الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السنة السابعة والعشرون
فيها: توفي الفقيه أبو بكر بن يحيى الشماع.
وفيها: خرج الأمير مرجان إلى لحج لحفظ مغلهما عن امتداد أيدي العرب إليه.
وفيها: نزل الشيخ عبد الملك والنقيب عبد الله بن عبد النبي من الجبل إلى حياز، فلما استقر عبد الله بن عبد النبي بحياز .. نزل إلى لحج مبادرة على أن يقيم الشيخ والجند بحياز لسلاّك طريقها، فحسب أن نزل عبد الله بن عبد النبي نزل بنزوله جميع الجند والعسكر، وبقي الشيخ عبد الملك وحده ليس معه إلا خاصته وجماعة، فتبعهم في النزول إلى لحج، وعلم الأمير بنزول ابن عبد النبي ولم يعلم بنزول الشيخ عبد الملك وقد هو (1) بطرف الوادي، فخرج للقائه، ولام حفيده عبد الله بن عبد النبي على ما فعله مع الشيخ عبد الملك، فمكث الأمير بلحج أياما، ثم دخل أوائل ربيع الأول، ولازمه الشيخ عبد الملك في الدخول معه، فاعتذر بأنه ما هو داخل إلا لتمهيد الضيافة، ووعد الشيخ بالدخول إلى عدن عن قريب، وصار الشيخ يطالبه ويكاتبه في إنجاز الوعد بالدخول، وأن ما غرضه بالدخول إلا أن يقيم بها أياما قلائل ثم يخرج إلى الجبل؛ فإن قبائل الجبل لا تنقاد له دون أن يدخل عدن ويخرج منها، فيتحققوا أنه سلطانها، وبقي الأمير يماطله ويساجله في ذلك.
وفي نصف ربيع الأول: رأى المرتّبون بحصون عدن سوادا في الصادة، فتخيل لهم أن الشيخ عبد الملك وصل بجند ليدخل عدن قهرا، فأعلموا الأمير بذلك فانزعج، واضطرب حال الجند وأهل البلد، فأرسل الأمير من يثق به من جنده إلى باب البر ليمنعوه من دخول الشيخ منه إلى عدن، وأرسل طائفة من العسكر من حيث جاء، فوصلوا إلى الصادة ولم يجدوا بها أحدا.
وأكثر الشيخ عبد الملك من الكتب إلى الأمير وإلى الفقيه عفيف الدين عبد الله بن شيخنا محمد بن أحمد فضل في استنجاز الوعد بالدخول، وتلطف في ذلك حتى تقرر عند الأمير أنه ما عسى أن يكون حد عمله إن أدخله؛ فإن الحصون بيد الأمير، والعسكر على رأسه، والمال تحت يده، فرأى أن يدخله ليقيم بعدن أياما، ثم يجهزه راجعا إلى الجبل، فأذن له
(1) كذا في الأصول، والمعنى: وهو بطرف الوادي (لهجة يمنية).
بالدخول، فدخلها يوم [ .... ](1) أواخر ربيع الأول، وخرج الأمير إلى الباب لملاقاته، فنزلا جميعا إلى دار السعادة وقد هيأ بها ضيافة عظيمة حضر فيها غالب أعيان البلد والجند، وأسكنه في بيت من بيوت دار السعادة السفلى البحرية، فكان لا يدخل على الشيخ أحد من الناس إلا بعلم الأمير، وربما أنه يدخل معه أحد من أصحاب الأمير في الظاهر كالمستأذن له على الشيخ، وفي الباطن متجسسا لما يصدر منه مع الشيخ، فضاق حال الشيخ من ذلك، ولم يزل يتلطف بالأمير حتى أذن له بالانتقال إلى دار الزيبق وهو مظهر الانقياد لأمر الأمير واتباع رأيه وأنه متى أمره بالخروج من البلد .. خرج، وما يريد من الأمير إلا أن يجهزه بما لا بد منه من مؤن سفره وأهبة طريقه، ويحضر كل يوم عند الأمير على الغداء والعشاء، وعند بروز الأمير يأتي إليه من طريق الممشى.
