المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌دحض شبهة النصارى في استدلالهم بمثل (إنا) و (نحن) على تعدد الآلهة - التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية - جـ ١

[فالح بن مهدي آل مهدي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌نبذة عن حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌خطبة الحاجة

- ‌الداعي إلى تحقيق أصلي التوحيد

- ‌الكلام في باب توحيد الربوبية من باب الخبر، وفي باب الشرع من باب الإنشاء

- ‌ما يجب على العبد في كل منهما

- ‌دلالة سورتي الإخلاص على أنواع التوحيد

- ‌الأصل في باب الأسماء والصفات

- ‌نموذج مما ورد عن بعض السلف في هذا الباب

- ‌بعث الله رسله بإثبات مفصل ونفي مجمل

- ‌أسماء الطوائف التي زاغت وحادت عن سبيل المرسلين

- ‌شبهة غلاة القرامطة ومن ضاهاهم

- ‌اسم القديم ليس من أسماء الله الحسنى

- ‌مذهب الفلاسفة في الصفات

- ‌أصل تسمية المعتزلة

- ‌السفسطة في العقليات والقرمطة في السمعيات

- ‌معنى الواجب والممكن

- ‌الصفات لها ثلاث اعتبارات

- ‌سمى الله نفسه بأسماء، وسمى بعض عباده باسماء

- ‌تفسير بسط اليدين

- ‌مناظرة مع الأشعري

- ‌وجه الاستدلال على الصفات السبع بالعقل

- ‌رجوع أبي الحسن الأشعري عن مذهبه

- ‌دحض شبه المعتزلة

- ‌ما يترتب على نفي الجهمية للصفات

- ‌اتفاق المسميات في في الأسماء والصفات لا يوجب تماثلها

- ‌مراد النفاة بحلول الحوادث والاعراض والاغراض

- ‌مناقشة نفاة الصفات في تسميتهم تعطيلهم توحيدا

- ‌من نفى شيئا ثابتا فرارا من محذور

- ‌معنى قول الماتن فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته

- ‌الأشاعرة يسلكونفيما ينفونه إما التأويل وإما التفويض

- ‌يلزمهم في المعنى المصروف إليه ما يلزمهم في المعنى المصروف عنه

- ‌كلام اللغويين في المثل

- ‌أقسام الناس في باب الإيمان بالله واليوم الآخر

- ‌أهل التصوف والسلوك

- ‌قياس التمثيل والشمول

- ‌وصف الروح في النصوص

- ‌كلام الفلاسفة في الروح

- ‌المعاني الاصطلاحية في الجسم

- ‌وجه ضرب المثل بالروح

- ‌كل نفي وصف الرب به نفسه فهو متضمن لاثبات المدح والكمال

- ‌حقيقة مذهب المعطلة

- ‌القول بأنه لاداخل العالم ولا خارجه هو بمنزلة القول بأنه لاقديم ولا محدث

- ‌أربعة أوجه يرد بها شيخ الإسلام على اعتذار النفاة

- ‌مقالة النفاة العاديين أعظم كفرا من مقالة النفاة المحضة من وجه

- ‌قولهم ليس بمتحيز هو بمعنى قولهم لاداخل العالم ولا خارجه

- ‌لايتوقف الايمان بما جاءبه الرسول على معرفة المعنى

- ‌الأقوال المجملة تشتمل على حق وباطل

- ‌شيء من النصوص الداله على عظمة الله وانه لايحوزه شيء من مخلوقاته

- ‌ لفظ الظاهر فيه إجمال واشتراك

- ‌الذين يجعلون ظاهر النصوص هو التشبيه يغلطون من وجهين

- ‌الفروق بين آيتي (ص) ، (يس)

- ‌النصوص المتفق على معناها بين أهل السنة والأشاعرة

- ‌أربعة محاذير يقع فيها من من نفى شيئا من الصفات

- ‌نصوص فوقية الله على خلقه واستوائه على عرشه

- ‌معاني الاستواء

- ‌ذكر الله استواء يخصه ويليق به

- ‌خلق الله العالم بعضه فوق بعض

- ‌حرف (في) يختلف معناه بحسب ما قبله وما بعده

- ‌النصوص الداله على تدبر القرآن وتفهم معانيه

- ‌القائلون بأن الوقف في آية آل عمران على لفظ الجلاله

- ‌انقسام التأويل إلى ثلاثة أقسام

- ‌التفسير هو البيان

- ‌موجودات الدنيا تشبه موجودات الآخرة

- ‌حديث أسألك بكل أسم هو لك

- ‌تعتبر الصفات مترادفة بالنسبة لدلالتها على ذات واحدة ومتباينة من جهة اختلاف المعنى

