الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها: استفسح النقيب عبد النبي من الشيخ أحمد بن محمد أن ينزل إلى عدن بعائلته، فأذن له، فنزل بعائلته جميعهم وبما عز عليه من النقد والذخائر إلى عدن، واستفسح الفقيه علي النظاري من الشيخ أحمد بن محمد أن يعزم إلى بلده إبّ، فأذن له، فخرج إليها، فلام الأمير مرجان الشيخ أحمد بن محمد على فسحه للنظاري، وأذن للشيخ عبد السلام الحمادي في رجوعه إلى بلده، فوقع في نفس الأمير من ذلك.
***
السنة السادسة والعشرون
فيها: تجهز الشيخ أحمد بن محمد لحرب المتغلبين على تعز برأي الأمير مرجان، وأمده الأمير من عدن بالعسكر والعدة التامة، وخرج من عدن النقيب عبد النبي ومعه الهياثم ومقدمهم مجرب بن حيدرة بن مسعود، وآل أيوب ومقدمهم أحمد بن نسر، واجتمعوا بالشيخ أحمد بن محمد بحياز، وساروا جميعا إلى تعز، وخرج إليهم الترك الذين بتعز، فالتقى الجمعان بموضع قرب تعز، وحصل بينهما معركة عظيمة جاد فيها الشيخ أحمد بن محمد وأحمد بن نسر، وأبانا عن شجاعة وبسالة عظيمة، وكان النقيب عبد النبي ظاهره مع الشيخ أحمد بن محمد وباطنه بخلاف ذلك، فلما رأى النصر والظفر .. لزم يده ويد جماعته عن القتل، واستمال كبير الهياثم مجرب حتى وافقه على ترك القتال، فحمل عليهم الترك، فانهزم النقيب ومجرب وجماعتهما، فوقعت الهزيمة في بقية العسكر، ولما رأى الشيخ أحمد بن محمد ذلك .. لف أطرافه، واستمر راجعا من حيث جاء، وكان الأمير مرجان وكافة قبائل اليمن منتظرين أخذ الشيخ أحمد بن محمد لتعز، فإن أخذها .. انقادوا له وتبعوه، فلما انهزم من تعز .. تفرقت قبائل اليمن عن الانقياد له ومتابعته، وتغير عليه باطن الأمير، فكان لا يمضي من أوامره وخطوطه إلا ما شاء منها (1).
وفيها: مات النقيب عبد النبي بعدن.
وفيها: وصل حسين بك إلى البقعة في خمسة أو ستة أغربة، ونزل إلى زبيد، فعلم بوصول الفرنج إلى العارة، فرجع بعسكره إلى [ .... ](2)، ورجع بهم إلى جدة ليعلمهم بوصول الفرنج.
(1)«تاريخ الشحر» (ص 146).
(2)
بياض في الأصول.
وفيها: وصل الفرنج في نيف وعشرين خشبة ما بين غارب وغليون وبرشة، وفيها برشة كبيرة جدا فيها غالب أموالهم وزادهم ومدافعهم، وكان غرضهم الوصول إلى بندر عدن، فغلط معلمهم، ووقع مندخه على العارة والريح أزيب (1) لم يمكنهم معه الرجوع إلى عدن، وعربت (2) عليهم البرشة الكبيرة، فحملوا ما خف منها إلى بقية الخشب، وتركوها وتوجهوا بزعمهم إلى جدة، فلما وصلوا العارة، وذلك في أول جمادى الأولى .. كتب الشيخ محمد بن إسماعيل السروري إلى الأمير مرجان يعلمه بوصول الفرنج، فاستعد الأمير لهم، ورتب العسكر على مراتبهم في الدروب وغيرها، فبعد يومين وصل العلم بأنهم ساروا إلى جهة الشام.
ولما رأى الشيخ أحمد من الأمير عدم تنفيذ أوامره وخطوطه .. نزل من الجبل على نية إلى عدن ليكشف عن حقيقة الأمر؛ إن يكن سلطانا حقيقة .. أدخلوه، وإن يكن غير ذلك .. عرفه، فوصل إلى صهيب وصحبته أحمد بن نسر الأيوبي في جمع من آل أيوب وغيرهم، وعلم الأمير بذلك، فتعب أشد التعب، ولما وصل الشيخ أحمد إلى صهيب ..
