الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في وقت صلاة العصر، وبيان الوقت الذي لا يجوز تأخيرها إليه
والعصر يمتد وقتها إلى غروب الشمس فهذا وقتها في الجملة، ولكن لا يحل له أن يؤخرها إلى وقت الاصفرار وقد أخرج مسلم من طريق قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا صليتم الفجر فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول، ثم إذا صليتم الظهر فإنه وقت إلى أن يحضر العصر، فإذا صليتم العصر فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس
…
» (1).
وقد اختلف في آخر وقت الاختيار: هل هو أن يصير الظل مثلين؟ أو الاصفرار؟
قال في المغني ما نصه:
"مسألة: قال: وإذا صار ظل كل شيء مثليه خرج وقت الاختيار.
اختلفت الرواية عن أحمد رضي الله عنه في آخر وقت الاختيار، فروي: حين يصير ظل كل شيء مثليه. وهو قول مالك، والثوري، والشافعي؛ لقوله في حديث
(1) صحيح مسلم (612).
ابن عباس وجابر رضي الله عنهم: «الوقت ما بين هذين» ، وروي عن أحمد رحمه الله أن آخره ما لم تصفر الشمس. وهي أصح عنه، حكاه عنه جماعة، منهم الأثرم، قال: سمعته يسأل عن آخر وقت العصر؟ فقال: هو تغير الشمس. قيل: ولا تقول بالمثل والمثلين؟ قال: لا، هذا عندي أكثر، وهذا قول أبي ثور، وأبي يوسف، ومحمد، ونحوه عن الأوزاعي لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«وقت العصر ما لم تصفر الشمس» رواه مسلم.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس» وفي حديث بريدة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العصر في اليوم الثاني والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة» .
قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن من صلى العصر والشمس بيضاء نقية، فقد صلاها في وقتها.
وفي هذا دليل على أن مراعاة المثلين عندهم استحباب، ولعلهما متقاربان يوجد أحدهما قريبا من الآخر" (1).ا. هـ
…
(1) المغني (1/ 273).
قال أبو محمد: وهذا هو الصحيح لوجوه:
1) أن أحاديث الاصفرار أكثر، ومتأخرة أيضا عن أحاديث المثلين فإنها متقدمة.
2) ولأن في أحاديث الاصفرار سعة في الوقت.
3) وأيضا أحاديث الاصفرار قولية.
ولهذا قال أبو العباس في المجموع: "أما العصر فهذا يقول: تصلى إلى المثلين، وهذا يقول: لا تصلى إلا بعد المثلين، والصحيح: أنها تصلى من حين يصير ظل كل شيء مثله إلى اصفرار الشمس، فوقتها أوسع، كما قاله هؤلاء وهؤلاء، وعلى هذا تدل الأحاديث الصحيحة المدنية"(1) ا. هـ.
(1) مجموع الفتاوى (23/ 286).