الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العشرون الثالثة من المائة التاسعة
[الاعلام]
4246 - [السلطان برسباي]
(1)
السلطان الملك الأشرف أبو النصر برسباي.
ولي السلطنة بمصر وغيرها لما خلع الملك الصالح بن تتر، وذلك في ربيع الأول من سنة خمس وعشرين وثمان مائة، فأقام في السلطنة ستة عشر شهرا وثمانية أيام.
وتوفي ثالث عشر ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثمان مائة، ودفن بتربته.
وعمر في أيامه المدرسة التي بالقصر ما بين القاهرة (2)، والتربة خارج باب النصر نحوا من تربة الظاهر برقوق، والمدرسة بالخانقاه السرياقوسية.
وفي أيامه فتحت قبرص في سنة تسع وعشرين وثمان مائة، وأحضر ملكها أسيرا، ومنّ عليه، وأعاده إلى بلده بمن شاء من جماعته، وصار يرسل الجزية في كل سنة بحمد الله إلى يومنا هذا في سنة اثنتين وثمانين وثمان مائة، وأظن ذلك مستمرا إلى عصرنا هذا، وهو سنة اثنتين وثلاثين وتسع مائة، والله سبحانه أعلم.
وفي سنة ست وثلاثين وثمان مائة سافر الأشرف المذكور إلى آمد، فلما توفي في التاريخ المتقدم ذكره .. تولى الملك ولده العزيز أبو المحاسن يوسف.
4247 - [الملك الظاهر يحيى بن إسماعيل]
(3)
الملك الظاهر يحيى بن الأشرف إسماعيل بن الأفضل العباس بن علي المجاهد الغساني.
(1)«إنباء الغمر» (4/ 78)، و «الضوء اللامع» (3/ 8)، و «النجوم الزاهرة» (14/ 242)، و «الدليل الشافي» (1/ 186)، و «شذرات الذهب» (9/ 247)، و «البدر الطالع» (ص 178).
(2)
كذا في الأصول، والعبارة في «شذرات الذهب» (9/ 249):(وهو الذي أنشأ المدرسة الأشرفية في القاهرة بين القصرين).
(3)
«الضوء اللامع» (10/ 222)، و «بغية المستفيد» (ص 109)، و «اللطائف السنية» (ص 164)، و «المدارس الإسلامية» (ص 269).
لما خالف على الناصر أخوه حسين، وتسلطن بزبيد، ولقب بالظافر .. نزل الناصر من تعز، ودخل زبيد قهرا، وقبض على أخيه حسين المذكور ومن معه، وقيده وأودعه دار الأدب بحصن تعز، ثم بلغه أن أخاه حسينا المذكور أحدث خلافا آخر بتعز، فبادر الناصر إلى تعز، وحصر أخاه في الحصن عدة أيام، وأخذه قهرا، وقبض على أخيه، وأرسله إلى حصن ثعبات مرسّما عليه، وأمر أخاه شقيقه الملك الظاهر صاحب الترجمة أن يسير إليه في جماعة ويسمل عينيه، ففعل ذلك الظاهر، وذلك في سنة اثنتين وعشرين وثمان مائة، ثم ندم الناصر على ما صدر منه، ولام أخاه الظاهر على المبادرة، وخشي من بداره، فاعتقله بحصن الدملوة، ويقال: بحصن ثعبات، فلم يزل الظاهر معتقلا بقية أيام الناصر وأيام ولديه المنصور عبد الله والأشرف إسماعيل، فلما قبض الأشرف في سنة إحدى وثلاثين وثمان مائة كما ذكرناه في ترجمته في العشرين قبل هذه (1) .. أجمعوا على إقامة عمه الملك الظاهر المذكور، فأخرج من السجن صبيحة الجمعة عاشر جمادى الأخرى من السنة المذكورة، وبايعوه، فركب من فوره إلى دار العدل بتعز، وأرسل بابن أخيه الأشرف تحت الحفظ إلى حصن الدملوة، فسجن هنالك حتى توفي، وأرسل المقرئ شرف الدين من زبيد إلى الظاهر بقصيدة طويلة يهنّئه فيها بالملك يقول في أولها:[من الطويل]
ولما أراد الله أن الهدى يحيى
…
ثنى الملك عن هذا وقلده يحيى
ولم يثن عنه الملك إلا وقد أتى
…
بأمر عظيم لا تداوى به الأدوا
ومنها:
وليس لإسماعيل ذنب لأنه
…
على يده أيد أوامرها أقوى
وما كان إلا صورة يحملونها
…
على كل ما يهوون لا بعض ما يهوى
وهي طويلة، فلما وقف عليها الظاهر .. أعجبته، فاستدعى المقرئ إلى تعز، وأنشده القصيدة بحضرته، فأجازه عليها عشرة آلاف دينار، ثم لما وصل المقرئ إلى تعز .. مدحه بقصيدة أخرى ميمية عدد أبياتها أحد وأربعون بيتا، فأعجبت السلطان، وأجازه بكل بيت منها ألف دينار، وأحال له بذلك على الجهات الشامية واليمنية وبثغر عدن، وأكد على
(1) في هامش (ت): (اعلم أنه تتقدم له ترجمة في العشرين قبل هذه، ووجدت في هامش الأم ما مثاله: اعلم أنا لم نظفر من هذه العشرين وقت تبييض هذا التاريخ إلا بشيء يسير، فهي مفقودة، ولعل الله يمن بوجودها فتلحق. انتهى).