أرسل الشيخ عبد القادر بن محمد العمودي إلى الأمير يستعطف خاطر الأمير ويعلمه أن أهل الجبل لم ينقادوا له وقالوا: لا نعرف أنك لنا سلطان حتى يدخلوك عدن، وإنما غرضه ألا يدخل عدن ويقيم بها أياما، ثم يخرج إلى الجبال على رأي الأمير ليتحقق أهل الجبل أن الأمير منه ظاهرا وباطنا، فوصل الشيخ العمودي إلى عدن بالرسالة صبح الجمعة، فحجبه الأمير، ولم يمكنه الاجتماع بالأمير قبل صلاة الجمعة، فلما خرج الأمير إلى الجامع .. أمر الخطيب بالخطبة للشيخ عبد الملك بن محمد بن عبد الملك بن داود، فخطب له، واجتمع الشيخ عبد القادر العمودي بالأمير بعد الصلاة، فبلغ الرسالة، وأطلق عليه أوراق الشيخ أحمد بن محمد، فقال له الأمير: الجواب ما قد سمعته بالجامع من الخطيب، وأخرجه من البلد في الحال، وأرسل إلى أحمد بن نسر شيخ آل أيوب بمال جزيل ووعده بوعد جميل على أن يتخلى من الشيخ أحمد بن محمد، وكذلك أرسل الأمير إلى الدّويداريّة والعبيد الذين مع الشيخ أحمد بن محمد بمال على أن يتخلوا منه، فاتفق أن الشيخ أحمد بن محمد خرج من محطته لبعض أغراضه، فأظهر العسكر المهاوشة والمقاتلة بينهم البين،
(1) أزيب: شديدة.
(2)
عربت: غلبت (لهجة يمنية).
فرجع الشيخ أحمد ليصلح أمرهم، فلم يصل إلى المحطة إلا وقد نهب آل أيوب مخيمه وأخذوا جميع ما فيه، وانفلت بقية العسكر، وربما هموا فيه بالشر، فسلمه الله منهم، فاستمر راجعا إلى حياز بعد أن تحقق عزل الأمير له، وكان عزل الأمير له من غير سبب ولا موجب لذلك سوى مجرد الهوى، لا جرم لاقى غبّ ما صنع، فسلبه الله عزّه سريعا، فسبحان من لا يزول ملكه، ولا يبيد سلطانه!
وأما الفرنج .. فإنهم توجهوا إلى نحو جدة، فلما كانوا بالقرب منها .. علموا أن بجدة عسكرا كثيفا من الترك والأروام والمعازبة وغيرهم، فداخلهم الفشل والخذلان، فدبروا إلى دهلك، وأقاموا بها إلى أن رد الشمال، ثم رجعوا من حيث جاءوا، فوصلوا إلى بندر عدن في شهر رجب مظهرين المسالمة، فأمدهم الأمير مرجان بالماء والزواد، واستفك من أيديهم بعض الأسارى، ثم عزموا إلى هرموز (1).
وفيها: خرج الأمير مرجان من عدن إلى التلاج وصحبته الشريف عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس بن أبي بكر باعلوي، وهلال عتيق الشريف أبي بكر بن عبد الله العيدروس باعلوي وهو القائم بتربته، وقدم الشيخ عبد الملك بن محمد من لحج إلى التلاج، فاجتمع بالأمير ومن معه، فبايعه الأمير، وحلف له، وأمره بالتقدم إلى الجبل ومقابلة ابن عمه الشيخ أحمد بن محمد، فإذا صفي الجبل .. نزل إلى لحج، ثم دخل عدن، ثم رجع الأمير وجماعة إلى عدن، ورجع الشيخ عبد الملك، كان ذلك جميعه في سنة ست وعشرين (2).
وفيها-أعني سنة ست وعشرين-: عزم الشيخ عبد الملك بن محمد إلى الجبل، وجهز معه الأمير ابن بنته عبد الله بن عبد النبي ومعه جل العسكر وبيده المال ومصروف العسكر وكساؤهم ومزائديهم، فكان يتصرف في ذلك على من شاء كيف شاء من غير مراجعة الشيخ عبد الملك، فكان يرحل الناس برحيله، وينزلون بنزوله، والشيخ معه تبع، فأقاموا في الجبل إلى أوائل السنة الآتية (3).
***
(1)«تاريخ الشحر» (ص 149).
(2)
«تاريخ الشحر» (ص 148).
(3)
«تاريخ الشحر» (ص 148).