الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوصلوه إلى زبيد، فعفا عنهم وأكرمهم، ورتب في الحصن من يثق به (1).
وفي شهر رجب: كثرت الأمراض بزبيد، وحصل بها موت كثير، كان يبلغ في بعض الأيام إلى نحو السبعين وأكثر (2).
وفي آخر شعبان: أمر السلطان بمباشرة المساجد بزبيد، وأن يقبض شطر الغلة لعمارة المساجد (3).
وفي ثامن ذي الحجة: قدم الشيخ أحمد بن السلطان عامر بن عبد الوهاب إلى زبيد، ودخلها في أبهة عظيمة (4).
وفيها: توفي قاضي عدن أحمد بن أبي بكر بن عمران بعدن.
***
السنة التاسعة عشرة
في يوم الخميس سادس عشر المحرم منها: رأى أهل أبين جملة مراكب قاصدين إلى عدن، فاستنكروا كثرتها واجتماعها، وغلب على ظنهم أنه الفرنجي قاصدا إلى عدن، فأرسلوا بحريا، فوصل إلى عدن على نحو نصف الليل، فصاح على أهل الحصون بأن معه أوراقا في أمر مهم، فنزل إليه من قبض منه الأوراق وأتى بها إلى الأمير مرجان الظافري، فانزعج الأمير وأهل البلد لذلك، وكان بالبندر جملة مراكب عاد فيها غالب شحنتها، فالتمسوا من الأمير أن ينجلوا ما فيها في الليل (5)، فمنعهم من ذلك على ظن أنه سيحمي البندر منهم، فلما كان صبح الجمعة سابع عشر الشهر .. أصبحت أشرعتهم مندّخة على البلد وهم في ثمانية عشر خشبة ما بين برشة وغراب، وأراد الأمير مبادأتهم بالقتال، فخذله عن ذلك جماعة ممن يعرف حالهم وقتالهم، فمنع الناس من التعرض لهم والرمي إليهم بمدفع أو غيره، وكان في ذلك الخيرة، فحطوا فوق البندر، وتقدم غراب منهم إلى البندر خائفين من أن يكون في المراكب من هو مستعد لقتالهم، فتجسس خلال المراكب وتأملها واحدا واحدا، فلم يجد بها أحدا، فأشار إليهم بالتقدم، فقدموا، وحطوا في البندر، ورموا إلى
(1)«الفضل المزيد» (ص 339).
(2)
«الفضل المزيد» (ص 341)، و «النور السافر» (ص 148)، و «تاريخ الشحر» (ص 101).
(3)
«الفضل المزيد» (ص 342).
(4)
«الفضل المزيد» (ص 343).
(5)
ينجلوا: يظهروا، من نجل ينجل كنصر، ونجل الشيء: أظهره.
البلد بالجليلات والبنادق، وأرسل إليهم الأمير رسولا معه كباش وفاكهة على سبيل الضيافة، فردوا ذلك، وزعموا أنهم ما جاءوا إلا لأخذ البلد، فإن تسلموها طوعا، وإلا .. أخذناها قهرا، وذكروا أنهم نازلون صبح السبت للحرب، ثم تقدم غراب منهم إلى قريب السيف (1)، فأخذ جميع ما كان على الساحل من الزعائم والسنابيق، ولم يتعرض لهم أحد بشيء، فنهموا في البلد وطمعوا فيها، وأقام الأمير المدافع على الدرب، فلما كان صبح السبت .. نزلوا مستعدين للقتال في الزعائم والسنابيق التي كانوا أخذوها من الساحل، ونزلوا بسلالم، فنصبوها على الدرب من شرقية جهة شرشرة والشيخ الصعان، وصعدوا في السلالم، ونزل جماعة منهم إلى البلد، وصعد جماعة منهم على الجبل الذي عليه حصن الخضراء، فاجتمع جماعة من المسلمين، فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم من الجبل، وكان الأمير قد هم بترك قتالهم وأن يلزم دار السعادة، فأشار عليه ابن ماقرس وابن [
…
] (2) المهري بأن دار السعادة لا تحجبه إذا أخذت البلد، وأن يخرج لقتالهم؛ فإن نصره الله عليهم .. نال بذلك عزا عند الله وعند السلطان، وإن تكن الأخرى .. فاز بالشهادة، ومات كريما، فركب فرسه، وخرج في جماعة قليلة من أصحابه، فلم يزل يتلاحق الناس في الطريق، فوصل إليهم في جمع ولم يكن في البلد فارس إلا هو، فقاتلهم، وقاتل معه أهل البلد، فنالوا من المسلمين، ثم كانت الدائرة عليهم، فهزموا هزيمة منكرة، واستمروا راجعين من حيث دخلوا، وقاتل الناس من فوق الجبل، واستولى المسلمون على الدرب، وقاتلوهم في الدرب، فلما رأوا الغلبة .. رموا بأنفسهم إلى السلالم، ومن لم يمكنه الوصول إلى السلم .. رمى بنفسه من رأس الدرب إلى الساحل وهم مثقلون بالحديد، وبقي جماعة منهم محصورين في الباشورة، فأمر الأمير بأن يؤتى بقصب وتحرق الباشورة، فلما سمعوا منه ذلك .. خرجوا من الباشورة، وألقوا أنفسهم منها إلى الساحل، وركب من سلم منهم في السنابيق راجعين إلى مراكبهم، فرموا من البندر بمدفع أصاب بعض [
…
] (3) نحو العشرين، وقتل منهم خلق كثير.
