الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في وقت النهي عن النافلة منتصف النهار قبل الزوال
فإن حضرت ساعة قيام الشمس في كبد السماء فوقت نهي عن صلاة النافلة، وهو الوقت الثالث عند البسط، والثاني عند الإجمال، وهو وقت يسير.
وفي حديث عمرو بن عبسة - وقد تقدم -»
…
ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة، فإن حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصل»، وفي حديث عقبة - وقد تقدم -» .. حين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس ..».
قال في المرقاة: «وحين يقوم قائم الظهيرة «: وهي شدة الحر نصفَ النهار.
في شرح السنة: قيام الشمس: وقت الزوال، مِن (قام) إذا وقف، نقله الطيبي، وقيل: حين تستوي الشمس وتصل إلى خط نصف النهار، مِن (قام) إذا اعتدل.
قال ابن الملك: وقت الظهر تكون الشمس واقفة عن السير، وتثبت في كبد السماء لحظة ثم تسير، وقيل: يظن أنها واقفة، قلت: هذا هو المعتمد.
قال الطيبي: الشمس إذا بلغت وسط السماء أبطأت حركة الظل إلى أن تزول، فيتخيل للناظر المتأمل أنها وقفت وهي سائرة، قلت: قال تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: 88]، والله أعلم بالصواب.
قال النووي: معناه: حين لا يبقى للقائم في الظهيرة ظل في المشرق والمغرب.
قال ابن حجر: الظهيرة: هي نصف النهار، وقائمها إما الظل، وقيامه وقوفه؛ من (قامت به دابته): وقفت، والمراد بوقوفه بطء حركته الناشئ عن بطء حركة الشمس حينئذ، باعتبار ما يظهر للناظر ببادئ الرأي، وإلا فهي سائرة على حالها، وإما للقائم فيها لأنه حينئذ لا يميل له ظل إلى جهة المشرق، ولا إلى جهة المغرب، وذلك كله كناية عن وقت استواء الشمس في وسط السماء، «حتى تميل الشمس» أي: من المشرق إلى المغرب، وتزول عن وسط السماء إلى الجانب الغربي، وميلها هذا: هو الزوال.
قال ابن حجر: ووقت الاستواء المذكور وإن كان وقتا ضيقا لا يسع صلاة إلا أنه يسع التحريمة، فيحرم تعمد التحريم فيه" (1) ا. هـ.
وقال أبو الفضل في فتح الباري: ومحصل ما ورد من الأخبار في تعيين الأوقات التي تكره فيها الصلاة أنها خمسة: عند طلوع الشمس، وعند غروبها وبعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر، وعند الاستواء، وترجع بالتحقيق إلى ثلاثة من بعد صلاة الصبح إلى أن ترتفع الشمس، فيدخل فيه الصلاة عند طلوع الشمس، وكذا من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس.
ولا يعكر على ذلك أن من لم يصل الصبح مثلاً حتى بزغت الشمس يكره له التنفل؛ حينئذ لأن الكلام إنما هو جار على الغالب المعتاد، وأما هذه الصورة النادرة فليست مقصودة وفي الجملة عدها أربعة أجود وبقي خامس وهو الصلاة وقت استواء الشمس، وكأنه لم يصح عند المؤلف - قلت: يعني البخاري - على شرطه فترجم على نفيه.
وفيه أربعة أحاديث:
(1) المرقاة (2/ 820).
حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه: وهو عند مسلم، ولفظه:«وحين يقوم قائم الظهيرة حتى ترتفع» .
وحديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه: وهو عند مسلم أيضا، ولفظه:«حتى يستقل الظل بالرمح، فإذا أقبل الفيء فصلّ» ، وفي لفظ لأبي داود:«حتى يعدل الرمح ظله» .
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: وهو عند بن ماجه، والبيهقي، ولفظه:«حتى تستوي الشمس على رأسك كالرمح، فإذا زالت فصلّ» .
وحديث الصنابحي رضي الله عنه: وهو في الموطأ، ولفظه:«ثم إذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها ..» ، وفي آخره «
…
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات» وهو حديث مرسل مع قوة رجاله.
وفي الباب أحاديث أخر ضعيفة " (1) ا. هـ.
(1) فتح الباري (2/ 62).