الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في الكلام على النوم في أول النهار
فإن أراد التصبح - وهو النوم أول النهار، ويسمى الصُّبحة بضم الصاد وفتحها - وأن يرتفق بالنوم فلا بأس، والأخبار في ذمها أو أنها تمنع الرزق لا يثبت منها شيء وإنما فيها آثار عن السلف حسب.
ولا ينبغي أن يكون هذا عادة للمرء؛ ففي ذلك فوات مصالح كثيرة في المعاش والمعاد.
وقد أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها في الحديث الطويل المعروف بحديث أم زرع قول أم زرع عن زوجها أبي زرع وفيه: «فعنده أقول فلا أقبح، وأرقد فأتصبح، وأشرب فأتقنح «وفي آخره قالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كنت لك كأبي زرع لأم زرع» .. والخبر متفق عليه ..
قال ابن أبي شيبة: "ما قالوا في التصبح - نومة الضحى - وما جاء فيها".
حدثنا حفص، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كان الزبير ينهى بنيه عن التصبح، قال: وقال عروة: «إني لأسمع بالرجل يتصبح فأزهد فيه» .
ثم قال: حدثنا حفص، عن طلحة بن يحيى، عن عبد الله بن فروخ، عن طلحة بن عبيد الله: «أنه مر بابن له تصبَّح، فذكر أنه فقده، ونهاه عن ذلك.
ثم قال: حدثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي سفيان، قال: التقى ابن الزبير، وعبيد بن عمير فتذاكرا أشياء، فقال له الآخر:«أما علمت أن الأرض تعج إلى ربها من نومة غلمانها» .
وقال أيضا: حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: قال الزبير: «إني لأزهد في الرجل يتصبح» (1).
ثم قال: "من رخص في التصبح"
حدثنا سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم، عن عائشة:«أنها كانت تصبح» .
حدثنا شبابة، عن شعبة، عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الله بن الشماس، قال: «أتيت أم سلمة فوجدتها نائمة «يعني: بعد الصبح.
حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد:«أن عائشة كانت إذا طلعت الشمس نامت نومة الضحى» .. وتقدم ذكره.
(1) مصنف أبي شيبة (5/ 222) وما بعدها.
حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، قال:«أتيت سعيد بن جبير فوجدته نائما نومة الضحى» ..
حدثنا عبد الوارث، قال: حدثنا أيوب، عن ابن سيرين:«أنه كان يتصبح»
(25454)
حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن أبي يزيد المديني، قال: غدا عمر على صهيب فوجده متصبحا، فقعد حتى استيقظ، فقال صهيب: أمير المؤمنين قاعد على مقعدته وصهيب نائم متصبح فقال له عمر: «ما كنت أحب أن تدع نومة ترفق بك» (1).
قال ابن القيم في الزاد ما نصه: "ونوم النهار رديء يورث الأمراض الرطوبية والنوازل، ويفسد اللون، ويورث الطحال، ويرخي العصب، ويكسل، ويضعف الشهوة إلا في الصيف وقت الهاجرة، وأردؤه نوم أول النهار، وأردأ منه النوم آخره بعد العصر، ورأى عبد الله بن عباس ابنا له نائما نومة الصبحة، فقال له:«قم، أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق؟» .
وقيل: نوم النهار ثلاثة: خلق، وحرق، وحمق. فالخلق: نومة الهاجرة، وهي خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحرق: نومة الضحى، تشغل عن أمر الدنيا والآخرة. والحمق: نومة العصر.
(1) مصنف ابن أبي شيبة (5/ 222) وما بعدها.
قال بعض السلف: من نام بعد العصر فاختلس عقله، فلا يلومن إلا نفسه.
وقال الشاعر:
ألا إن نومات الضحى تورث الفتى
…
خبالا ونومات العصير جنون
ونوم الصبحة يمنع الرزق؛ لأن ذلك وقت تطلب فيه الخليقة أرزاقها، وهو وقت قسمة الأرزاق، فنومه حرمان إلا لعارض أو ضرورة، وهو مضر جدا بالبدن لإرخائه البدن، وإفساده للفضلات التي ينبغي تحليلها بالرياضة، فيحدث تكسرا وعيا وضعفا. وإن كان قبل التبرز والحركة والرياضة وإشغال المعدة بشيء فذلك الداء العضال المولد لأنواع من الأدواء" (1).ا. هـ.
(1) زاد المعاد (4/ 221).