الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في كراهة النوم قبل صلاة العشاء
ويكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها، وسيأتي مزيد بيان لذلك، والمقصود هنا، أن النوم قد تفوت معه صلاة العشاء.
وقد أخرج البخاري ومسلم من طريق: شعبة، أخبرني سيار بن سلامة، قال: سمعت أبي، يسأل أبا برزة رضي الله عنه عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلت: آنت سمعته؟ قال: فقال: كأنما أسمعك الساعة، قال: سمعت أبي يسأله عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«كان لا يبالي بعض تأخيرها - قال: يعني العشاء - إلى نصف الليل، ولا يحب النوم قبلها، ولا الحديث بعدها» ، قال شعبة: ثم لقيته بعد فسألته، فقال:«وكان يصلي الظهر حين تزول الشمس، والعصر يذهب الرجل إلى أقصى المدينة والشمس حية» ، قال: والمغرب لا أدري أي حين ذكر، قال: ثم لقيته بعد فسألته، فقال:«وكان يصلي الصبح فينصرف الرجل فينظر إلى وجه جليسه الذي يعرف فيعرفه» ، قال:«وكان يقرأ فيها بالستين إلى المائة» (1) ا. هـ.
(1) البخاري (771) ومسلم (647).
وقد اختلف الناس في النوم قبل العشاء.
قال ابن رجب في شرح البخاري ما نصه: "قد أخذ بظاهر هذا الحديث طائفة من العلماء، وكرهوا النوم قبل العشاء بكل حال. قال ابن المبارك: أكثر الأحاديث على ذلك، ورويت الكراهة عن عمر، وابن عمر وابن عباس، وأبي هريرة، وعن مجاهد، وطاوس، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وعطاء، والنخعي، وهو قول أصحاب الشافعي، وحكي عن مالك وأبي حنيفة والشافعي، حكاه ابن عبد البر. وذكره ابن أبي موسى من أصحابنا مذهباً لنا، وهو قول الثوري.
وروي عن ابن عمر كراهة النوم قبل العشاء، وإن وكل به من يوقظه من رواية الفقير وغيره عنه.
وعن مجاهد: لأن أصلي صلاة العشاء قبل أن يغيب الشفق وحدي أحب إلي من أن أنام ثم أدركها مع الإمام. كذا رواه عبد الكريم البصري، عنه، وروى عنه - أيضا - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا نامت عين رجل نام قبل أن يصلي العشاء» ، وعبد الكريم هذا، ضعيف.
وروى عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلي الطائفي، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما نام رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل العشاء الآخرة، ولا سمر بعدها «خرجه ابن ماجه. وعبد الله هذا، قال ابن معين:
صويلح. وقال البخاري: مقارب الحديث. وقال الدارقطني: يعتبر به. وقال النسائي: ليس بالقوي.
وروى يحيى بن سليم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنه قالت:«ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نائما قبل العشاء ولا متحدثا بعدها» .ذكره الأثرم، وضعفه من أجل يحيى بن سليم، وقال: لم يروه غيره. كذا قاله.
وخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق جعفر بن سليمان، عن هشام، وخرجه البزار من طريق محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير - وهو متروك - عن ابن أبي مليكة، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها وزاد فيه، في أوله: عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«من نام قبل العشاء فلا أنام الله عينه» . وهذا لا يثبت مرفوعا، وإنما روي عن عمر من قوله.
وروى ابن وهب في مسنده، قال: أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإنسان يرقد عن العشاء قبل أن يصلي؟ قال: «لا نامت عينه «ثلاث مرات. وخرجه بقي بن مخلد من طريقه. وهو منقطع بين بكير بن الأشج وعائشة. وخرجه بقي من وجه آخر ضعيف، عن عائشة، مرفوعا - بمعناه" (1) ا. هـ.
(1) فتح الباري لابن رجب (4/ 378).