الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في معنى قول ابن عباس «عجلت الرواح حين زاغت الشمس»
وهنا إشكال في هذا الخبر وهو ما خرجه البخاري قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت أقرئ رجالاً من المهاجرين، منهم عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى، وهو عند عمر بن الخطاب، في آخر حجة حجها، إذ رجع إلي عبد الرحمن فقال:«لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم، فقال: يا أمير المؤمنين، هل لك في فلان؟ يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا، فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت» ، فغضب عمر، ثم قال:«إني إن شاء الله لقائم العشيةَ في الناس، فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم» . قال عبد الرحمن: فقلت: «يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير، وأن لا يعوها، وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة، فإنها دار الهجرة والسنة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس، فتقول ما قلت متمكنا، فيعي أهل العلم مقالتك، ويضعونها على مواضعها» . فقال عمر: «أما
والله - إن شاء الله - لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة». قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، «فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زاغت الشمس حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر، فجلست حوله تمس ركبتي ركبته ..» (1) الحديث ..
ووجه الإشكال: قول ابن عباس رضي الله عنهما: عجلت الرواح حين زاغت الشمس.
وقد يقال: هذه اللفظة للأويسي عن صالح عن ابن كيسان، وقد خالف أصحاب الزهري، كمالك ويونس وابن عيينة والليث ومعمر وأبي بكر بن حزم، فبعض ألفاظهم سقط هذا الحرف جملة وفي لفظ مالك كما عند أحمد:
(1) صحيح البخاري (6830)، قال ابن كثير: في مسند الفاروق (2/ 531): "حديث عظيم أخرجه الجماعة في كتبهم من طرق متعددة، من حديث الزهري، فرواه البخاري عن يحيى بن سليمان عن ابن وهب عن مالك ويونس، وأخرجه أيضا من حديث معمر وسفيان بن عيينة وصالح بن كيسان، ومسلم من حديث يونس وسفيان بن عيينة، وأبو داود من حديث هشيم، والنسائي من حديث الليث وأبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. كلهم عن الزهري به .. ورواه النسائي من طرق آخر منقطعة ومرسلة، وفيما ذكرنا كفاية والله اعلم" ا. هـ.
«عجلت الرواح صكة الأعمى» ، فقلت لمالك: وما صكة الأعمى؟ قال: إنه لا يبالي أي ساعة خرج، لا يعرف الحر والبرد ونحو هذا .. (1) ا. هـ.
وفي لفظ هشيم عند ابن حبان: «فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح في شدة الحر فوجدت سعيد بن زيد قد سبقني» . ا. هـ. فإن قيل في النهاية وغيرها ما نصه: وفيه «أنه نهى عن الصلاة إذا قام قائم الظهيرة صكة عمي» يريد أشد الهاجرة، ولكن الإشكال قائم، فقد قال في النهاية:"يقال: لقيته صكة عمي: أي نصف النهار في شدة الحر، ولا يقال إلا في القيظ؛ لأن الإنسان إذا خرج وقتئذ لم يقدر أن يملأ عينيه من ضوء الشمس"(2).ا. هـ.
وكذا قال غير واحد من أهل اللغة، فالله أعلم.
والأدلة في التبكير محكمة، وقد يقال: أراد بقوله: «زاغت الشمس» ارتفاعها، لا زوالها.
(1) مسند أحمد (391).
(2)
صحيح ابن حبان (413).