الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
60-
باب ما جاء في منكري القدر
وقال ابن عمر: " والذي نفس ابن عمر بيده، لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبا، ثم أنفقه في سبيل الله ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر "ثم استدل بقول النبي صلي الله عليه وسلم: " الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره " 1 رواه مسلم.
............................................................................................
قوله: "باب ما جاء في منكري القدر " أي من الوعيد قوله: "قال ابن عمر: والذي نفس ابن عمر بيده " حديث ابن عمر هذا أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن " يحيى بن يعمر قال: كان أول من تكلم في القدر بالبصرة معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميدي حاجين أو معتمرين فقلنا: لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق الله لنا عبد الله بن عمر داخلا المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إليّ، فقلت: أبا عبد الرحمن إنه ظهر قبلنا أناس يقرءون القرآن، ويتقفرون العلم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف، فقال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر، ثم قال: حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلي الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، ثم قال يا محمد أخبرني عن الإسلام، قال: الإسلام؟ أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك"قال:
1 رقم (8) في الإيمان: باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ، وأبو داود رقم (4695) في السنة: باب في القدر ، والترمذي رقم (2613) في الإيمان: باب ما جاء في وصف جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم الإسلام والإيمان ، والنسائي 8/97 في الإيمان: باب نعت الإسلام ، وابن ماجه رقم (63) : باب في الإيمان.
وعن عبادة بن الصامت أنه قال لابنه: " يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة، يا بني! سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: من مات على غير هذا فليس مني "1.
وفي رواية لأحمد: " إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة "2.
وفي رواية لابن وهب قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره أحرقه الله بالنار ".
...............................................................................................
صدقت، قال فأخبرني عن الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل. قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان. قال فانطلق فلبثنا مليا ثم قال: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: إنه جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم " 3.
قوله: "عن عبادة بن الصامت " حديثه هذا رواه أبو داود، ورواه الإمام أحمد بكماله. قال: حدثنا الحسن بن سوار، حدثنا ليث عن معاوية عن أيوب بن زياد، حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة، حدثني أبي قال:" دخلت على عبادة وهو مريض أتخايل فيه الموت، فقلت: يا أبتاه أوصني واجتهد لي، قال: أجلسوني ثم قال: يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان، ولن تبلغ حقيقة العلم حتى تؤمن بالقدر خيره وشره، قلت: يا أبتاه وكيف أعلم ما خير القدر وشره؟ قال: أن تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، يا بني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة. يا بني إن مت ولست على ذلك دخلت النار "رواه الترمذي بسنده المتصل إلى عطاء بن أبي رباح، وفي هذا الحديث بيان
1 تقدم تخريجه ص () رقم () .
2 الترمذي: تفسير القرآن (3319) ، وأحمد (5/317) .
3 مسلم: الإيمان (8)، والترمذي: الإيمان (2610)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (4990)، وأبو داود: السنة (4695)، وابن ماجه: المقدمة (63) ، وأحمد (1/27 ،1/28 ،1/52 ،2/107) .
وفي " المسند " و " السنن " عن ابن الديلمي قال: "أتيت أبي بن كعب، فقلت: في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله يذهبه من قلبي، فقال: لو أنفقت مثل أحد ذهبا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لكنت من أهل النار، قال: فأتيت عبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن ثابت، فكلهم حدثني بمثل ذلك عن النبي صلي الله عليه وسلم "1 حديث صحيح رواه الحاكم في " صحيحه "2.
.......................................................................................................
شمول علم الله وإحاطته بما كان ويكون، كما في قوله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} 3 الآية، والآيات في إثبات القدر كثيرة، وقد استدل العلماء على ثبات القدر بشمول القدرة والعلم كما في الآية. قال الإمام أحمد: القدر قدرة الرحمن. وقال بعض الأئمة في نفاة القدر: ناظروهم بالعلم، فإن أقروا به خصموا، وإن جحدوه كفروا.
قوله: "وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي " أبو بسر بالسين المهملة والباء المضمومة، ويقال أبو بشر بالشين المعجمة وكسر الباء، وبعضهم صحح الأول، واسمه عبد الله بن أبي فيروز، ولفظ أبي داود قال:" لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم، ولو أنفقت مثل أحد ذهبا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لكنت من أهل النار. فأتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك، ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت زيد بن ثابت، قال: فحدثني عن النبي صلي الله عليه وسلم مثل ذلك " وأخرجه ابن ماجه.
1 المسند 5/182 - 183 و 185 و 189، وأبو داود رقم (4699) في السنة: باب في القدر ، وابن ماجه رقم (77) في المقدمة: باب في القدر ، وابن حبان رقم (1817)"موارد"، وهو حديث صحيح كما قال الألباني في " صحيح ابن ماجه" رقم (62) .
2 الحذاق من المحدثين لا يطلقون لفظ الصحيح على " المستدرك" لكثرة الأحاديث الضعيفة والمنكرة الواقعة فيه ، وإنما يقولون: أخرجه الحاكم في " مستدركه.
3 سورة الطلاق آية: 12.