الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية التغابن.
الثانية: أن هذا من الإيمان بالله.
الثالثة: الطعن في النسب.
الرابعة: شدة الوعيد فيمن ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية.
الخامسة: علامة إرادة الله بعبده الخير.
السادسة: إرادة الله به الشر.
السابعة: علامة حب الله للعبد.
الثامنة: تحريم السخط.
التاسعة: ثواب الرضى بالبلاء.
36-
باب ما جاء في الرياء
وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ
..............................................................................................................
قوله: "باب ما جاء في الرياء " - أي من النهي عنه والتحذير -.
قوله: "وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} 1 أي ليس لي من الربوبية ولا من الإلهية شيء، بل ذلك كله لله وحده لا شريك له أوحاه إلي {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} 2 ويخافه {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} 3. قال شيخ الإسلام: "أما اللقاء فقد فسره طائفة من السلف والخلف بما يتضمن
1 سورة الكهف آية: 110.
2 سورة الكهف آية: 110.
3 سورة الكهف آية: 110.
وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} 1 وعن أبي هريرة مرفوعا: " قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه "رواه مسلم 2.
..............................................................................................................
المعاينة وقالوا: لقاء الله يتضمن رؤيته سبحانه وتعالى يوم القيامة"، وذكر الأدلة على ذلك. قال ابن القيم في الآية: "أي كما أنه إله واحد لا إله إلا هو، فكذلك ينبغي أن تكون العبادة له وحده لا شريك له، فكما تفرد بالإلهية يجب أن ينفرد بالعبودية، فالعمل الصالح هو الخالص من الرياء المقيد بالسنة" اهـ. فتضمنت الآية النهي عن الشرك كله قليله وكثيره.
قوله: "من عمل عملا أشرك فيه غيري " أي قصد بعمله غيري من المخلوقين "تركته وشركه " قال الطيبي: الضمير المنصوب في قوله: تركته يجوز أن يرجع إلى العمل. قال ابن رجب: واعلم أن العمل لغير الله أقسام: فتارة يكون رياء محضا كحال المنافقين كما قال تعالى: {يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلاً} 3 وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في فرض الصدقة الواجبة أو الحج أو غيرهما من الأعمال الظاهرة أو التي يتعدى نفعها ; فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة. وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء، فإن شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه وذكر أحاديث تدل على ذلك منها هذا الحديث، وحديث شداد بن أوس مرفوعا:" من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، وإن الله عز وجل يقول: أنا خير قسيم لمن أشرك بي، فمن أشرك بي شيئا فإن جدة عمله وقليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به أنا عنه غني "4 رواه أحمد. قال الإمام أحمد فيمن يأخذ جعلا على الجهاد: إذا لم يخرج لأجل الدراهم فلا بأس كأنه خرج لدينه، فإن أعطي شيئا أخذه - ثم قال: وأما إذا كان أصل العمل لله ثم طرأ
1 سورة الكهف آية: 110.
2 حديث قدسي رواه مسلم رقم (2985) في الزهد والرقائق: باب من أشرك في عمله غير الله ، وابن ماجه رقم (4202) في الزهد: باب الرياء والسمعة.
3 سورة النساء آية: 142.
4 أحمد في " المسند 4/126 وهو حديث ضعيف كما قال الألباني في "تخريح المشكاة" رقم (5331) .
وعن أبي سعيد مرفوعا: " ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي، فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل " 1 رواه أحمد 2.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية الكهف.
الثانية: الأمر العظيم في رد العمل الصالح إذا دخله شيء لغير الله.
الثالثة: ذكر السبب الموجب لذلك وهو كمال الغنى.
الرابعة: أن من الأسباب أنه تعالى خير الشركاء.
الخامسة: خوف النبي صلي الله عليه وسلم على أصحابه من الرياء.
السادسة: أنه فسر ذلك بأن يصلي المرء لله، لكن يزينها لما يرى من نظر رجل إليه
............................................................................................................
عليه نية الرياء، فإن كان خاطرا ثم دفعه فلا يضره بغير خلاف، وإن استرسل معه فهل يحبط عمله أم لا؟ ويجازى على أصل نيته؟ في ذلك اختلاف بين العلماء من السلف، قد حكاه الإمام أحمد وابن جرير، ورجحا أن عمله لا يبطل بذلك وأنه يجازى بنيته الأولى وهو مروي عن الحسن وغيره.
قوله: "عن أبي سعيد " هو الخدري وتقدم.
قوله: "الشرك الخفي " سماه خفيا؛ لأنه عمل قلب لا يعلمه إلا الله، ولأن صاحبه يظهر أن عمله لله، وقد قصد غيره أو شركه فيه بتزيين صلاته لأجله. ولا خلاف أن الإخلاص شرط لصحة العمل وقبوله وكذلك المتابعة. قال ابن القيم:"وأما الشرك الأصغر فكيسير الرياء والتصنع للخلق والحلف بغير الله وقول الرجل للرجل: ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك، وأنا بالله وبك، وما لي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك.. ولولا الله وأنت لم يكن كذا وكذا. وقد يكون هذا أكبر بحسب حال قائله ومقصده". اهـ.
1 ابن ماجه: الزهد (4204) ، وأحمد (3/30) .
2 في المسند 3/ 30 ، وابن ماجه رقم (4204) في الزهد: باب الرياء والسمعة من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وهوحديث حسن كما قال الألباني فى "صحيح الجامع" رقم (2604) .