الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في أول وقت الظهر وما جاء في فضله
وحينئذ يدخل وقت فرض الظهر بالنص والإجماع، وهو وقت فاضل شريف وقد أخرج أحمد في مسنده غيره من طرق عن حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، قال بهز: قال أخبرنا أبو عمران الجوني، عن علقمة بن عبد الله المزني، عن معقل بن يسار: أن عمر استعمل النعمان بن مقرن رضي الله عنها ..»، فذكر الحديث، قال - يعني النعمان -: ولكني «شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس، وتهب الرياح، وينزل النصر» (1).
وأخرج البخاري من طريق موسى بن عقبة، عن سالم أبي النضر، مولى عمر بن عبيد الله - وكان كاتبا له - قال: كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، فقرأته: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها، انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس خطيباً قال: «أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا
(1) مسند أحمد (23744).
لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف»، ثم قال:«اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم» (1).
قال أبو الفضل في شرح البخاري: "فيظهر أن فائدة التأخير؛ لكون أوقات الصلاة مظنة إجابة الدعاء، وهبوب الريح قد وقع النصر به في الأحزاب فصار مظنة لذلك والله أعلم"(2) ا. هـ.
وعند العيني ما نصه: "وروى أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن ينهض إلى عدوه عند زوال الشمس» .
وروى الطبراني من حديث عتبة بن غزوان السلمي رضي الله عنه، قال: كنا نشهد مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، القتال فإذا زالت الشمس قال لنا: «احملوا «فحملنا.
وروى أيضا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يلق العدو أول النهار أخر حتى تهب الرياح، ويكون عند مواقيت الصلاة» (3).ا. هـ.
(1) صحيح البخاري (2965).
(2)
فتح الباري (6/ 121).
(3)
عمدة القاري لالعيني (14/ 227).
قلت: ويشهد لحديث ابن عباس ما وقع في البخاري تحت باب: "الجزية والموادعة مع أهل الحرب"، وفيه: فقال النعمان رضي الله عنه: ربما أشهدك الله مثلها مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يندمك، ولم يخزك، ولكني شهدت القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم» كان إذا لم يقاتل في أول النهار، انتظر حتى تهب الأرواح، وتحضر الصلوات (1)».
وأخرج الترمذي من طريق عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، وقال:«إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح» . وفي الباب عن علي، وأبي أيوب: حديث عبد الله بن السائب حديث حسن غريب (2).
وأخرج أحمد من طريق الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن علي بن الصلت، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: أنه كان يصلي أربع ركعات قبل الظهر، فقيل له: إنك تديم هذه الصلاة فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله فسألته،
(1) صحيح البخاري (3160).
(2)
مسند أحمد (23551).
فقال: «إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأحببت أن يرتفع لي فيها عمل صالح (1)» .
وهي أخبار حسان تقرر ما تقدم من أفضلية الوقت وقبول العمل.
فائدة: سمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يعلق على تشابه الشرح بين ابن حجر والعيني بقوله: كانت بينهما مصاهرة.
(1) مسند أحمد (14563)، وأخرجه ابن سعد في الطبقات (2/ 73)، والبخاري في الأدب المفرد (704)، والبيهقي في الشعب (3874)، وابن عبدالبر (19/ 201) من طرق عن كثير بن زيد، بهذا الإسناد.