- ‌التواطؤ والاشتراك

- ‌التشابه الخاص والاحكام الخاص

- ‌ما من شيئين إلاويشتبهان من وجه ويختلفان من وجه آخر

- ‌حقيقة مذهب الاتحادية

- ‌لفظ الوجود من باب التواطؤ

- ‌دحض شبهة النصارى في استدلالهم بمثل (إنا) و (نحن) على تعدد الآلهة

- ‌يزول الاشتباه بكل من الاضافة والتعريف

- ‌اضطراب مقالة الطائفة التي تنفي التأويل وتستدل على بطلانه بقوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله}

- ‌الإشارة إلى مراجع الكتاب

الفصل: ‌دحض شبهة النصارى في استدلالهم بمثل (إنا) و (نحن) على تعدد الآلهة

الذهن. فليس في الخارج مطلق كلي يشتركان فيه، بل هذا له حصة منه، وهذا له حصة منه؟ وكل من الحقيقتين ممتازة عن الأخرى والكليات هي الكليات الخمس: الجنس، والنوع، والفصل، والخاصة، العرض العام. والقول فيها واحد، فليس فيها ما يوجد في الخارج كليا، ولا تكون مطلقة إلا في الأذهان لا في الأعيان.

والحاصل أن قول هذه الطائفة: بأن الكليات المطلقة مثل وجود ضد عدم، وحيوان ضد جماد، وجسم ضد عرض، وإنسان ضد فرس توجد في الشاهد والعيان. وأن الموجودات إذا كانت مشتركة في مسمى الوجود لزم وجود شيء متشخص تشترك فيه قول باطل، مخالف للمعقول والمحسوس، كما أنه مخالف للنصوص، وهذه الطوائف كلها إنما ضلت بسبب الاشتباه وعدم التفريق، بينما تشترك فيه الموجودات وما يمتاز به بعضها عن بعض.

ص: 223

‌دحض شبهة النصارى في استدلالهم بمثل (إنا) و (نحن) على تعدد الآلهة

قوله:

ومن هداه الله فرق بين الأمور وأن اشتركت من بعض الوجوه، وعلم ما بينهما من الجمع والفرق، والتشابه والاختلاف، وهؤلاء لا يضلون بالمتشابه من الكلام، لأنهم يجمعون بينه وبين المحكم الفارق

الذي يبين ما بينهما من الفصل والافتراق وهذا كما أن لفظ "أنا" و "نحن" وغيرهما من صيغ الجمع يتكلم بها الواحد له شركاء في الفعل، ويتكلم بها لواحد العظيم الذي له صفات تقوم كل صفة مقام واحد، وله أعوان تابعون له، لا شركاء له. فإذا تمسك النصراني بقوله تعالى:{إنا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنا لَهُ لَحَافِظُونَ} ونحوه على تعدد الآلهة، كان المحكم كقوله تعالى:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ونحو ذلك مما لا يحتمل إلا معنى واحد يزيل ما هناك من الاشتباه،

ص: 223

وكان ما ذكره من صيغة الجمع مبينا لما يستحقه من العظمة والأسماء والصفات وطاعة المخلوقات من الملائكة وغيرهم.

وأما حقيقة ما دل عليه ذلك هن حقائق الأسماء والصفات، وما له من الجنود الذين يستعملهم في أفعاله، فلا يعلمهم إلا هو {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} . وهذا تأويل المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، بخلاف الملك من البشر إذا قال: قد أمرنا لك بعطاء، فقد علم أنه هو وأعوانه، مثل كاتبه وحاجبه وخادمه ونحو ذلك أمروا به، وقد يعلم ما صدر عنه ذلك الفعل من اعتقاداته وإراداته ونحو ذلك.

والله سبحانه وتعالى لا بعلم عباده الحقائق التي أخبر عنها من صفاته وصفات اليوم الأخر، ولا يعلمون حقائق ما أراد بخلقه وأمره من الحكمة ولا حقائق ما صدرت عنه من المشيئة والقدرة.

