الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في النهي عن التنفل بعد الصبح حتى ترتفع الشمس
وأما ما بعد صلاة الصبح فوقت نهي عن الصلاة النافلة التي لم يجد لها سبب (1)، والأخبار في ذلك مستفيضة عنه عليه الصلاة والسلام.
قال في التمهيد: "روي عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس من حديث عمر، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وسعد بن أبي وقاص، ومعاذ بن عفراء، وغيرهم .. وهي أحاديث صحاح، لا مدفع فيها، وإنما اختلف العلماء في تأويلها وخصوصها وعمومها لا غير، والقول بعموم هذه الأخبار الصحاح على حسب ما ذهب إليه مالك أولى ما قيل في هذا الباب، وهو مذهب عمر بن الخطاب، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وسعد، ومعاذ بن عفراء، وابن عباس، وحسبك بضرب عمر على ذلك بالدِّرة (قلت: بوزن علة) لأنه لا يستجيز ذلك من أصحابه إلا بصحة ذلك عنده"(2) ا. هـ.
(1) فتح الباري لابن رجب (8/ 330).
(2)
التمهيد (13/ 42).
وهذا أول أوقات النهي عن الصلاة - عند البسط والتفصيل - والثاني من حين تطلع حتى ترتفع - قيد (قدر) رمح - عن الأفق في نظر الرائي، وذلك يقدر ببضع دقائق في ساعات الزمن الحالي بنحو عشر دقائق.
قال البخاري في صحيحه: "باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس" .. ثم روى من طريق هشام، قال: أخبرني أبي، قال: أخبرني ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها» (1).
وقال: حدثني ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى ترتفع، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب» .
وروى أيضا من طريق ابن شهاب، قال: أخبرني عطاء بن يزيد الجندعي، أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس» (2).
(1) صحيح البخاري (583).
(2)
صحيح البخاري (586).
وفي صحيح مسلم من طريق موسى بن علي، عن أبيه، قال: سمعت عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه يقول: «ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب» (1)، ونحوه من حديث عمرو بن عبسة (2).
والأحاديث في هذا الباب كثيرة ..
قال ابن رجب في فتح الباري: "والوقت الثاني: أوله: أخذ الشمس في الطلوع، وهو بدو حاجبها، كما في حديث ابن عمر.
وآخره: أن ترتفع الشمس، كما في حديث ابن عمر وأبي سعيد وغيرهما.
وجاء من حديث ابن مسعود مرفوعا: «حتى ترتفع وتبيض» .
خرجه الهيثم بن كليب بإسناد فيه انقطاع.
(1) صحيح مسلم (831).
(2)
صحيح مسلم (832).
وجاء في حديث كعب بن مرة أو مرة بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«حتى ترتفع قيد رمح أو رمحين» .
خرجه الإمام أحمد، وفي إسناده اختلاف.
وخرجه الإسماعيلي من حديث عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بإسناد حديثه الذي خرجه البخاري هاهنا، ولكن متنه بهذا الإسناد منكر غير معروف.
وفي مسند الإمام أحمد عن سعيد بن نافع، قال: رآني أبو بشير الأنصاري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي صلاة الضحى حين طلعت الشمس، فعاب ذلك علي، ونهاني، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصلوا حتى ترتفع الشمس؛ فإنها تطلع في قرني الشيطان» .
وسعيد بن نافع، روى عن جماعة من الصحابة، وذكره ابن حبان في ثقاته، وخرج النسائي من حديث عبد الرحمن بن البيلماني، عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل من ساعة أقرب من الله؟ قال: «نعم؛ جوف الليل الآخر، فصل ما بدا لك حتى تصلي الصبح، ثم انته حتى تطلع الشمس، فما دامت كأنها حجفة (1)، حتى تنتشر، ثم صل ما بدا لك «وذكر الحديث
…
(1) قلت: يعني مثل الترس من الجلد.