الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه مسائل:
الأولى: احترام أسماء الله وصفاته ولو لم يقصد معناه.
الثانية: تغيير الاسم لأجل ذلك.
الثالثة: اختيار أكبر الأبناء للكنية.
48-
باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول صلي الله عليه وسلم فهو كافر
وقول الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} 1.
عن ابن عمر، ومحمد بن كعب، وزيد بن أسلم، وقتادة - دخل حديث بعضهم في بعض -: أنه " قال رجل في غزوة تبوك: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عند اللقاء - يعني رسول الله صلي الله عليه وسلم
......................................................................................................
قوله صلي الله عليه وسلم: " فما لك من الولد؟ قال: شريح ومسلم وعبد الله. قال: فمن أكبرهم؟ قلت: شريح. قال فأنت أبو شريح "2، فكناه بالكبير وهو السنة وغيّر كنيته بأبي الحكم؛ لأن الله هو الحكم على الإطلاق، ومنه تسمية الأئمة بالحكام، فينبغي ترك ذلك والنهي عنه لهذا الحديث، وهذا قد حدث في الناس قريبا.
قوله: "باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول " أي فقد كفر "وقول الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} الآية" قال العماد ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسيره: "قال أبو معشر المدني عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا: قال رجل من المنافقين: " ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونا، وأكذبنا ألسنة، وأجبننا عند
1 سورة التوبة آية: 65.
2 النسائي: آداب القضاة (5387)، وأبو داود: الأدب (4955) .
وأصحابه القراء - فقال له عوف بن مالك: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلي الله عليه وسلم. فذهب عوف إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه. فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله! إنما كنا نخوض ونتحدث حديث الركب، نقطع به عنا الطريق. فقال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقا بنسعة ناقة رسول الله،صلي الله عليه وسلم وإن الحجارة تنكب رجليه - وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب - فيقول له رسول الله صلي الله عليه وسلم: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} ما يلتفت إليه وما يزيده عليه ".
فيه مسائل:
الأولى: وهي العظيمة: أن من هزل بهذا فهو كافر.
الثانية: أن هذا هو تفسير الآية فيمن فعل ذلك كائنا من كان.
الثالثة: الفرق بين النميمة والنصيحة لله ولرسوله.
......................................................................................................
اللقاء" فرفع ذلك لرسول الله صلي الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته فقال: يا رسول الله {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} ، فقال: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} إلى قوله "مجرمين"، وإن رجليه لينسفان الحجارة وما يلتفت إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم، وهو متعلق بنسعة ناقة رسول الله صلي الله عليه وسلم ".
قوله: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} 1 أي بهذا المقال الذي استهزأتم به {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ} 2 أي لا يعفى عن جميعكم ولا بد من عذاب بعضكم بأنهم كانوا مجرمين بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة" انتهى. وقال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى -: "وقد أمره الله أن يقول: {قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} وقول من يقول: إنهم كفروا بعد إيمانهم بلسانهم مع كفرهم أولا بقلوبهم لا يصح؛ لأن الإيمان باللسان مع كفر القلب قد قارنه الكفر، فلا يقال قد كفرتم بعد إيمانكم، فإنهم لم يزالوا كافرين في نفس الأمر، وإن أريد: إنكم أظهرتم الكفر بعد إظهاركم الإيمان، فهم لم يظهروا للناس إلا لخواصهم وهم مع خواصهم ما زالوا كذلك، ولا يدل اللفظ على أنهم ما زالوا منافقين" اهـ.
وفيه بيان أن الإنسان قد يكفر بكلمة يتكلم بها أو عمل يعمل به، وأشدها خطرا إرادات القلوب فهي كالبحر الذي لا ساحل له، ومن هذا الباب الاستهزاء بالعلم وأهله وعدم احترامهم لأجله.
1 سورة التوبة آية: 66.
2 سورة التوبة آية: 66.