الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في قضاء راتبة الظهر القبلية
فإن فاتت الأربع التي قبل الظهر استحب له قضاؤها بعد الظهر، وهل إباحة القضاء موقوفة على العذر أم لا؟ قولان.
قال في الشرح الممتع: "عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «من نام عن صلاة، أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها» وهذا يعم الفريضة والنافلة، وهذا إذا تركها لعذر؛ كالنسيان والنوم، والانشغال بما هو أهم.
أما إذا تركها عمداً حتى فات وقتها فإنه لا يقضيها، ولو قضاها لم تصح منه راتبة؛ وذلك لأن الرواتب عبادات مؤقتة، والعبادات المؤقتة إذا تعمد الإنسان إخراجها عن وقتها لم تقبل منه.
ودليل ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» ، والعبادة المؤقتة إذا أخرتها عن وقتها عمداً فقد عملت عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله؛ لأن أمر الله ورسوله أن تصليها في هذا الوقت، فلا تكون مقبولة، وأيضا: فكما أنها لا تصح قبل الوقت فلا تصح كذلك بعده؛ لعدم وجود الفرق الصحيح بين
أن تفعلها قبل دخول وقتها أو بعد خروج وقتها، إذا كان لغير عذر. إذاً قوله:"من فاته شيء منها سن له قضاؤه" يقيد بما إذا فاته لعذر" (1) ا. هـ.
قال أبو محمد: وهذا متجه في فوات وقت الفريضة، وأما فيما نحن بخصوصه فلا بأس إذا فاتت قبل الصلاة أن يقضيها بعدها، وقد يقال إن للراتبة القبلية هنا وقتين: وقت اختيار (قبل أداء الفريضة)، ووقت كراهة تزول بالعذر (بعد الفريضة) وقبل خروج الوقت.
وقد أخرج ابن ماجه من طريق قيس بن الربيع، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الأربع قبل الظهر، صلاها بعد الركعتين بعد الظهر» (2). قال أبو عبد الله: لم يحدث به إلا قيس عن شعبة.
وأخرجه الترمذي من وجه آخر من طريق عبد الله بن المبارك، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة رضي الله عنها، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر صلاهن بعدها» ، وقال: "هذا حديث حسن غريب، إنما نعرفه
(1) الشرح الممتع (4/ 37).
(2)
سنن ابن ماجه (1185).
من حديث ابن المبارك من هذا الوجه، ورواه قيس بن الربيع، عن شعبة، عن خالد الحذاء نحو هذا، ولا نعلم أحداً رواه عن شعبة غير قيس بن الربيع، وقد روي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا" (1) ا. هـ.
قال أبو محمد: وفي خبر قيس زيادة، وهي اختصاص الراتبة البعدية بدبر الصلاة وهو سديد، وقيْسٌ على ما فيه من كلام إلا إنه يقبل في مثل هذا، وحتى لا تفوت البعدية حينئذ فيجمع بين فائتتين.
قال في نيل الأوطار في كلامه على الحديثين ما نصه: "والحديثان يدلان على مشروعية المحافظة على السنن التي قبل الفرائض، وعلى امتداد وقتها إلى آخر وقت الفريضة؛ وذلك لأنها لو كانت أوقاتها تخرج بفعل الفرائض لكان فعلها بعدها قضاء، وكانت مقدمة على فعل سنة الظهر.
وقد ثبت في حديث الباب أنها تفعل بعد ركعتي الظهر. ذكر معنى ذلك العراقي، قال:"وهو الصحيح عند الشافعية". وقال: "وقد يعكس هذا فيقال: لو كان وقت الأداء باقيا لقدمت على ركعتي الظهر"، وذكر أن الأوّل أوْلى" (2) ا. هـ.
(1) جامع الترمذي (426).
(2)
نيل الأوطار (3/ 34).