الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عامر بن طاهر، وابن عم أبيه الشيخ عبد الباقي بن محمد بن طاهر، ورضي عنهم، وأنعم عليهم (1).
وفي منتصف الحجة: خربت قرية الحديدة، وهرب أهلها منها، وذلك أنه لما حيّزت السفن عن الوصول بالطعام إلى كمران .. ضاق المصريون من ذلك، فأرسلوا جماعة في غرابين أو ثلاثة يمتارون لهم الطعام من الحديدة، فأرسل أهل الحديدة إلى الشيخ عبد الوهاب بن عامر بزبيد يعلمونه بذلك، فأمدهم بخيل ورجل، فلما قدموا الحديدة ..
طلبوا من أهلها سبرة أنفسهم وخيلهم، فامتنعوا من ذلك، وخرجوا من الحديدة مظهرين الخوف من المصريين، وما سببه إلا مطالبتهم بسبرة الخيل والجند، فلما علم المصريون- وكانوا ببندر الحديدة-خلوّها من أهلها .. سألوا: أين توجهوا؟ فأخبروا بالجهة التي نزلوها خارج القرية، فرموا إلى تلك الجهة مدفعا فيه حجر عظيم، فوقع قريبا من الدولة، ولم يغير على أحد منهم، فزادهم ذلك رعبا وخوفا منهم، ثم دخل المصريون الحديدة، فلم يجدوا بها أحدا، فأخذوا دروف بيوتها والأخشاب التي وجدوها بالساحل، وشحنوها في أغربتهم، وتوجهوا إلى كمران (2).
وفي آخر شهر الحجة: طلع الفقيه عبد الحق بن محمد النظاري من زبيد إلى الجبل لجمع العساكر السلطانية (3).
***
السنة الثانية والعشرون
في منتصف شهر صفر: قدم عبد الحق بن محمد النظاري من الجبل إلى زبيد بجمع عظيم أكثرهم من المشايخ أصحاب الرباطات والضعفاء الذين لا غنى منهم، وفسح لجماعة منهم سلموا مالا، وبقي الضعفاء الذين لا يقدرون على مال ولا يعرفون القتال حتى خرجوا إلى الشام (4) مع الشيخ عبد الوهاب بن داود كما سيأتي (5)، وكان الفقيه أبو بكر بن المقبول الزيلعي صاحب اللّحيّة مساعدا للمصريين بماله ونفسه ودينه، ووصلوه بخلع وصلات من
(1)«الفضل المزيد» (ص 358)، و «تاريخ الشحر» (ص 107).
(2)
«الفضل المزيد» (ص 359)، و «تاريخ الشحر» (ص 107)، و «اللطائف السنية» (ص 200).
(3)
«الفضل المزيد» (ص 359)، و «تاريخ الشحر» (ص 108).
(4)
المقصود بالشام أو الجهات الشامية: شمال اليمن.
(5)
انظر (6/ 576).
صاحب مصر، وأمروه أن يخطب في اللّحيّة لسلطان مصر، ففعل، فلما علم أبو بكر بن المقبول بإخراب المصريين لبندر الحديدة .. طلع من اللّحيّة إلى كمران وقال للمصريين:
نحن نفتح لكم طريق البر من بندر اللّحيّة، ونعينكم على ما أحببتم، فأرسلوا معه إلى اللّحيّة بغراب فيه مائة مملوك، فتقدم بهم إلى جهة مور وبها يومئذ الأمير محمد بن سليمان بن جياش السنبلي أميرا من قبل السلطان، فخرج إليهم الأمير محمد المذكور بمن معه من العسكر، فرماهم المصريون بأقواس البندق ولم يكن معهودا باليمن، فقتل الأمير محمد بن سليمان في جماعة من أصحابه، واستولى المصريون على مور، فعزم جماعة من الزيديين إلى الأمير حسين بجزيرة كمران، وبايعوه، وطلبوا منه أن يرسل معهم مائتي مملوك، وتكفلوا له بجوامكهم وأداء خراج البلاد إليه، فأرسل معهم مائتي مملوك، فقصدوا بهم قرية الضّحي وبها جمع من عسكر