الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيخه الشريف يكثر التردد إليه ويلامسه ويخالطه كثيرا.
ثم عزم إلى الشحر قاصدا زيارة والدته، فلما وصل الشحر .. وصلت إليه والدته، فمكثت عنده أياما، وكان في خلقه حدة، فلم يطب لها المقام عنده، فرجعت إلى بلدها، وعزم معها لاستعطاف خاطرها، فلما كان في أثناء الطريق .. شق عليه السفر من الألم الذي به، فرجع إلى الشحر، وأقام بها إلى أن توفي في سنة ست وتسع مائة.
وكان له كتب غالبها ورثه من والده، وشيء منها بخطه وبخط غيره، فأوقفها جميعها عند موته على طلبة العلم الشريف بثغر عدن، وجعل النظر في ذلك لأخويه شيخنا الفقيه أحمد ومسطر ذلك رحمه الله تعالى.
4374 - [الشريف هزاع بن محمد]
(1)
الشريف هزاع بن محمد بن بركات بن حسن بن عجلان.
كان مضمر التعب من أبيه بسبب تقديم أخيه بركات عليه، ولم يظهر منه في حياة أبيه سوء، فلما توفي والده، وأسند الأمر إلى الشريف بركات، وجعل لهزاع إقطاعات معلومة .. قبلها في الظاهر وهو غير راض في الباطن، وأظهر الرضى منتهزا للفرصة، ولم يزل ملائما لأخيه في الظاهر.
فلما تولى الملك العادل طومانباي مصر بعد الأشرف جنبلاط .. طرد أميرا من أمراء جنبلاط يقال له: قانصوه البرج إلى مكة، فلما وصل البرج إلى مكة .. لم يلتفت إليه الشريف بركات ولا القاضي أبو السعود مراعاة للسلطان طومانباي، وكان هزاع يواصله ويهاديه ويكثر التردد إليه إذ ذاك.
فلما فقد طومانباي من مصر، وتولى بعده الأشرف قانصوه الغوري .. كتب لقانصوه البرج إلى مكة، وجعله نائبه بها، فلما وصلته الكتب بذلك .. جاءه الشريف بركات والقاضي أبو السعود للسلام عليه، فلم يأذن لهما؛ لما في نفسه من عدم الاحتفال به قبل ذلك، ووعد هزاع أن يجعل له ولاية مكة ويخلع أخاه بركات منها، فأمره بالخروج إلى ينبع، وأرسل لأمير الحاج المصري أن يواجه هزاع، ويطلق المراسيم السلطانية عليه،
(1)«الضوء اللامع» (10/ 208)، و «الفضل المزيد» (ص 265)، و «تاريخ الشحر» (ص 50)، و «السناء الباهر» (ص 59).
ويلبسه الخلع السلطانية، ففعل ذلك، فألبس هزاع الخلعة التي جيء بها لبركات، وألبس أخاه الجازاني الخلعة التي كان يلبسها قايتباي أخاه بركات، فتوجه هزاع مع الركب المصري إلى مكة ومعه الأشراف بنو إبراهيم في نحو مائة فارس، ومعه زبيد أخوال الجازاني، فلما علم بركات بذلك .. خرج في عسكره إلى وادي مرّ، والتقى الجمعان الشريفان بمن معهما، وكف الركب المصري نفسه وعسكره عن مساعدة أحدهما، فانكسر الشريف هزاع مرات، وقتل من أصحابه نحو الثلاثين، فعبث أصحاب بركات بالركب، ونهبوا أطرافه، فحمل الركب مع هزاع حملة رجل واحد، فهزم بركات، وقتل ولده أبو القاسم في جماعة من العسكر، واستولوا على محطة الشريف بركات بما فيها من الأموال والنساء، وانتهبت خزانته، فعزم الشريف بركات إلى جدّة، فنهبها.
ودخل هزاع مكة متوليا صحبة الركب المصري، واضطربت أحوال الناس، وكثر الخوف والنهب في الطرقات، ورجع حجاج البحر من الطريق وكان فيهم من قد أحرم فرجع قبل التحلل، وارتكبوا محظورات الإحرام جهلا، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وكان الحج ضعيفا، ولم يحج الشريف بركات.
فلما انقضى الحج .. عرف هزاع أن لا طاقة له بمقاومة أخيه بركات، وتخوف منه الهجوم عليه بمكة، فتوجه صحبة الركب الشامي إلى ينبع، وتبعه الشريف بركات، فحماه الركب الشامي منه، فرجع بركات إلى مكة، واستقر بها، وأمنت الناس في الطرقات.
وفي جمادى الأولى: جمع الشريف هزاع جيشا غالبهم بنو إبراهيم أشراف ينبع، فقصد بهم مكة، فخرج إليه الشريف بركات في عسكره، فالتقيا بموضع يقال له: طرف البرقاء، فانكسر الشريف بركات كسرة شنيعة، وقتل أخوه أبو دعلج، ومن الأشراف بني نمي نحو سبعة أنفار، وانهزم بركات حتى بلغ إلى سبخة الغراب من ناحية اليمن، ووصل هزاع إلى ظاهر جدة، ونادى الأمان للناس، وقرر أحوالهم، وأرسل أخاه الجازاني إلى مكة ليقرر أحوال أهلها، ثم خشي غادرته، فتبعه إلى مكة في عساكره.
وكان العرب والأشراف الذين مع هزاع قد شرطوا عليه نهب مكة إن ظفروا بها ثلاثة أيام، ثم لما ظفر بها .. لم يسهل عليه نهبها، فصالحهم على النهب على مال جزيل نحو سبعة آلاف أشرفي، فرضوا بذلك، فأخذ ذلك من تجار مكة بطيبة خواطرهم ليسلموا من النهب، ودفعها إلى من معه.