الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في وقت القيلولة
وكانت قائلة القوم - وهي استراحتهم، سواء كان معها نوم أم لا، وقعودهم عن الانتتشار والكسب - منتصف النهار، وهذا ينتظم قبل الزوال وبعده، وكانوا يقيلون قبل صلاة الظهر ويبردون بها، عدا يوم الجمعة؛ فلأجل تبكيرهم لها كانوا يقيلون بعدها، فتكون قائلتهم وغداؤهم بعد الجمعة عوضا عما فاتهم في وقته من أجل بكورهم.
وقد روينا في صحيح البخاري من طريق أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال:«إنْ كنا لنفرح بيوم الجمعة، كانت لنا عجوز تأخذ أصول السلق، فتجعله في قدر لها، فتجعل فيه حبات من شعير، إذا صلينا زرناها فقربته إلينا، وكنا نفرح بيوم الجمعة من أجل ذلك، وما كنا نتغدى، ولا نقيل إلا بعد الجمعة، والله ما فيه شحم ولا ودك» (1).
وهذا يدل على أن الجمعة لا إبراد فيه، ولا تؤخر، كما دلت السنة على ذلك.
(1) صحيح البخاري (5403).
وفي أول وقت هذه القيلولة قبل أن تزول الشمس - وهي ممتدة إلى ما بعد الزوال - لا يفزع إلى الصلاة مع الركون إلى الراحة إلا أوّاب، وهو آخر وقت الضحى، وأشده حرا، وفيه حصول الرمضاء؛ لذا تقدم حديث» صلاة الأوابين حين ترمض الفصال».
قال في فيض القدير: «صلاة الأوّابين «بالتشديد، أي الرجاعين إلى الله بالتوبة والإخلاص في الطاعة وترك متابعة الهوى» حين تَرمَض «بفتح التاء والميم، وفي رواية لمسلم» إذا رمضت «» الفصال «أي حين تصيبها الرمضاء فتحرق أخفافها؛ لشدة الحر، فإن الضحى إذا ارتفع في الصيف يشتد حر الرمضاء فتحرق أخفاف الفصال؛ لمماستها، وإنما أضاف الصلاة في هذا الوقت إلى الأوابين؛ لأن النفس تركن فيه إلى الدعة والاستراحة، فصرفها إلى الطاعة والاشتغال فيه بالصلاة رجوع من مراد النفس إلى مرضاة الرب. ذكره القاضي.
وقال ابن الأثير: المراد صلاة الضحى عند الارتفاع واشتداد الحر واستدل به على فضل تأخير الضحى إلى شدة الحر" (1).ا. هـ
(1) فيض القدير (4/ 216).
وقال السيوطي في شرح سنن ابن ماجه ما نصه: "إذا ارتفعت الشمس من جانب المشرق مقدار ارتفاعها وقت العصر صلى الضحى، وهذه هي الضحوة الصغرى، وهو وقت الإشراق، وهذا الوقت هو أوسط وقت الإشراق وأعلاها، وأما دخول وقته فبعد طلوع الشمس وارتفاعها مقدار رمح أو رمحين حين تصير الشمس بازغة ويزول وقت الكراهة، وكان صلى الله عليه وسلم يصلي هذه الصلاة غالباً ركعتين، وقد أمر بالأربع أيضا، وفي الحديث القدسي: «يا ابن ادم اركع لي أربع ركعات أول النهار أكفك آخره»، وأما الصلاة الثانية فهي الضحوة الكبرى فكان يصليها أحيانا ويتركها أحيانا، ووقتها في الحديث الآخر: «حين ترمض الفصال»، وهذه الساعة حين تبقى الساعة النجومية من الزوال غالبا، وهذا المقدار أدنى ركعات الضحى"(1) ا. هـ.
(1) شرح سنن ابن ماجه (1/ 81).