الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البشري عن تصوره وإدراكه، ولكن لفظ العقل مما لم يرد وصف الله به في الكتاب أو السنة. والظاهر أن أصل قول المؤلف:"والفعل كما في بعض النسخ" لأن الفعل مما ورد وصف الله به دون لفظ العقل، ولكن بما أن أكثر النسخ التي بأيدينا متفقة على لفظ العقل شرحناه على هذا المعنى. وقوله: ونحو ذلك يعني كصفة الوجه، فإن الوجه وصف كمال لا وصف نقص ووجه كل شيء بحسبه وهو ممدوح به لا مذموم، كوجه النهار ووجه الثوب، ووجه القوم. فوجه الله سبحانه هو كما يليق به ويناسب ذاته المقدسة فهو بحسب المضاف إليه وسائر الصفات على هذا النهج، فلله الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا.
مقالة النفاة العاديين أعظم كفرا من مقالة النفاة المحضة من وجه
…
قوله:
واعلم أن الجهمية المحضة كالقرامطة ومن ضاهاهم: ينفون عنه تعالى اتصافه بالنقيضين، حتى يقولون ليس بموجود ولا ليس بموجود، ولا حي ولا ليس بحي، ومعلوم أن الخلو عن النقيضين ممتنع في بدائه العقول كالجمع بين النقيضين.
ش: سبق بيان هذا عند قول المؤلف في المقدمة: " فغلاتهم يسلبون عنه النقيضين" ولكن كرر المؤلف ذلك: بمناسبة كلامه على النفي الذي لا يتضمن إثبات صفة كمال وإنما هو تشبيه بالناقصات، من جمادات أو معدومات، أو ممتنعات. وسلب هؤلاء الغلاة من جهمية وقرامطة ومن شابههم كالفلاسفة، إنما هو تشبيه لله بالممتنعات، فإنه يلزمهم أن يكون الوجود الواجب الذي لا يقبل العدم، هو الممتنع الذي لا يتصور وجوده في الخارج وإنما يقدره الذهن تقديرا، كما يقدر كون الشيء موجودا معدوماً أولا موجودا ولا معدوما. فلزمهم الجمع بين النقيضين، والخلو عن النقيضين. وهذا من أعظم الممتنعات باتفاق العقلاء.
قوله:
وآخرون وصفوه بالنفي فقط، فقالوا: ليس بحي، ولا سميع، ولا بصير وهؤلاء أعظم كفراً من أولئك من وجه.
ش: معناه أن مقالة النفاة العاديين أشنع في الكفر من مقالة النفاة المحضة، لأنه يلزم من نفيهم صفة الكمال عن الله وصفهم له بنقيضها، أما النفاة المحضة فقد صرحوا بنفي صفة النقص، كما صرحوا بنفي صفة الكمال، فهم أقرب إلى التنزيه من جهة تصريحهم بنفي صفة النقص، ومقالة الفريقين تشبه مقالة طائفتين من الفلاسفة إحداهما تصف الله بسلب الأمور الثبوتية والسلبية والأخرى تصف الله بسلب الأمور الثبوتية فقط. والأولى أقرب إلى الصواب من الثانية لأنه إذا وصف بسلب الأمور الثبوتية دون العدمية، فهو أسوء حالا من الموصوف بسلب الأمور الثبوتية والعدمية، حيث يشارك سائر الموجودات في مسمى الوجود، وتمتاز عنه بأمور وجودية وهو يمتاز عنها بأمور عدمية، وأما إذا وصف بسلب الأمور الثبوتية والعدمية معاً، كان أقرب إلى الوجود، وأن كان هذا ممتنعاً فذاك ممتنع وهو أقرب إلى العدم.
قوله:
فإذا قيل لهؤلاء هذا مستلزم وصفه بنقيض ذلك، كالموت والصمم والبكم، قالوا إنما يلزم ذلك لو كان قابلا لذلك، وهذا الاعتذار يزيد قولهم فساداً.
ش: يعني أن النفاة غير المحضة إذا قيل لهم سلبكم لهذه الصفات يلزم منه اتصاف الله بنقيضها، فنفي العلم عنه سبحانه يلزم من اتصافه بالجهل، ونفي الكلام يلزم منه اتصافه بالبكم، ونفي القدرة يلزم منه