ش: يقول المؤلف أن من أنار الله بصيرتهم وهداهم لتمييز الحق من الباطل، لا يضلون بسبب ما بين الأمور من اشتباه من بعض الوجوه، وهؤلاء هم العلماء الذين يعرفون ما يدل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويعرفون القدر المشترك بين الشيئين وما يمتاز به كل واحد عن الآخر، فيردون المشكل وغير الواضح إلى قطعي الدلالة وواضح المعنى، فيزول الاشتباه، ويتضح ما بين الشيئين من جهة الجمع وجهة الافتراق بواسطة ردهم المتشابه إلى المحكم.

وكمثال على التشابه الخاص الذي يوضحه المحكم ويزيل ما به من الاشتباه مثل المؤلف بلفظ "إنا" و"نحن" كقوله تعالى: {إنا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً

ص: 224

مُبِيناً} وقوله: {إنا أنزَلْنَاهُ قُرْأناً عَرَبِيا} وقوله: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا} ونحو ذلك كقوله: {نَتْلُو عَلَيْكَ} وقوله: {فَرَضْنَا} و {وَرَفَعْنَا} حيث تمسك النصارى بمثل هذه النصوص، واستدلوا بها على أن الله ثالث ثلاثة! تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا وقد غفلوا عن كون هذه الصيغة في أصل وضعها العربي يتكلم بها الواحد المعظم نفسه، ويتكلم بها الواحد الذي معه شركاء في فعله. فيؤتى لهؤلاء النصارى بالآيات المصرحة بوجدانية الله كقوله تعالى:{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا أن اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} و {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} ، {قُلْ إنما أنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ إنما إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} . ونحو ذلك من الآيات المصرحة ببطلان ما يدعون، والمزيلة للاشتباه الذي به يلبسون. فهذه الصيغة في كلام العرب للواحد العظيم المتحدث عن نفسه، وللعظيم الذي له أعوان يطيعونه! فإذا فعل أعوانه فعلا بأمره قال: نحن فعلنا كما يقول الملك نحن فتحنا هذا البلد، وهزمنا هذا الجيش ونحو ذلك، وحينئذ فالرب تبارك وتعالى يتكلم ب"أنا" و"نحن " لما له من العظمة والجلال. وعديد الأسماء والصفات التي لا يحصيها إلا هو وما له من الجود الذين هم عبيده وتحت قهره يديرهم كيف يشاء فهم {عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} . كما وصفهم الله في سورة الأنبياء، فهو سبحانه أحق بالتكلم ب"إنا" و"نحن" ونحو ذلك.

فنحن إذا نفهم مراد الله بقوله: "إنا"و"نحن" وإن كنا نجهل ما دل عليه ذلك من كيفية صفات الله وحقيقة ذاته المقدسة كما نجهل حقيقة ذوات الملائكة وكيفية صفاتهم، ولا نعلم عددهم ولا كيف يأمرهم الله يفعلون. أما الملك من البشر إذا تكلم ب" إنا" و"نحن" فقد يكون مراده

ص: 225

قوله:

وبهذا يتبين أن التشابه يكون في الألفاظ المتواطئة كما يكون في الألفاظ المشتركة التي ليست بمتواطئة، وأن زال الاشتباه بما يميز أحد النوعين، من إضافة أو تعريف، كما إذا قيل: فيها أنهار من ماء. فهناك قد خص هذا الماء بالجنة، فظهر الفرق بينه وبين ماء الدنيا. لكن حقيقة ما امتاز به ذلك الماء غير معلومة لنا. وهو ما أعده الله لعباده الصالحين. مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله. وكذلك مدلول أسمائه وصفاته الذي يختص بها، التي هي حقيقة لا يعلمها إلا هو.

ش: يعني بهذه الأمثلة التي تقدمت في بحث " إنا" و"نحن" وبحث الوجود، يتبين أن الاشتباه يكون في الألفاظ المتواطئة _ وهي المتوافقة لفظا ومعنى كما يكون في الألفاظ المشتركة التي ليس بمتواطئ! بل هي مشتركة اشتراك لفظيا فقط. ويزول الاشتباه الحاصل بين الشيئين، ويتميز أحدها عن الآخر بالنص القاطع. النافي للمماثلة ويزول أيضا بالتعريف

ص: 226