السلطان، فلما التقى الجمعان .. انكسر عسكر السلطان، وقتل منهم جماعة بالبندق، ونهب الجند المصريون والزيديون قرية الضّحي وأحرقوها، وخربت، وانتقل مرتبها من الدولة إلى الغانمية، ولما بلغ السلطان وهو ببلده المقرانة ما جرى بتهامة .. أرسل أخاه الشيخ عبد الملك بن عبد الوهاب لكشف الأمور، فقدم الشيخ عبد الملك إلى زبيد حادي عشر ربيع الأول، ثم تقدم منها إلى الجهات الشامية حتى بلغ المرجف (1)، فلما علم الأمير حسين بوصول الشيخ عبد الملك إلى المرجف .. سار من جزيرة كمران إلى بيت الفقيه ابن حشيبر ومعه من الجند نحو ألف مقاتل [غالبهم من الروم وعسكر](2) [سلطان الروم سليم شاه بن عثمان، أرسلهم عسكرا بندقيا وسائر العساكر، وتعاقبه بالذات وحاصر المصر ثلاثة أشهر، وفتح سهلا وقتل .. وفر صاحب مصر إلى مملكة الصعيد وتجمع العرب والجراكسة قرب مقابل بعض عسكر العثماني في جانب جرجة وفر ثانيا وتعاقب العثماني وأخذ وقتل وقطع رأس السلطان وتولّى برقوق واليا وقتل قانصوه الغوري
…
] (3) الفرنج الذين بالهند، ولم يعلم صاحب الروم بما انطوى عليه صاحب مصر وأميره حسين من طلب الاستيلاء على اليمن، فلما استقر الشيخ عبد الملك بالمرجف ..
قدم الشريف عزّ الدين بن أحمد بن دريب أخو العزيز صاحب جازان في جمع من الترك والروم والمعازبة، فلما التقى الجمعان .. كانت بينهما وقعة عظيمة قاتل فيها الشيخ
(1) في «الفضل المزيد» (ص 361): (المزحف) في هذا الموضع وفيما بعده من المواضع.
(2)
بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 112).
(3)
ما بين المعقوفين زيادة من (ت)، وهو كلام غير مفهوم، وفي باقي الأصول بياض.
عبد الملك فارسا وراجلا، وأبان عن شجاعة عظيمة ونفس كريمة، وقتل جماعة من الترك، ومات تحت الشيخ عبد الملك يومئذ ثلاثة أفراس، وقتل من جند السلطان جماعة من الشجعان، وكان يوما عظيما.
وسمعت الشريف أحمد بن الصديق الأهدل يقول: سمعت الشيخ عبد الملك بن عبد الوهاب يقول: قاتلت يوم المرجف وعلي درع ومن تحته مشمع، فكانت البنادق والجليلات تصيبني فتخرق الدرع، وإذا بلغت إلى المشمع .. طفئت من الشمع، فلما انقضى القتال، ونزعت الدرع .. أخرجت المشمع ونفضته، فتناثر منه ثمانية عشر ما بين بندقة وجليلة. انتهى
وأقام الشيخ عبد الملك بالجبيل بعد الوقعة ثلاثة أيام، ورأى من جنده تخاذلا، فاستمر راجعا إلى زبيد، فدخلها عاشر جمادى الأولى ومعه رءوس القتلى، ووصل العلم إلى عدن من طريق البحر من المخا بانكسار المصريين وهزيمتهم، فنوروا الحصون، ولبسوا الخان ودار صلاح، وأظهروا الفرح والانشراح، ثم وصل العلم إلى عدن بأخذ المصريين لزبيد، وعاد اللباس لم ينزع من الدار، ونجم النفاق من العرب، ومالوا إلى الأمير حسين، وحرضوه على اللحاق بالشيخ عبد الملك إلى زبيد ووعدوه بالمناصرة، فجعل يعدهم ويمنيهم إلى أن تحقق منهم قاطبة، فسار بهم إلى زبيد برا وبحرا في عسكر عظيم، وكان هو في عسكر البر وسلمان في عسكر البحر، فلما وصل حسين إلى بيت الفقيه ابن عجيل ..
