الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طائفة ثالثة من أهل الكلام من المعتزلة ومن تبعهم " فالمعتزلة مجمعون على تسمية الله بالاسم ونفي الصفة عنه، وكذلك من تبعهم من الطوائف المشار إليها. والترادف سيَأتِي له ذكر في غير هذا الموضع. والعلم اسم يعين مسماه مطلقا "والمحضة " الخالصة الخالية من الدلالة على شي، آخر وقوله: "والكلام على فساد مقالة هؤلاء وبيان تناقضها" الخ.
معناه أن بسط الكلام في إيضاح بطلان أقوال المعتزلة ومن على شاكلتهم بط القول في ذلك مذكور في غير هذه الرسالة، وقد بسطه "رحمه الله " في كتابيه "موافقة مريح المعقول لصحيح المنقول". و"منهاج السنة" وغيرهما من مؤلفاته وبين فيها وجه التناقض والفساد؟ موضحا بطلان ذلك بالحجج العقلية والنقلية: وقوله: "بصريح المعقول" يعني "بالمعقول "الصريح، وكذلك قوله:"وصحيح المنقول " يعني "بالمنقول " الصحيح: فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف "والصريح " هو السليم الخالي من المعارضة والصحيح " السليم من الأمراض: وهي علل التجريح. ووجه تناقض مقالتهم أنهم يقولون القولين المتضادين في المسألة الواحدة، فيفرقون بين المتماثلين ويسوون بين المختلفين، وقوله "المطابق" يشير إلى إنه لا اختلاف بين العقل الصريح، والنقل الصحيح، بل هما متفقان تمام الاتفاق.
السفسطة في العقليات والقرمطة في السمعيات
…
قوله:
وهؤلاء جميعهم يفرون من شيء فيقعون في نظيره، بل وفي شر منه " مع ما يلزمهم من التحريف والتعطيل، ولو أمعنوا النظر لسوووا بين المتماثلات، وفرقوا بين المختلفات، كما تقتضيه المعقولات، وكانوا من الذين أوتوا العلم، الذين يرون إنما أنزله إلى الرسول هو الحق من ربه، وبهدي إلى صراط العزيز الحميد.
ولكنهم من أهل المجهولات، المشبهة بالمعقولات، يسفسطون في العقليات ويقرمطون في السمعيات.
ش: يعني هذه الطوائف كلها سلكت هذا المسلك في صفات الله، خشية من محذور هو التشبيه ولكنها وقعت في تشبيه نظير الذي فرت منه، ووجه ذلك إنهم فروا من تشبيه الله بالحي الموجود، إلى تشبيه بالمعدوم، حيث وصفوه بصفات لا تنطبق إلا على المعدوم، بل وشبهوه بالأشياء الممتنعة، حيث وصفوه بصفات لا تنطبق إلا على مستحيل الوجود، مع أنهم بنفيهم لصفات الله، وتشبيههم إياه بالمعدوم، قد حرفوا كلام الله عن مواضعه، وعطلوا النصوص عن مدلولها، وقوله:"ولو أمعنوا النظر" يعني لو دققوا ونظروا بعين البصيرة والإنصاف لسووا بين الأمور المتماثلة، وفرقوا بين الأمور المختلفة، فمن يثبت الاسم وينفي الصفة ومن يثبت بعض الصفات وينفي البعض الآخر مفرق بين متماثلين، فباب الأسماء والصفات واحد فإن كان هناك محذور في إثبات الصفة فهو موجود في إثبات الاسم وكذلك أن كان هناك محذور في إثبات بعض الصفات فهو موجود في إثبات البعض الأخر وسيَأتِي لذلك أمثلة عديدة في كلام المؤلف، ومن يجعل العلم هو القدرة والسمع هو عين الكلام قد سوى بين مختلفين، فالعلم ضد الجهل والقدرة ضد العجز وهكذا، وكذلك من جعل العلم عين العالم فالذات شيء وصفة الذات شيء آخر كما تقتضيه المعقولات يعني أن العقل المدرك للأمور يقتضي التسوية بين الأمور المتماثلة والتفريق بين الأمور المختلفة، وقوله "ولكانوا" معطوف على قوله "لسووا" فلو دققوا النظر لم يفرقوا بين أمور متماثلة، ولم يسووا بين أمور مختلفة، ولكانوا من جملة أهل السنة والجماعة الذين يعلمون أن ما أنزل إلى الرسول في باب أسماء الله وصفاته وسائر ما أنزل عليه هو الحق من ربه فلا تحريف، ولا تأويل، ولا تمثيل، هذا هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من ربه هو الحق الهادي إلى صراط الله العزيز الحميد، أما زبالة أذهان هذه الطوائف، ونحاتة عقولهم الملوثة بالخرافات والبدع فهي التي ينبغي أن تطرح لأنها لا تهدي إلا إلى الحيرة والشكوك ولكن واقع هؤلاء أنهم ليسوا من أهل العلم الذي