الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
لا يصح حديث تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار ست عشرة ركعة
وأما ما رواه أحمد - قال: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، وإسرائيل، وأبي، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال: سألنا علياً رضي الله عنه، عن تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار، فقال:«إنكم لا تطيقونه» ، قال: قلنا: أخبرنا به نأخذ منه ما أطقنا، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر أمهل، حتى إذا كانت الشمس من هاهنا - يعني من قبل المشرق - مقدارها من صلاة العصر من هاهنا من قبل المغرب، قام فصلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا كانت الشمس من هاهنا - يعني من قبل المشرق - مقدارها من صلاة الظهر من هاهنا - يعني من قبل المغرب - قام فصلى أربعاً، وأربعاً قبل الظهر إذا زالت الشمس، وركعتين بعدها، وأربعاً قبل العصر، يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين، والنبيين ومن تبعهم من المؤمنين، والمسلمين «قال: قال علي: «تلك ست عشرة ركعة، تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار، وقل
من يداوم عليها (1)
«- فحديث غير محفوظ، بل هو أشد وهناً من حديث ابن عمر السابق.
وقال في الهدي: وأما الأربع قبل العصر، فلم يصح عنه عليه السلام في فعلها شيء إلا حديث عاصم بن ضمرة عن علي، الحديث الطويل، أنه صلى الله عليه وسلم «كان يصلي في النهار ست عشرة ركعة، يصلي إذا كانت الشمس من هاهنا كهيئتها من هاهنا لصلاة الظهر أربع ركعات، وكان يصلي قبل الظهر أربع ركعات، وبعد الظهر ركعتين، وقبل العصر أربع ركعات» .
(1) مسند أحمد (650)، وأخرجه عبد الرزاق (4806) عن سفيان، به، وأخرجه الترمذي (424) و (429)، وقال: حديث حسن، والبزار (675)، والطيالسي (128)، وعبد الرزاق (4806) و (4807)، ومحمد بن عاصم في جزئه (29)، والبزار (672)، والنسائي (2/ 120)، وفي الكبرى (337) و (347) و (471)، وابن ماجه (1161)، وأبو يعلى (622)، والبيهقي 2/ 473 .. من طرق عن أبي إسحاق به ..
قال البيهقي (3/ 72): تفرد به عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه، وكان عبد الله بن المبارك يضعفه فيطعن في روايته هذا الحديث، والله أعلم وقال البزار (2/ 262): ولا نعلم يروى هذا الكلام وهذا الفعل إلا عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأيضا تحسين الترمذي - حسب - يدل على نكارته كما قد علم ذلك بالتتبع.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية ينكر هذا الحديث ويدفعه جداً، ويقول: إنه موضوع. ويذكر عن أبي إسحاق الجوزجاني إنكاره (1).ا. هـ.
وقال شيخ الإسلام في الفتاوي (إجابة على سؤال) ما نصه: وسئل: هل للعصر سنة راتبة أم لا؟ أفتونا مأجورين؟.
فأجاب: الحمد لله، الذي ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أنه كان يصلي مع المكتوبات عشر ركعات، أو اثنتي عشرة ركعة: ركعتين قبل الظهر، أو أربعا، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين، وقبل الفجر ركعتين» ، وكذلك ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة بنى الله له بيتا في الجنة» ، ورويت في السنن: «أربعا
(1) زاد المعاد (1/ 301).
قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر»، وليس في الصحيح سوى هذه الأحاديث الثلاثة حديث ابن عمر وعائشة وأم حبيبة.
وأما قبل العصر فلم يقل أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل العصر إلا وفيه ضعف، بل خطأ، كحديث يروى عن علي أنه كان يصلي نحو ستة عشر ركعة منها قبل العصر وهو مطعون فيه فإن الذين اعتنوا بنقل تطوعاته، كعائشة وابن عمر رضي الله عنهم بينوا ما كان يصلّيه، وكذلك الصلاة قبل المغرب وقبل العشاء لم يكن يصليها، لكن كان أصحابه يصلون قبل المغرب بين الأذان والإقامة وهو يراهم فلا ينكر ذلك عليهم، وثبت عنه في الصحيح أنه قال: «بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة «ثم قال في الثالثة: «لمن شاء «؛ كراهية أن يتخذها الناس سنة، فهذا يبين أن الصلاة قبل العصر والمغرب والعشاء حسنة، وليست بسنة، فمن أحب أن يصلي قبل العصر كما يصلي قبل المغرب والعشاء على هذا الوجه فحسن، وأما أن يعتقد أن ذلك سنة راتبة، كان يصليها النبي صلى الله عليه وسلم كما يصلي قبل الظهر وبعدها وبعد المغرب فهذا خطأ.
والصلاة مع المكتوبة ثلاث درجات:
إحداها: سنة الفجر والوتر: فهاتان أَمَرَ بهما النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يأمر بغيرهما، وهما سنة باتفاق الأئمة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما في السفر والحضر، ولم يجعل مالك سنة راتبة غيرهما.
والثانية: ما كان يصليه مع المكتوبة في الحضر: وهو عشر ركعات، وثلاث عشرة ركعة، وقد أثبت أبو حنيفة والشافعي وأحمد مع المكتوبات سنة مقدرة بخلاف مالك.
والثالثة: التطوع الجائز في هذا الوقت من غير أن يجعل سنة؛ لكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يداوم عليه ولا قدر فيه عدداً: والصلاة قبل العصر والمغرب والعشاء من هذا الباب، وقريبا من ذلك صلاة الضحى، والله أعلم" (1).ا. هـ.
وقال الجُوزَجَاني (2) في أحوال الرجال: في ترجمة عاصم: "روى عنه أبو إسحاق حديثاً في تطوع النبي صلى الله عليه وسلم ست عشرة ركعة: «أنه كان يمهل حتى إذا ارتفعت الشمس من قبل المشرق كهيئتها من قبل المغرب عند العصر قام فصلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا ارتفعت الشمس وكانت من قبل المشرق كهيئتها من
(1) الفتاوى الكبرى (2/ 258).
(2)
بضم الجيم وإسكان الواو وفتح الزاي، كما قاله ابن حجر في بذل الماعون في فضل الطاعون.
قبل المغرب عند الظهر قام فصلى أربع ركعات، ثم يمهل حتى إذا زالت الشمس صلى أربع ركعات قبل الظهر، ثم يصلي بعد الظهر ركعتين، ثم يصلي قبل العصر أربع ركعات، فهذه ست عشرة ركعة».
فيا لعباد الله أما كان ينبغي لأحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه يحكي هذه الركعات إذ هم معه في دهرهم!!
والحكاية عن عائشة رضي الله عنها في الاثنتي عشرة ركعة من السنة، وابن عمر رضي الله عنهما عشر ركعات، والعامة من الأمة أو من شاء الله قد عرفوا ركعات السنة الاثنتي عشرة، منها بالليل ومنها بالنهار.
فإن قال قائل: كم من حديث لم يروه إلا واحد؟!
قيل: صدقت، كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس فيتكلم بالكلمة من الحكمة، لعله لا يعود لها آخر دهره، فيحفظها عنه رجل، وهذه ركعات - كما قال عاصم كان يداوم عليها - فلا يشتبهان، ثم خالف رواية الأمة واتفاقها حين روى أن في خمس وعشرين من الإبل خمسا من الغنم" (1) ا. هـ.
(1) ونقله الذهبي في الميزان (2/ 353) ولم يتعقبه.