الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن سعيد بن جبير، قال: يقضيه من الليل القابلة، وظاهر هذا: أنه لا يقضيه إلا ليلا؛ لأن وقته الليل، فلا يفعل بالنهار" (1) ا. هـ.
قال أبو محمد: والصحيح أن وقت صلاة الليل والوتر ينتهي بطلوع الفجر كما جاءت الأخبار الصحاح بذلك، وهي أصح مما يخالفها من الأخبار التي فيها مد وقت الوتر حتى صلاة الصبح، بل لا تدانيها في الصحة ولا تكاد، وعلى تقدير صحتها فهي محمولة على القضاء، وهي مسألة أخرى.
و
الصحيح أن الوتر لا يقضى على صفته بل يقضى شفعا
.
قال شيخ الإسلام ما نصه: "ومثل أن يشغله نوم أو مرض عن قيام الليل فيصلي بالنهار ثنتي عشرة ركعة، وكان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، فصلى ثنتي عشرة ركعة شفعا؛ لفوات وقت الوتر"(2) ا. هـ.
وقال ابن القيم في الهدي ما نصه: "ولم يكن صلى الله عليه وسلم يدع قيام الليل حضراً ولا سفراً، وكان إذا غلبه نوم أو وجع، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة.
(1) فتح الباري لابن رجب (9/ 147).
(2)
مجموع الفتاوى (17/ 473).
فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: في هذا دليل على أن الوتر لا يقضى لفوات محله، فهو كتحية المسجد، وصلاة الكسوف والاستسقاء ونحوها؛ لأن المقصود به أن يكون آخر صلاة الليل وترا، كما أن المغرب آخر صلاة النهار، فإذا انقضى الليل وصليت الصبح، لم يقع الوتر موقعه. هذا معنى كلامه" (1) ا. هـ.
وأيضا يقضى في النهار كما جاء في صحيح مسلم من طريق أبي عوانة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع، أو غيره، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة» ، وأعاده من طريق شعبة، عن قتادة بلفظ: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا أثبته، وكان إذا نام من الليل، أو مرض، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة «(2).
وظاهر الحديث قضاء الوتر وصلاة الليل، خلافاً لمن خصه بقضاء الصلاة دون الوتر، وتقدم في كلام ابن رجب بحث للمسألة.
وأما وقت القضاء: فالظاهر أنه إلى صلاة الظهر، ولذا أخرج مسلم من طريق ابن شهاب، عن السائب بن يزيد، وعبيد الله بن عبد الله، أخبراه عن عبد الرحمن بن عبد
(1) زاد المعاد (1/ 313).
(2)
صحيح مسلم (746).
القاري، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نام عن حزبه، أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر، وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل» عقيب حديث عائشة.
وكذا صنع ابن خزيمة في صحيحه، حيث أخرج حديث عمر رضي الله عنه بإسناد مسلم وبوب عليه:"باب ذكر الوقت من النهار الذي يكون المرء فيه مدركا لصلاة الليل إذا فاتت بالليل، فصلاها في ذلك الوقت من النهار"(1).
قال أبو محمد: وهذا إذا فسرنا الورد والحزب بالصلاة، وكان غالب حزب القوم وأورادهم من القرآن في صلاتهم، فهو مقيد لإطلاق النهار المذكور في حديث عائشة رضي الله عنها.
(1) صحيح ابن خزيمة (1171).