دخل عليه جماعة من المعازبة، فقربهم وآنسهم واستحلفهم، وسار بهم إلى قرية المرة، ثم إلى القرشية، ثم إلى التّحيتا، ثم إلى نخل وادي زبيد، وأقام هو وعسكره هنالك ثلاثة أيام ينتظرون عسكرا يصلهم من قبل سلمان من البحر من طريق المتينة، فلما وصل إليهم عسكر سلمان .. تقدم الأمير حسين بالجميع صبح الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى، فوصلوا إلى زبيد ضحى ذلك اليوم والمدينة مغلقة، فنزلوا خارج باب النخل في عساكرهم؛ من الترك والتركمان والمعازبة والشاميين (1) ومن انضاف إليهم من العرب من أهل جازان والزيديين والمعازبة (2) والقرشيين ومن والاهم وفي صحبتهم الشريف عزّ الدين بن أحمد بن دريب والفقيه أبو بكر بن المقبول الزيلعي، فخرج إليهم الشيخ عبد الملك وابن أخيه الشيخ
(1) المقصود بالشاميين: سكان الشمال اليمني.
(2)
في هامش (ت): (تكرر ذكر المعازبة، إلا أن يكون الأول المغاربة بالمعجمة والراء، فليحقق! )، لم يتبين لنا الصواب، ولعل المقصود بالمغاربة سكان غرب اليمن.
عبد الوهاب في عسكرهما إلى خارج باب النخل، فلما التقى الجمعان .. قاتل الشيخ عبد الملك وابن أخيه عبد الوهاب قتالا عظيما لم يسبقا إلى مثله، أبانا فيه عن شجاعة زائدة، فتكاثرت عليهم جند المصريين، وتخاذل بهم عسكرهم، فانكسروا، ودخلوا المدينة بعد أن أصيب الشيخ عبد الوهاب ببندقة أثرت فيه تأثيرا عظيما، فدخل المدينة قبل عمه إلى الدار الكبيرة، فلما استقر فيه .. لحقه عمه، ووقف له بباب الدار، وصاح به، فركب فرسه وخرج إلى عمه، فجعله عمه بين يديه، وسار به إلى باب الشبارق وقد اصطف له جموع المصريين وفرسان العرب ليمسكوه هنالك، [فشق الجموع](1) بابن أخيه، وخلص به منهم بعد أن قتل منهم جموعا لا تحصى وأبان عن شجاعة عظيمة وقلب حاضر، ثم توجه بمن بقي معه من عسكره إلى تعز من صبح ذلك اليوم وفي صحبته الفقيه علي بن محمد النظاري والشرف الموزعي المستوفي الذي كان سببا لهذه الفتنة بسوء الرأي والتدبير، [وهلاك](2) للصغير والكبير.
وبعد خروج الشيخ عبد الملك وابن أخيه من زبيد دخلها عسكر الأمير حسين قهرا، فنهبوا البلد نهبا عظيما، وسفكوا الدم، وانتهكوا المحارم، وارتكبوا العظائم، وأحرقت المدينة، وحصل على أهلها من الفضيحة وهتك الحجاب ما لم يكن لأحد في حساب، ولم تصلّ الجمعة في ذلك اليوم بزبيد، ودخلها الحسين بعد عصر الجمعة، فلما استقر بالدار الكبيرة .. صاح للناس بالأمان، وأمر العسكر بالكف عن النهب، فلم يمتثلوا لأمره ولا أصغوا لكلامه، فأقاموا ينهبون المدينة ثلاثة أيام، وسكنوا البيوت، وأخرجوا أهلها منها، واستولوا على ما فيها من الخبايا والدفائن، وقتلوا جمعا من أهلها، منهم: الشريف أحمد بن عبد القادر البزاز، وعمر بن عبد اللطيف شماع، والفقيه عبد الرحمن بن محمد مفضل الواسطي وغيرهم، وسبوا النساء والصبيان، ثم صادر الأمير حسين تجار زبيد والمتسببين، وضربهم، وجعل في أعناقهم الزناجير، وأمسك قاضي الشريعة شيخنا القاضي شهاب الدين أحمد بن عمر المزجد، وأمر بطرح الزنجير في عنقه ظنا منه أن عنده مالية كقضاة مصر، فلما تحقق فقره وحاله .. عذره وخلع عليه، وانتدب رجلان من أهل مصر كانا قد تديرا زبيد في أيام بني طاهر يعرف أحدهما بالجميل والثاني دوفان (3)، فتقربا
(1) بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 114).
(2)
بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 115).
(3)
كذا في الأصول، وفي «الفضل المزيد» (ص 364):(والثاني بدوعان) في هذا الموضع وفيما سيأتي من المواضع.
