع ومحاربته به مخاصمة لله تعالى في أمره وشرعه، ووعده ووعيده، وثوابه وعقابه، وطعن في حكمته وعدله، وانتقاد عليه في إرسال الرسل، وإنزال الكتب، ونسبة أحكم الحاكمين وأعدل العادلين إلى العبث والظلم، في ذلك كله وكذلك الانقياد "للشرع " مع نفي القدر وإخراج أفعال العباد ذلك كله، وكذلك الانقياد "للشرع" مع نفي القدر وإخراج أفعال العباد عن قدرة الباري وجعلهم مستقلين مستغنين عنه طعن في ربوبية المعبود وملكوته ونسبته إلى العجز، فالإيمان بالقدر"خيره وشره " هو نظام التوحيد كما أن الإتيان بالأسباب التي توصل إلى خيره وتحجز عن شره واستعانة الله عليهما "هو نظام الشرع" ولا ينتظم أمر الدين ولا يستقيم إلا لمن آمن بالقدر وامتثل الشرع، كما قرر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بالقدر ثم قال: لما قيل له، أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال:"لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له" فمن نفى القدر وزعم منافاته للشرع فقد عطل الله عن علمه وقدرته ومعاني