الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقدّم العساكر، ثم لحقها في رجب، فأقام بذمار أياما، وجرد العساكر إلى جمعة الخزع، فأخذها قهرا بعد أن قتل من أهلها جماعة وقبضت حصونهم، ثم توجه إلى صنعاء في التاسع والعشرين من شهر رجب، فحط عليها ثاني شعبان (1).
وفي خامس عشر رجب: توفي الشريف هزاع بن محمد بن بركات بمكة رحمه الله، وتولى مكة بعده أخوه جازاني بمساعدة من القاضي أبي السعود بن إبراهيم بن ظهيرة وتدبيره، وكان ذلك سبب تدميره.
وفي شوال: توفي الشيخ عبد الله بن عامر بدار الأدب من رداع العرش والظافر محاصر لصنعاء، وكتب أهل صنعاء إلى البهّال، وبذلوا له أشياء، منها حصن ذي مرمر-فيما يقال- على أن ينصرهم بالعساكر، فأجمعت الزيدية على نصرة أهل صنعاء، وخالفت على الظافر، فوصلوا في جموع لا تحصى، فتقدم إليهم الأمير محمد بن علي البعداني في طائفة من العسكر، ووقعت بينهم وقعة نال منهم ونالوا منه، ثم انهزم عسكر الأمير، فجمع الظافر المحاط كلها، وجعلها محطة واحدة، وانقطعت الطرق إلى محطة السلطان بشيء من الزاد والأقوات، فعزم الظافر على الرجوع وعند الزيدية أنه قد صار في قبضتهم؛ لتوفرهم وكثرتهم وانقطاع المواد من السلطان ومن معه، ولكن الله سلم، إنه عليم بذات الصدور (2).
***
السنة الثامنة
في سابع شهر المحرم منها: سار الملك الظافر من تحت صنعاء، ونقض المحطة بعد أن جمع عسكره وآلاته وأحرق ما ثقل عليه حمله من الخيم وغيرها، فلحقته جموع الزيدية، فحملت العساكر الظافرية حملة واحدة، فانهزمت الزيدية، وتعقب الظافر في خاصته على المتخلفين من العسكر حتى سار بسير آخرهم، ودخل ذمار سالما، وكانت مدة هذه المحطة الأولى خمسة أشهر (3).
(1)«الفضل المزيد» (ص 268)، و «اللطائف السنية» (ص 193).
(2)
«الفضل المزيد» (ص 271)، و «اللطائف السنية» (ص 193).
(3)
«الفضل المزيد» (ص 272).
وفي هذه السنة: ظهرت مراكب الفرنج في البحر بطريق الهند وهرموز وتلك النواحي، وأخذوا نحو سبعة مراكب، وقتلوا أهلها، وأسروا بعضهم (1).
وفي شعبان: كانت وقعة بين الشريف بركات وأخيه جازاني بن محمد بالمنحنى شرقي مكة انكسر فيها الشريف بركات كسرة شنيعة، وقتل أعيان أمرائه، وأبان عن نجدة وشهامة وقوة نفس، حتى قال بعض بني إبراهيم الذين يقاتلونه في تلك الوقعة: لو في عسكره اثنان مثله .. ما قربنا مكة، والفضل ما شهدت به الأعداء، وفي أثناء المعركة انقطع حزام فرس الشريف بركات، فنزل عنه ليشد حزامه، فحملت عليه الفرسان من كل جهة، فكان يذودهم عن نفسه بسيفه، فلم يقدر أحد منهم يقرب إليه حتى شد حزام فرسه وعلا على ظهره، فانقطع طمعهم عنه، ونجا بنفسه في جمع قليل، وخرج الجازاني من مكة، وعاد بركات إليها (2).
وفي شعبان: توفي محمد بن الناصر صاحب صنعاء.
وفي ذي القعدة: هجم الشريف الجازاني مكة على أخيه بركات، فخرج إليه بركات ومعه أهل مكة والترك الذين بها، فقاتلوا الجازاني، وبذل أهل مكة جهدهم مع بركات، فقتل من أهل مكة جمع عظيم، وصوّب غالبهم، ونهبت مكة نهبا ذريعا، وفرّ بركات طريق اليمن حتى استقر بمكانه الأول (3).
وفي الشهر المذكور: قدم أمير الركب المصري بالحاج في جند عظيم، فتغيب عنه الجازاني، وواجهه الشريف بركات، فخلع عليه وعلى أخيه شرف الدين قايتباي وابن عم أبيه العنقاء بن حسن، فلما دخلوا مكة .. استدعاهم إلى مدرسة السلطان قايتباي، فأمسكهم وقيدهم وزنجرهم (4)، وساروا معه إلى عرفات على تلك الحال، ثم توجه بهم بعد الحج إلى مصر (5).
***
(1)«الفضل المزيد» (ص 275)، و «تاريخ الشحر» (ص 59).
(2)
«الفضل المزيد» (ص 275)، و «تاريخ الشحر» (ص 57).
(3)
«الفضل المزيد» (ص 276)، و «تاريخ الشحر» (ص 58).
(4)
الزنجير: السلسة، كلمة فارسية، وبينون منها فعلا فيقولون: زنجره فتزنجر؛ أي: قيّده فتقيّد. والعامة تقول: جنزير.
(5)
«الفضل المزيد» (ص 277)، و «تاريخ الشحر» (ص 58).