الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خشية التشبيه، هذا تقرير شبهتهم، ولكن آل بهم إغراقهم في نفي التشبيه إلى أن وصفوه بغاية التعطيل، ثم أنهم لم يخلصوا مما فروا منه بل يلزمهم على قياس قولهم أن يكونوا قد شبهوه بالممتنع الذي هو أخس وأفضع من الموجود والمعدوم الممكن ففروا في زعمهم من التشبيه بالموجودات والمعدومات، ووصفوه بصفات الممتنعات، التي لا تقبل الوجود، بخلاف المعدومات الممكنات، وتشبيهه بالممتنعات شر من تشبيهه بالموجودات والمعدومات الممكنات، وما فرمنه هؤلاء الملحدة. ليس بمحذور، فإنه إذا
سمي موجوداً قائماً بنفسه، حيا عليماً، رؤوفاًً، رحيماً، وسمي المخلوق بذلك لم يلزم من ذلك أن يكون مماثلا للمخلوق أصلا ولو كان هذا حقاً لكان كل موجود مماثلا لكل موجود، ولكان كل معدوم مماثلا لكل معدوم، ولكان كل ما ينفى عنه شيء من الصفات مماثلا لكل ما ينفى عنه ذلك الوصف. ثم ذكر المؤلف أن سلبهم للنقيضين أمر ممتنع، وامتناعا واضح بديهي عند ذوي العقول، "والبديهي جمعه بديهيات "وهي العلوم الأولية التي يجعلها الله في النفوس ابتداءاً بلا واسطة، وهي كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين فهي لا تحتاج إلى تأمل ونظر وتفكير.
ثم بين أن هؤلاء النافين لأسماء الله وصفاته قد حرفوا بتأويلاتهم الباطلة ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى والصفات العليا استنادا إلى أقيستهم الفاسدة وتأويلاتهم الباطلة وبين المؤلف أن سلب النقيضين مثل جمع النقيضين كل منهما ممتنع فقولك زيد موجود معدوم الآن ممتنع وقولك زيد لا موجود ولا معدوم الآن ممتنع أيضا.
اسم القديم ليس من أسماء الله الحسنى
…
قوله:
وقد علم بالاضطرار: أن الوجود لابد له من موجد واجب بذاته، غني عما سواه، قديم أزلي، لا يجوز عليه الحدوث ولا العدم، فوصفوه بما
يمتنع وجوده فضلا عن الوجوب أو الوجود أو القدم.
ش: يعني أن العلم بوجود الله أمر ضروري، فطري، وإن كان يحصل لبعض الناس ما يخرجه إلى الطرق النظرية، فنحن نشاهد حدوث الحيوان والنبات، والمعادن وحوادث الجو، كالسحاب، والمطر، وغير
ذلك، وهذه الحوادث لم توجد من غير موجد، ولا هي أوجدت نفسها كما قال تعالى {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} ومعلوم أن الشيء لا يوجد نفسه، فالممكن الذي ليس له من نفسه وجود ولا عدم لا يكون موجوداً بنفسه بل أن حصل ما يوجده وإلا كان معدوما.
وقوله "لا يجوز عليه الحدوث ولا العدم" هو شرح لقوله -واجب بذاته- والغنى عما سواه هو القائم بنفسه، ليس محتاجا إلى غيره في شيء من الأمور، يقول تعالى:{يا أيهَا النَّاسُ أنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} وغناه شامل وخزائنه ملأى: {وَإن مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} وقول المؤلف "قديم أزلي" القديم في لغة العرب التي نزل بها القرآن هو المتقدم على غيره، فيقال هذا قديم للعتيق، وهذا حديث للجديد، ولم يستعمل هذا إلا في المتقدم على غيره -لا فيما لم يسبقه عدم- كما قال تعالى:{حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} والعرجون القديم هو الذي يبقى إلى حين وجود العرجون الثاني فإذا وجد الحديث قيل للأول قديم وأما إدخال القديم في أسماء الله تعالى فهو مشهور عند أكثر أهل الكلام وقد أنكر ذلك كثير من السلف والخلف، وحيث أن التقدم في اللغة مطلق لا يختص بالمتقدم على الحوادث كلها وأسماء الله هي الأسماء الحسنى التي تدل على خصوص ما يمدح به فلا يكون القديم من الأسماء الحسنى، وجاء الشرع باسمه الأول وهو أحسن من القديم لأنه يشعر بأن ما بعده آيل