الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصدر إلى عدن في المحرم أو في صفر من سنة اثنتين وتسع مائة، فأقام بعد وصوله إلى عدن نحو سبعة أيام صحيحا، ثم مرض وحمّ، ولم تزل به الحمى إلى أن توفي أواخر شهر صفر المذكور رحمه الله، ودفن بتربة الشيخ جوهر في قبر جده القاضي محمد بن مسعود أبي شكيل وهو ابن خالي، وكان بيني وبينه ألفة ومودة أكيدة من الصغر إلى أن توفي رحمه الله تعالى.
4367 - [عبد الله بن أحمد بامخرمة]
(1)
أبو الطيب عبد الله بن أحمد بن علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن إبراهيم الشهير بأبي مخرمة، الإمام العالم العلامة، البحر الحبر الفهامة، والدي وشيخي.
ولد ببلده الهجرين ليلة الأربعاء الثاني عشر من شهر رجب سنة ثلاث وثلاثين وثمان مائة كما وجد بخطه، وذكر أنه نقله من خط الثقة وخبره، وربى يتيما في حجر أمه، وكفله خاله أبو بكر باقضام.
وكان ذكيا من صباه رحمه الله، سمعته رحمه الله يقول: لما عرضت لوحي على المعلم في (سورة الأعراف) .. قرأت: (قال عذابي أصيب به من أساء) بالسين المهملة، وفتح الهمزة الأخيرة، من الإساءة، فرده عليه:(من أشاء) بالشين المعجمة، وضم الهمزة الأخيرة، من المشيئة، فوافق ذلك ما اتفق لإمامنا الشافعي رحمه الله في صباه عند حفظه لهذه الآية؛ فإنه قرأها أيضا بالسين المهملة (2).
وحج من بلده ماشيا مع آل باعصيّة طريق السراة في سنة ثلاث وخمسين، وأسقط فرضه.
فلما رجع من الحج .. دخل عدن لطلب العلم، فقصد القاضي محمد بن أحمد با حميش، فقرأ عليه، وسمع كثيرا من كتب الفقه ك «التنبيه» و «المنهاج» و «الحاوي» وغير ذلك، وأقبل عليه القاضي با حميش إقبالا كليا لما رأى من نجابته وذكائه، وأجاز له الفقيه با حميش إجازة عامة، وقرأ النحو على الفقيه ابن أزهر، قرأ عليه «ألفية ابن مالك» ،
(1)«الضوء اللامع» (5/ 8)، و «طبقات صلحاء اليمن» (ص 337)، و «الفضل المزيد» (ص 238)، و «تاريخ شنبل» (ص 215)، و «النور السافر» (ص 58)، و «تاريخ الشحر» (ص 25)، و «شذرات الذهب» (10/ 30)، و «تاريخ حضرموت» للكندي (1/ 153).
(2)
أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (15/ 145)، وفيه أن الذي اتفق له قراءتها كذلك: هو حماد الرواية.
وقرأ على القاضي محمد بن مسعود باشكيل كثيرا من كتب الحديث والتفاسير وغيرها، وأجاز له إجازة عامة في جميع أنواع العلوم، وزوجه القاضي باشكيل بابنته، وقرأ على الفقيه البرجمي كتاب «المصابيح» وأجازه فيه وفي غيره، ودخل شبام حضرموت، فأجاز له عالمها الإمام الصالح با هرمز إجازة عامة.
وولي قضاء عدن مدة يسيرة، فباشره بعفة وجد واجتهاد، فأنصف الضعيف من القوي، وكان في خلقه حدة، فخرج من عدن مختفيا متنزها من القضاء، فقصد الشحر، فأكرمه واليها يومئذ بدر بن عبد الله الكثيري، وصحبه، وكان بينهما ألفة أكيدة، ومودة شديدة، ثم رجع إلى عدن وقد تولى قضاءها القاضي عبد الرحمن بن عبد العليم البريهي، ولم يزل يتردد بين الشحر وعدن، وأكثر إقامته بعدن.
وقرأ عليه جمع واستفادوا، وصاروا أئمة، منهم: شيخنا الإمام عبد الله بن عبد الرحمن بافضل، والفقيه عمر بن أحمد با كثير، والفقيه علي بن زيد الشرعبي، والفقيه عمران بن بشر الحبلى، والفقيه محمد بن علي العفيف وغيرهم.
وله نكت على «جامع المختصرات» للنشائي، يذكر فيه المواضع التي وقعت في الكتاب على غير الصواب، وله أيضا عليه تأليف لطيف، يذكر فيه المسائل التي ذكرها في الكتاب في غير مظنتها على نمط «خبايا الزوايا» للزركشي، وله نكت على «ألفية ابن مالك» ، وشرح على «ملحة الحريري» ، وفتاوى مجموعة رتبها على أبواب الفقه، وشرح «منظومة ابن ياسمين» في الجبر والمقابلة.
وصحب الشريف عمر بن عبد الرحمن باعلوي، والشيخ أحمد بن محمد العمودي صاحب قيدون صحبة أكيدة، فكان لهما حسن ظن وعقيدة قوية.
عزم مع الشريف عمر بن عبد الرحمن في سنة تسع وثمانين إلى تعز، ومرضا جميعا بتعز، فتوفي الشريف عمر بها في رمضان من السنة المذكورة، ونقه الوالد من مرضه قليلا، فعزم إلى بلده طريق البر على زهراء وردمان.
ولم يزل ذلك المرض مستمرا به، تارة يقوى عليه، وتارة يهون إلى أن توفي منه في سحر ليلة الاثنين لتسع بقيت من المحرم الحرام من سنة ثلاث وتسع مائة بعدن، ودفن بتربة الشيخ جوهر الجندي نفع الله به قبالة ضريح شيخه القاضي جمال الدين محمد بن مسعود باشكيل رحمه الله.