الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في أن الوتر في آخر الليل أفضل، والتفصيل في ذلك
والأفضل فعله في آخر الليل؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهى وتره إلى السحر» ، متفق عليه.
وفي حديث جابر رضي الله عنه - عند مسلم - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر من أوله، ومن طمع أن يقوم آخر فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل» . وفي رواية له: «محضورة» .
وهذا صريح في التفضيل، فإذا كان له تهجد جعل الوتر بعده لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وقال " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا " رواه مسلم (1).
فأما إن خاف أن لا يقوم آخر الليل استحب أن يوتر من أوله؛ لما ذكرنا من الحديث، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى به أبا هريرة وأبا ذر وأبا الدرداء، وكلها أحاديث صحاح.
(1) صحيح مسلم (755).
وقال ابن رجب في شرح البخاري: أخرج الإمام أحمد وابن ماجه من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: «أيَّ حِينٍ توتر؟» قال: أول الليل بعد العتمة، قال:«فأنت يا عمر؟» قال: آخر الليل، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«أما أنت يا أبا بكر فقد أخذت بالوثقى، وأما أنت يا عمر فقد أخذت بالقوة» . وخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
وإسناده ثقات، إلا أن الصواب عند حذاق الحفاظ: عن ابن رباح، مرسلا. وقد روي هذا الحديث من رواية ابن عمر وعقبة بن عامر وغيرهما، بأسانيد لينة، ورواه الزهري، عن سعيد بن المسيب مرسلا، وهو من أجود المراسيل، كذا رواه الزبيدي وغيره عن الزهري.
ورواه بعضهم، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، والصواب إرساله، قاله الدارقطني.
ورواه مسعر، عن سعد بن إبراهيم، واختلف عنه: فقيل: عن مسعر، عن سعد، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري، وقيل: عنه، عن سعد، عن أبي سلمة مرسلا، وقيل: عنه، عن سعد، عن ابن المسيب، عن أم سلمة.
والظاهر: أنه غير ثابت.
وخرجه ابن مردويه من هذا الوجه، وفي حديثه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أما
أنت يا أبا بكر، كما قال القائل: أحرزت نهبي وأبتغي النوافل، وأما أنت يا عمر، فتأخذ - أو تعمل - عمل الأقوياء».
ورواه وكيعـ في كتابه - عن معسر، عن ابن المسيب مرسلا، وزاد فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر 3: «أنت مثل الذي قال: أحرزت نهبي وأبتغي النوافل» .
وهذه الرواية أصح، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقد رواه الشافعي، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن المسيب مرسلا، بهذه الزيادة أيضا" (1) ا. هـ.
وأي وقت أوتر من الليل بعد العشاء أجزأه، بغير خلاف.
(1) فتح الباري لابن رجب (9/ 143).