المشدّين في خلاصه، فلم يخلفوا عليه درهما واحدا، واستعظم المقرئ الجائزة، وخشي الحسد، فكتب إلى السلطان يحقر نفسه في قبض هذه العطية الكثيرة، ويسأل العوض عنها ألفي دينار فقال:[من الكامل]
يا من يثير بأريحية جوده
…
سحبا يعاور في حياها المغدق
ارفق بعبدك واسقه متمهلا
…
إن قام يستسقيك ما لا يغرق
في نصف نصف النصف مما جدت لي
…
أضعاف ما أرجو وما أنا أنفق
من كان لا يرضى عطاه فأنت من
…
يرضى ببعض البعض مما يرزق
فأبقى السلطان الصدقة الأولى على حالها، وزاده ألفي دينار حوالة على عبد الرحمن بن علي بن جميع بعدن، فتخلص المقرئ الأول والآخر، فناهيك من كرم وسخاء، وجود ووفاء.
وفي ذي القعدة من سنة ولايته: نزل إلى زبيد، وأمر بتجديد درب زبيد وتحصينها.
وفي سنة ثلاث وثلاثين: نكل بالجند الذين خلعوا ابن أخيه إسماعيل الأشرف أشد النكال، وأذاقهم شديد الوبال، وكانوا قد طغوا وبغوا، وزعموا أنهم يقيمون من شاءوا ويخلعون من شاءوا، فأبادهم قتلا وتغريقا، ونفيا وتفريقا، ثم صادر وزير ابن أخيه شرف الدين إسماعيل بن عبد الله العلوي، وقتل أخاه الشهاب العلوي، وخرب بيوتهم، ونهب أموالهم، ودمر أحوالهم كما ذكرنا ذلك في ترجمة القاضي شرف الدين المذكور في العشرين قبل هذه، واستوزر القاضي تقي الدين عمر بن الوزير شرف الدين أبي القاسم بن معيبد، وأمر حكام ثغر عدن أن يجهزوا مراكب الديوان مشحونة بالرجال والسلاح، ويتقدموا إلى باب المندب يرصدون من مر عليهم من مراكب الهند إلى جدّة، ويلزموهم الرجوع إلى عدن، فبادر النواب إلى ذلك، ووقفوا بباب المندب، فظفروا ببعض مراكب الهند وأخذوهم وأدخلوهم إلى عدن قهرا، واستصفيت أموالهم، وإلى ذلك أشار شرف الدين المقرئ في بعض قصائده التي يمدح بها الظاهر حيث يقول:[من الطويل]
ومن عجب بغي المراكب هذه
…
بتجويزها يا ويل من ركب البغيا
لقد حذّروا هذا فكانوا ببغيهم
…
لما سمعوا صما وما أبصروا عميا
فأعرضت عنهم والمقادير خلفهم
…
تسوقهم كالبدن نحوكم هفيا
فلما دنوا منكم ولم تحفلوا بهم
…
أغارت عليهم كل داهية دهيا
وجاءتهم الأمواج من كل جانب
…
فما برحت للبر تطويهم طيا
وكان لديهم مركب فيه بغيه
…
فظلوا به يسقون أموالهم سقيا
وجاءت بهم مما بعثت كتائب
…
مراكبهم تمشي بهم نحوهم مشيا
فأدركهم من جانب المندب القضا
…
بريح فرت أوداج مركبهم فريا
وقدم عليه الشيخ علي بن طاهر بن معوضة بن تاج الدين إلى تعز، فواجهه بدار الشجرة، فأكرم نزله، وأجزل صلته، وذلك سنة خمس وثلاثين.
وفي هذه السنة: ابتدأ بعمارة المدرسة الظاهرية بتعز.
وفيها: وصل [ .... ](1) إلى عدن [ .... ](2) تلك السنة إلى عدن للتفرج على مراكبهم وزيهم، واشترى من بضائعهم وتحفهم، وباع إليهم وحوشا، وحصل منهم جملة مستكثرة.
وفي مدة إقامته بعدن: بلغه [ .... ](3) المعازبة والكعبين بوادي ذوال من تهامة، فخرج مسرعا، وطوى المراحل طيا، فلم يشعروا به إلا والرماح والسيوف تنوشهم قتلا وحزا، وذلك في شعبان من السنة المذكورة.
وفي سنة اثنتين وأربعين وثمان مائة: تقدم الظاهر من تعز إلى زبيد يوم الاثنين سادس وعشرين رجب، ودخل زبيد وهو مريض، فأقام بها ثلاثة أيام، وتوفي يوم الجمعة آخر شهر رجب من السنة المذكورة، فأجمع أهل الحل والعقد على مبايعة ابنه الأكبر سنا الملك الأشرف إسماعيل، فلما انعقدت بيعته .. أمر بتجهيز والده، فغسله بأمره شيخ الإسلام جمال الدين محمد بن الطيب بن أحمد الناشري، وقاضي الشريعة حينئذ بزبيد شهاب الدين أحمد أبو الفضل بن علي الناشري، وخطيب زبيد الفقيه كمال الدين موسى بن محمد الضجاعي، ثم جهزه أحسن الجهاز، ثم صلّى عليه، وأمر شيخ الإسلام الطيب الناشري أن يتقدم به إلى تعز، وهو الذي أدخله قبره رحمه الله، وقبر بمدرسته الظاهرية بتعز، وكان رحمه الله سلطانا حازما، وملكا شهما.
(1) بياض في الأصول.
(2)
بياض في الأصول.
(3)
كلمة غير واضحة في المخطوطات.