إلى حسين بالنميمة على [الناس](1)، فقربهما وآنسهما، وسمع كلامهما، وأرسل للفقيه الصالح شرف الدين إسماعيل بن إبراهيم جعمان إلى بيت الفقيه ابن عجيل، فقدم عليه مترسما، فطالبه بمال قيل: كان عنده مودعا للشريف عبد الله بن علي بن سفيان، ولا أصل لذلك، فأنكر ذلك، فأمر بحبسه وضربه حتى مات في الحبس بعد ثلاثة أيام من الضرب، وأمر بمصادرة أهل زبيد على يد الجميل ودوفان، فكتبوا بأسماء أهل البيوت، وصودروا بأكثر من عشرة آلاف أشرفي، كل هذا بعد النهب والحريق، ثم إن العسكر طالبوا حسينا بمال كان وعدهم على أخذ زبيد، فلم يعطهم، فركبوا عليه مدافعهم، وزعموا أن عنده مالا في البحر يعطيهم إياه، فاستناب بزبيد مملوكا لسلطان مصر يقال له: برسباي، وعضده بالشريف عزّ الدين بن أحمد بن دريب، وخرج حسين من زبيد، وركب السفينة من المتينة، وصاح برسباي للناس بالأمان، وركب في الموكب مزفوفا ومعه عزّ الدين، وطيف بهما في المدينة، وتوجه حسين وسلمان بمن بقي معهما من العساكر إلى بندر زيلع، فأمدوهما بالبر والسمن والكباش والدراهم وغير ذلك، وعزما من زيلع إلى بندر عدن، وكان الموسم على ظهر سفر، فرأى أهل عدن مراكب المصريين عشية [ ........ ](2) فصرت المراكب من البندر إلى جهة الهند ولم يكن ثمّ ريح مساعدة، فأصبحت خشب المصريين فوق البندر، فلما رأى سلمان مراكب الموسم ضاربة (3) .. قدّم حسينا في جل الخشب والعساكر إلى بندر عدن لمحاربة أهل عدن، وتقدم سلمان في غرابين أو ثلاثة إلى المراكب الضاربة فلحقها، فأخذ الهاشميّ مركب السلطان (4) ولم يغير على أحد ممن له فيه مال، بل أنزل الناخوذة والكرّاني إلى عنده، وأطلع في الهاشميّ ناسا من قبله ليقبضوا في الهند ما كان في المركب من مال السلطان لا غير، وطرد مركبا لشخص من البانيان يسمى: رامه، فجدح به صاحبه على ساحل أبين، فتغير المركب، ومات ما فيه، وسلم الركبة، فدخلوا عدن من طريق البر، فلما وصل حسين بالخشب إلى البندر .. رمى إلى البلد بجملة مدافع كبار، ورموه أهل البلد (5)، فلم يؤثر فيهم ولم يؤثروا فيه، ومكث في البندر يومين، ثم نزل بعساكره
(1) بياض في الأصول، والاستدراك من «الفضل المزيد» (ص 364).
(2)
بياض في الأصول.
(3)
في (ل) و «تاريخ الشحر» (ص 115): (صارية) في هذا الموضع وفيما بعده.
(4)
الهاشمي: اسم مركب السلطان.
(5)
هذا على لغة: أكلوني البراغيث.
