الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت
…
ولا البخل يبقيها إذا ما تولت
وكان حسن الوساطة بين السلطان والرعية، كثير السعي في قضاء حوائج الأصحاب من السلطان وغيره، وكان مع ذلك باذلا نفسه للطلبة، يقوم بحاجة الغرباء والمنقطعين منهم من النفقة والكسوة، ويعطيهم ما يحتاجونه من ورق ومداد لتحصيل الكتب، وجمعت خزانته نحو ألفي مجلد.
وولاه الأشرف القضاء الأكبر في قطر اليمن، فلم يزل على ذلك إلى أن توفي بزبيد رابع وعشرين شهر صفر سنة اثنتين وتسعين وسبع مائة عن اثنتين وثمانين سنة، وقبر على باب مشهد الشيخ الصالح أحمد الصياد.
وبالجملة: فكان ممن أوتي بسطة في العلم والمال والجاه والعمر، رحمه الله تعالى، آمين.
4163 - [ابن الجلاد الفرضي]
(1)
أبو العباس أحمد بن موسى بن علي بن زكريا الفقيه، الحنفي مذهبا، الفرضي، النخلي-بفتح النون، وإسكان الخاء المعجمة، وكسر اللام-المعروف بابن الجلاد.
ولد آخر ذي الحجة سنة سبع مائة.
تفقه بوالده، وكان فقيها فاضلا، فرضيا، بارعا في معرفة الحساب والفرائض، والهندسة، والجبر والمقابلة، والدور، والمعاياة.
كان مبارك التدريس، كريم النفس، حسن الأخلاق، محققا لمذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله.
توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وسبع مائة.
4164 - [أحمد بن زيد الشاوري]
(2)
أحمد بن زيد الشاوري الفقيه الإمام، الورع الزاهد، شهاب الدين أبو العباس.
(1)«العقود اللؤلؤية» (2/ 218)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 179)، و «الدرر الكامنة» (1/ 322)، و «إنباء الغمر» (1/ 404)، و «تحفة الزمن» (2/ 349).
(2)
«العقود اللؤلؤية» (2/ 221)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 84)، و «الدرر الكامنة» (1/ 134)، و «إنباء الغمر» (1/ 422)، و «تحفة الزمن» (2/ 106)، و «طبقات الخواص» (ص 77).
كان إماما عالما عاملا، جوادا كريما، شديد الورع، باذلا نفسه لطلبة العلم، مسموع الكلمة، مطاعا في بلده وناحيته.
وبه تفقه جمع كثير من أهل تلك الناحية.
وكانت بلاده مطيفة ببلاد الزيدية، ولم يقل بقولهم، ولا اقتدى بفعلهم، فسار إليه إمام الزيدية محمد بن علي بن محمد الهدوي الملقب (صلاح) في جمع كثير من الزيدية وغيرهم، فلما صار قريبا من موضع الفقيه .. أرسل طائفة من العسكر، فقصدوا الفقيه إلى منزله، فقتلوه، وقتلوا جماعة من أصحابه ظلما وعدوانا، ونهبوا بيته وناحيته نهبا شديدا، وكان في بيته أموال جليلة مودعة للناس، وذلك حادي عشر رجب سنة ثلاث وتسعين وسبع مائة.
ولم تطل مدة الإمام صلاح، بل عوقب عقوبة شديدة، وكذلك الذين باشروا قتل الفقيه بأيديهم، وعمل بعض الفقهاء الشاوريين قصيدة يرثيه فيها، أولها:[من الوافر]
ألا شلت يمينك يا صلاح
…
وعجل يومك القدر المتاح
وسمعت شيخنا القاضي شهاب الدين أحمد المزجد يذكر أن للفقيه شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر المقرئ في ذلك قصيدة أولها: [من الوافر]
أراني الله رأسك يا صلاح
…
تداوله الأسنة والرماح
ويحكى عن الإمام المذكور أنه قال: لما وصلت أنا والعسكر إلى بلد الفقيه أحمد بن زيد .. أمرت العسكر ألا تغير على أحد بنهب ولا غيره، إلا أنكم إذا دخلتم على الفقيه ابن زيد .. فاحملوا ما عنده من الكتب، فلما دخلوا عليه .. حملوا كتبه، وجاءوني بها، فوجدت معظمها في الأصول والاعتقادات، فأمرت بقتله ونهب بلده، فلما قتل وسرنا راجعين .. فتوسطت البغلة في واد بين جبلين، وأسرعت في مشيها، فظن الغلمان أني حثثتها لحاجة الإنسان، فتأخروا عني، فلما انفردت .. قابلني الفقيه أحمد بن زيد وقرب مني في الجانب الأيسر، فرأيته يمد إصبعه السبابة كأنها خنجر، فطعن بها البغلة في خاصرتها، فنفرت بي نفرة شديدة ألقتني عن ظهرها، وكانت رجلي في الركاب، فسحبتني نحو ميل، فما أنقذت منها إلا وقد صرت شا أهلك (1)، فو الله ما بي إلا هو قتلته فقتلني.
(1) شا: في كلام أهل اليمن بمعنى «سين التسويف» أو «سوف» .