الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وولي ملك اليمن يوم وفاة أبيه حادي وعشرين شعبان سنة ثمان وسبعين وسبع مائة، فقابله الإقبال، وساعده السعد، ووافقه التوفيق، وسار بالناس سيرة مرضية في نشر العدل والرفق بالرعية.
وكان واسع الحلم، كثير العفو، متحريا في سفك الدماء، جوادا، محبوبا عند الناس، وللإمام مطهر بن محمد بن مطهر الهدوي، والفقيه علي بن محمد الناشري، والفقيه إسماعيل بن أبي بكر المقرئ فيه غرر القصائد.
وكان مشاركا في فنون العلم من النحو والإعراب، والفقه والآداب، والتاريخ والأنساب، والحساب والأسطرلاب، وغير ذلك.
أخذ النحو عن الفقيه عبد اللطيف الشرجي، والفقه عن الفقيه علي بن عبد الله الشاوري، وسمع الحديث على القاضي مجد الدين الشيرازي.
وكان يضع وضعا ويحد حدا في التصنيف، ويأمر من يتم على ذلك الوضع، فما ارتضاه .. أثبته، وما لم يرتضه .. حذفه، وما رآه ناقصا .. تمّمه، فمن ذلك «العسجد المسبوك والجوهر المحكوك في أخبار الخلفاء والملوك» ، و «العقود اللؤلؤية في أخبار الدولة الرسولية» ومصنفات في النحو، ومصنفات في الفلك.
وعمر جامع المملاح، قرية على باب زبيد القبلي، وله الزيادة الشرقية في جامع عدينة، ومدرسة بتعز والحوض الأشرفي بين تعز والجند، وأوقف أرضا بوادي لحج على المقيم برباط الشيخ أبي الغيث الذي بعدن، ووقفه باق إلى الآن تحت يد ورثة الشيخ فاضل الغيثي خادم الرباط، وعمرت في أيامه المدارس والمساجد والسبل.
ولم يزل حاله مستقيما وأموره منتظمة إلى أن توفي في سنة ثلاث وثمان مائة.
4201 - [فضل بن عبد الله الحضرمي]
(1)
الشيخ فضل بن عبد الله بن الفقيه فضل بن محمد بن أحمد بن أبي فضل.
كان شديد الزهد والورع، كثير الخوف، محميا عن الوقوع في الشبهة فضلا عن الحرام.
(1)«الجوهر الشفاف» (3/ 69)، و «طبقات الخواص» (ص 258)، و «تاريخ شنبل» (ص 156).
يحكى أن ابن بوز أمير الشحر أراد أن يدخل الشيخ فضل في شيء من الدنيا، فلم يقدر على ذلك؛ لشدة تحرز الشيخ عنه وعن سواه من مداخلات أبناء الدنيا فضلا عن الظّلمة، وعلم ابن بوز أن للشيخ شاة يأكل من لبنها، فدفع إلى امرأة شيئا من النوى لتبيعه على أهل الشيخ، فذهبت به المرأة، وباعته إلى أهل الشيخ فضل، فرضخوه، وأطعموه تلك الشاة، فلما حلبوها تلك الليلة بعد أن أطعموها ذلك النوى وأتوا بلبنها إلى الشيخ .. رده وقال:
هذا اللبن غير ثابت، فبحث أهله عن ذلك النوى، فأخبروا بخبره، فباعوا تلك الشاة، ولم يأكل الشيخ من لبنها بعد أن أكلت ذلك النوى أصلا.
قال الشيخ الفقيه محمد بن أبي بكر بن أبي عباد شيخ الشيخ فضل: جربت جميع أصحابي ونفسي، فوجدت أنا نتكلم بالكلام الطيب ثم نخلط معه غيره إلا الشيخ فضل؛ فإنه منزه عن الفضول فضلا عن الغيبة.
قال أحمد بن علي حرمي: سمعت الشيخ علوي بن محمد بن أبي علوي يقول: جميع الصالحين الذين لحقتهم اجتهدوا في العبادة، ثم دخلت عليهم الدواخل ففتروا عن العبادة إلا الشيخ فضل ما هو بريء من إعانة من فضل الله سبحانه وتعالى، فقال أحمد بن علي حرمي المذكور: فأخبرت الشيخ فضل بما قاله علوي، فأنشد هذا البيت:[من السريع]
عودتني الفضل فلا تنسني
…
فالناس ألاّف لما عودوا
وتوفي رحمه الله ليلة الأحد لإحدى وعشرين من شوال سنة خمس وثمان مائة.
قال الشيخ علي بن أبي بكر باعلوي: (صحب الشيخ فضل المذكور جمعا من العلماء الصالحين، وأخذ عنهم اليد، ولبس منهم الخرقة من آل باعلوي وغيرهم:
فمن آل باعلوي: الشيخ عبد الله بن علوي بن أحمد بن الفقيه محمد بن علي، وأخوه علي بن علوي، وابنه محمد بن علي بن علوي، وابنه الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن علي، والإمام محمد بن علوي بن أحمد بن الفقيه محمد بن علي، وأخوه علي بن علوي بن أحمد.
ومن غير آل باعلوي: الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي، وشيخه علي بن عبد الله الطواشي، والإمام محمد بن أبي بكر با عباد، وخلق كثير من أهل اليمن والحجاز وحضرموت وغير ذلك) (1).
(1)«البرقة المشيقة» (ص 57 - 66).