لمحاربة البلد إلى الممشى الذي جعلوه الدولة متصلا (1) بجبل صيرة، فخرج إليه عسكر البلد، فحصل منهم قتال عظيم قتل فيه جمع من المصريين، وانهزم حسين راجعا إلى مراكبه، ونورت الحصون، وأصبح حسين راحلا عن البندر بخشبه، فصادف رجوع سلمان ومن معه، فلامهم على ارتفاعهم عن البندر، وقصدوا جميعا البندر وكان الرتبة الذين بحصن صيرة قد [ ...... ](2) مرادهم [ ..... ](3) فطلبوا من الأمير مرجان أن يمدهم بالزاد والرجال، فلما رأى الأمير ارتفاع حسين من البندر .. تهاون في إمدادهم، فحسب أن رأوا المراكب ضاربة من البندر نزل الرتبة الذين كانوا بصيرة جميعهم إلى البلد، فلما رآهم سلمان .. طلع إلى صيرة في جمع من أصحابه، واستولى على حصن صيرة، ونصب بها علمه، [وظن الناس](4) أنه بأخذه صيرة بسيفه استولى على البلد، فسقط ما في أيديهم، وفشلوا، وكان الهارب [ناسا من البلد](5) فرمى سلمان من صيرة بجملة مدافع [ولم تؤثر](6) في البلد لاستعلائها، فكانت المدافع تقع في أطراف البلد مما يلي شمسان ونحوها، فلما رأى أهل البلد أن أخذه لصيرة لم يؤثر في البلد .. قويت قلوبهم وتراجعوا، وبذل الأمير مرجان المال للعسكر، فاستقوت هممهم، واستعدوا لمحاربة المصريين، فلما لم يظفر سلمان من البلد بطائل .. نزل من صيرة، وركب مدافعه على الممشى المتقدم ذكره ليضرب السور من قريب، ورمى إلى السور بمدافع عظيمة، فحتف من السور جانبا كبيرا، فلما كان الليل .. سدّ أهل البلد ما انهدم من السور بقطع الفوّة، وجعلوا عليها من ناحية الساحل مزاهي الكبنى ملئت بالخيش، وكان حجر المدفع يثقب الخيشة ويمرق منها إلى الفوّة، فينشب فيها، فلما رأى سلمان أن ذلك لا يجديه شيئا .. استعد للقتال، فنزل بعساكره سحر ليلة الأربعاء قبل الفجر بساعة فلكية أو أكثر في [ .... ](7) من شعبان، فرموا إلى البلد بالنبل والجليلات والمدافع الكبار والبنادق، وعلا بعضهم السور، فنصب به العلم، فتقدم إليه بعض عسكر البلد، فقتل صاحب العلم، ورمى بالعلم، فلما اتضح الفجر .. خرج
(1) هذا على لغة: أكلوني البراغيث.
(2)
بياض في الأصول.
(3)
بياض في الأصول.
(4)
بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 116).
(5)
بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 117).
(6)
بياض في الأصول، والاستدراك من «تاريخ الشحر» (ص 117).
(7)
بياض في الأصول.
عسكر البلد لقتالهم، فلم تزل الحرب بينهم مستقيمة إلى نحو ربع النهار، ثم رجع سلمان إلى مراكبه منهزما، وقتل جماعة من أهل البلد بالنبل والبندق، وكان السلطان لما علم بوصول المصريين إلى بندر عدن .. أرسل أخاه الشيخ عبد الملك شدادة لأهل عدن، وكان جماعة من البدو قد أغاروا على الرعارع لينهبوها، فلما وصلوها .. بلغهم الخبر أن الشيخ عبد الملك بمعالي الوادي، فاستمروا راجعين، فتعرض لهم جماعة من العبيد الذين مع الشيخ عبد الملك، فقتل البدو عبدا من عبيد الدولة، وأمر الشيخ عبد الملك بالكف عن قتال البدو، ثم دخل لحج، ثم رحل عنها إلى عدن، فأصبح يوم الخميس ثاني الوقعة بالتلاج، فنصب خيامه ثمّ، وأقام فيه طول نهاره، فلما رأى المصريون كثرة الخيام ..
سألوا عن ذلك وكان لهم جواسيس وعيون، فأخبروا بوصول الشيخ عبد الملك وقد لقوا منه اللقاء بوقعة المرجف، فأيسوا من البلد، ودخل الشيخ عبد الملك إلى عدن مع الغروب ليلة الجمعة، وأراد دخول دار السعادة من الباب الكبير من ناحية الميدان، فأشار عليه الأمير وجماعة بدخوله من باب السر خشية أن يرمي المصريون بالبنادق والمدافع، فدخلها من باب السر، وصلّى الجمعة بعدن، فلما تحققوا دخول الشيخ عبد الملك .. شالوا جميع ما كان لهم بصيرة من المدافع وغيرها إلى المراكب، وأصبحوا يوم السبت مرتفعين عن البندر راجعين من حيث جاءوا، فصادفوا مركب التركي وصل من جدة يريد الهند وقصده الدخول إلى حقّات لإنزال ركبه وحمل فيه إلى عدن، فمنعوه من دخول عدن، ولم يغيروا عليه حالا، فعزم إلى الهند بمن معه، وتوجّه المصريون إلى جهة الشام وكانوا مقلين من الماء، فدخلوا رباك يستقون وفيها عسكر العقارب وغيرهم، فقاتلوهم وحصروهم في حضيرة يقال: إنه كان سلمان في الحضيرة محصورا، فرمى المصريون بندقا أصاب بعض العرب، فانجفلت العرب، فخرج المصريون من الحضيرة إلى مراكبهم، واختلف سلمان وحسين، وقصد سلمان زيلع، فشحن منها البر وسار إلى جدة، وقصد حسين باب المندب، ثم المخا، ثم المتينة، ثم كمران، وتوجه منها إلى جدة، وصام الشيخ عبد الملك رمضان بعدن، وعيد بها عيد الفطر (1).