وأخبرني الفقيه عبد الله بن حسين القلهاني أنه شاهد من مقاتيل الإفرنج تسعة؛ أربعة داخل البلد، وخمسة على الساحل خارج البلد، فلما تحقّقوا أن لا قدرة لهم على البلد ..
(1) السّيف: ساحل البحر.
(2)
بياض في الأصول.
(3)
بياض في الأصول.
اشتغلوا بتحريق المراكب التي بالبندر، واستولوا على الدار التي بالبندر، وأخذوا ما فيها من المدافع، وأقاموا بالبندر أياما، ثم عزموا إلى جهة الشام، فمروا بباب المندب، ثم المخا، ثم البقعة والمتينة، ثم الحديدة، ولم يتعرضوا للنزول في شيء من هذه البنادر؛ إذ كان أهلها وعساكر السلطان مستعدين لهم، ثم دخلوا جزيرة كمران أوائل صفر، فنهبوها، وحاولوا دخول الجزيرة، فلم يقدروا، فأقاموا بجزيرة كمران من أوائل صفر إلى نصف جمادى الأولى والناس تأكل بعضها بعضا من الغيظ يريدون من السلطان المصروف والإذن في قتالهم، فلم يساعد على ذلك، فكان ذلك سبب تجرؤ المصريين عليه، حتى قصدوه إلى بلده، وأخرجوه منها ومن مملكته، ثم عزم من كمران، ودخل إلى عدن منهم ستة عشر مركبا، ومركبان منهم قصدا زيلع، وأحرقوا الخشب الذي ببندر زيلع، ثم لحقوا بأصحابهم إلى عدن، وكان لأصحابهم بقدومهم من زيلع فرحة عظيمة نشروا فيها أعلامهم، وضربوا مدافعهم، وكانوا قبل وصول أصحابهم من زيلع يحاربون أهل عدن، ولم يقعوا على طائل لتحصين البلد، فلما وصل أصحابهم من زيلع .. جرءوهم على النزول للقتال وتحريق المراكب المتروكة بالساحل، فنزلوا ليلا في السنابيق، ففطن بهم أهل البلد وكان الساحل مشحونا من العساكر البحرية عساكر المراكب وغيرها، فثاروا عليهم، وهزموهم، وقتلوا جماعة منهم، وجرحوا آخرين، فلما انقطع رجاؤهم من المدينة، وتحققوا أن حزب الشيطان لا يقاوم حزب الرحمن .. رحلوا عن البلد مذمومين مدحورين، أبعدهم الله تعالى وخذلهم (1).
وفي شهر صفر: تمالأ جماعة من أهل صنعاء على قتل أميرهم علي بن محمد البعداني غدرا وعدوانا، ففضحهم الله، وأطلع الأمير على ما أضمروه، وأظفره الله بهم، فنكل جماعة منهم، وسلمه الله تعالى (2).
وفي آخر ربيع الآخر: توجه السلطان إلى تعز بعد أن أقام بزبيد سنة وأياما وكان قد غاب عنها ثمان عشرة سنة، واستخلف بزبيد الفقيه محمد النظاري أميرا، والقاضي أبو القاسم الموزعي مستوفيا، وقلده أموال الرعية، وأقام السلطان بتعز إلى خامس شهر الحجة، وتوجه إلى جهات المقرانة ونواحيها، وولّى ولده عبد الوهاب أمر مدينة تعز، وجعل إليه
(1)«الفضل المزيد» (ص 344)، و «تاريخ الشحر» (ص 102).
(2)
«الفضل المزيد» (ص 346).