هذا، وفي الباطن يجتمع بجمع من العسكر وكبراءهم ويختلي بهم، ويستميلهم في القيام معه ونصرته، ويعدهم ويمنيهم، فكل منهم يقول: لا يمكننا إظهار القيام معك إلا إن كان معك يافع؛ لأنهم كانوا أكثر أهل البلد عدة وعددا، فلم يزل يستميل ويخيل لكبار يافع ويعدهم ويمنيهم حتى مالوا معه وحلف لهم وحلفوا له، وربما كان الواسطة بينهم وبينه في ذلك الشريف علي بن سعيد الحسيني؛ فإنه شمر في القيام مع الشيخ تشميرا كاد أن يكون فيه هلاكه لولا حماية الله له ببركة سلفه.
فلما توثق من يافع ومن عبيد اللوى والحبالية وغيرهم-ما خلا العبيد-بما طابت به نفسه وربما استحس الأمير بشيء من ذلك .. لازمه في الخروج من عدن، فاعتذر بأن ما عنده شيء من المال ولا الجند، ولا يمكنه الطلوع إلى الجبل إلا بجند كثيف ومال جزيل، ومراده أنه إذا أعطاه ذلك .. استعان به على محاربة الأمير، ولم يمكنه الأمير من شيء مما ذكر، وهم عبد الله بن عبد النبي وغيره من أصحاب الأمير بلزم الشيخ أو بقتله في الجامع، فأدخلوا الحسيني الكردي المقصورة ليفتك بالشيخ لزما أو قتلا، الله أعلم بما في صدورهم، ويقال: كان ذلك من غير علم الأمير؛ فإن الأمير منذ دخل الشيخ عدن لم يصل الجمعة البتة، والظاهر أنه كان به مرض [ .... ](2) عن الناس، فجاء من حذّر الشيخ، فلم يصل الجمعة في ذلك اليوم.
وفي يوم الاثنين: أظهر الشيخ المنابذة والمخالفة للأمير، وأطبقت معه تابعة البلد
(1) بياض في الأصول.
(2)
بياض في الأصول، ولعل النقص كلمة:(فاحتجب).
بأسرها تجارها وغيرهم، وأسعده بعض تجارها بمال جزيل على سبيل القرضة، وقام معه عبيد اللوى بأسرهم وغالب أهل الجبل، ورتب العسكر، وهم بالهجوم على دار صلاح للاستيلاء على ما فيها، فأرسل إليها طائفة من العسكر، فوجدوا الأمير قد شحنها بالرّجل في مجالسها وطيارمها يرمون من قصدها بالحجارة والمدافع، فمنعوها بذلك، وقتل واحد أردبيا (1) من أصحاب الشيخ.
وفي ذلك اليوم: قتل الحسيني البندقاني، قتله أصحاب الشيخ، فتعب الأمير لذلك (2).
وقصد جماعة من يافع دار الناصري وبها عبد الله بن عبد النبي وقد استعد فيها بالعسكر، فكانوا يرمون من قصدها بالحجر والبندق، فقتلوا جماعة من يافع نحو خمسة أو ستة، وحموها (3).
***
(1) هذه الكلمة غير واضحة في الأصول.
(2)
«تاريخ الشحر» (ص 153).
(3)
«تاريخ الشحر» (ص 153).
قال في الأم المنسوخ منها: (ههنا انتهى ما وجدناه من هذا «التاريخ» بخط المصنف رحمه الله ونفع به مسودة، واخترمته المنية قبل أن يبيضه، فبيضناه بحسب الطاقة والإمكان، والحمد لله أولا وآخرا، وباطنا وظاهرا) انتهى ما وجدته.
واتفق الفراغ من زبره يوم الثلاثاء تاسع شهر ربيع الآخر أحد شهور السنة الأولى بعد الألف من هجرته عليه أفضل الصلاة والسلام بخط أفقر عباد الله وأحوجهم إليه يحيى بن أحمد بن علي الصعدي الشافعي عفا الله عنه وعن والديه وعن جميع المسلمين، آمين.
برسم سيدنا ومولانا العالم العلام، الحبر الفهام، أوحد قضاة الأنام، خويدم شريعة سيد الأنام، جمال الدين الواثق بالله الخالق الباري، الأفندي محمد بن محمد البخاري، فسح الله في مدته، وبلغه من خير الدارين غاية أمنيّته، وأصلح أحواله، وختم بالصالحات أعماله، آمين، آمين، آمين.
وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
***