وفي ليلة الخامس والعشرين من رمضان: وقع بعدن مطر عظيم امتلأ منه الصهاريج جميعها، وأمر الشيخ عبد الملك بعمارة ما تخرب من سور عدن، فعمر عمارة قوية، وكان
(1)«الفضل المزيد» (ص 361)، و «تاريخ الشحر» (ص 111).
غرضه أن يعمر السور كله على ذلك النمط، فلم يساعد على ذلك لكثرة المصروف، ثم خرج الشيخ عبد الملك من عدن إلى لحج، فعيد بها عيد النحر.
وأما برسباي .. فإنه لما استقر بزبيد .. قرر أحوال الناس، وأظهر حسن السياسة والتدبير، ومشى بالناس مشيا حسنا، وأقام بزبيد إلى أثناء شهر شعبان، وأمر بنصب خيامه خارج باب الشبارق، فنصبت، وأقام في الجبانة ثلاثة أيام يجمع العساكر، ثم سار بهم إلى حيس-يقال: كان غرضه المسير إلى عدن طريق البر ليحصرها برا؛ مساعدة لأصحابه في حصرها بحرا-فلما بلغ حيس .. بلغه أن حسينا بالمخا قد رجع من عدن، فرجع إلى المخا، واجتمع بحسين بها، ثم سار برسباي إلى موزع، فانتهبها، وكان جماعة قد أودعوا أموالهم في بيت الشيخ عبد الله بن سلامة، فنهبها بعد أن كان قد آمن الشيخ على نفسه وماله [إثر صلح بينه وبين برسباي، ولكن نقض برسباي العهد](1)، ثم قتل مقدم الغجر الذي معه، فلما قتله .. خاف على نفسه، فرجع إلى زبيد، فدخلها في أثناء شهر رمضان.
وأما السلطان .. فإنه لما بلغه أخذ زبيد وموت ولده وهو يومئذ بالمقرانة .. خرج منها إلى مدينة إبّ، فدخلها في أوائل شهر رجب، وأقام بها إلى أثناء شعبان، وتوجه منها إلى زبيد، وعرج عن دخول تعز، وأقام بخدر (2) أياما، ثم تقدم إلى القورن (3)، فصام هنالك شهر رمضان، وعيد عيد الفطر، ثم توجه إلى زبيد، فلما تحقق المصريون ذلك .. أرسلوا إليه رسلا صحبة شيخنا القاضي أحمد بن عمر المزجّد يطلبون الصلح على أن يسلّموا البلد وما بأيديهم من الخيل والسلاح ويعطيهم مالا عينوه في قبيل ذلك، ويخرجون بما معهم ما عدا الخيل والسلاح، فاجتمعوا بالسلطان، وسمعوا كلامه وميله إلى الصلح، فطابت أنفسهم، فأشار بعض خواص السلطان عليه بعدم قبول ذلك، وأوقع في قلب السلطان أن ذلك مكيدة منهم، فأعرض عن الرسل، وردهم خائبين، وأمسك القاضي عنده ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
ثم سار السلطان بعساكره إلى قرية التريبة، فحط من غربيّها، وخرج إليه المصريون يوم الأربعاء تاسع شهر شوال، فكانت بينهم وقعة عظيمة قتل جماعة منهم، ورجعوا إلى زبيد، فأمسوا بها ليلة الخميس متأهبين لمعاودة القتال، وأمسى أصحاب السلطان ما بين جريح
(1) بياض في الأصول، والاستدراك من «الفضل المزيد» (ص 368) بتصرف.
(2)
كذا في الأصول، وفي «الفضل المزيد» (ص 368):(وأقام بحذرار).
(3)
كذا في الأصول، وفي «الفضل المزيد» (ص 368):(إلى القويرين).