الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابعة: الفرقة بين العفو الذي يحبه الله وبين الغلظة على أعداء الله.
الخامسة: أن من الأعذار ما لا ينبغي أن يقبل.
49-
باب "التحدث بنعمة الله تعالى وذم جحدها
"
ما جاء في قول الله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} 1 الآية.
قال مجاهد: هذا بعملي وأنا محقوق به. وقال ابن عباس: يريد من عندي.
وقوله: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} . قال قتادة: على علم مني بوجوه المكاسب. وقال آخرون: على علم من الله أني له أهل. وهذا معنى قول مجاهد: أوتيته على شرف.
......................................................................................................
قوله: "باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} الآية" ذكر المصنف - رحمه الله تعالى - عن ابن عباس وغيره من المفسرين في هذه الآية ما يكفي ويشفي في المعنى قال: " قال مجاهد: هذا بعملي وأنا محقوق به، وقال ابن عباس: يريد من عندي ".
وقوله: " {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} 2 قال قتادة:
…
" إلخ وليس ما ذكروه اختلافا وإنما هو أفراد المعنى.
قوله: "وعن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: " إن ثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا " الحديث.
وهذا حديث عظيم يبين حال من كفر النعم وحال من شكرها، قال ابن القيم: "أصل الشكر هو الاعتراف بإنعام المنعم على وجه الخضوع له والذل والمحبة، فمن لم يعرف النعمة بل كان جاهلا بها لم يشكرها، ومن عرفها ولم يعرف المنعم بها لم يشكرها أيضا، ومن عرف
1 سورة فصلت آية: 50.
2 سورة القصص آية: 78.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: " إن ثلاثة من بني إسرائيل: أبرص، وأقرع، وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكا، فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس، قال: فمسحه، فذهب عنه قذره، وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبل - أو البقر - شك إسحاق، إلا أن الأبرص أو الأقرع قال أحدهما: الإبل، وقال الآخر: البقر، قال: فأعطي ناقة عشراء، وقال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن، ويذهب عني الذي قذرني الناس قال: فمسحه فذهب عنه، وأعطي شعرا حسنا. فقال: أي المال أحب إليك؟ قال: البقر، أو الإبل، فأعطي بقرة حاملا قال: بارك الله لك فيها.
قال: فأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إلي بصري ; فأبصر به الناس، قال: فمسحه فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم، فأعطي شاة والدا ; فأنتج هذان وَوَلَّدَ هذا. قال: فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم.
قال: ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين وابن
......................................................................................................
النعمة والمنعم لكن جحدها كما يجحد المنكر لنعمة المنعم فقد كفرها، ومن عرف النعمة والمنعم وأقر بها ولم يجحدها ولكن لم يخضع له ويحبه ويرضى به وعنه لم يشكرها أيضا، ومن عرفها وعرف المنعم بها وأقر بها وخضع للمنعم بها وأحبه ورضي عنه واستعملها في محابه وطاعته فهذا هو الشاكر لها، فلا بد في الشكر من علم القلب وعمل يتبع العلم وهو الميل إلى المنعم ومحبته والخضوع له"اهـ.
قوله: "قذرني الناس به " أي بكراهة رؤيته وقربه منهم.
سبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال، بعيرا أتبلغ به في سفري، فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا، فأعطاك الله عز وجل المال؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت.
قال: أتى الأقرع في صورته، فقال له مثل ما قال لهذا، ورد عليه مثل ما رد على هذا، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت.
وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين وابن سبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله. فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك " 1 أخرجاه.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآية.
الثانية: ما معنى: {لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} 2.
1 البخاري رقم (3464) في أحاديث الأنبباء: باب حديث أبرص وأقرع وأعمى ورقم (6653) في الأيمان والنذور: باب لا يقول ما شاء الله وشئت ، ومسلم رقم (2964) في الزهد والرقائق، وفي الحديث الحث على الرفق بالضعفاء وإكرامهم وتبليغهم ما يطلبون مما يمكن ، والحذر من كسر قلوبهم واحتقارهم ، وفيه التحدث بنعمة الله تعالى وذم جحدها. قال الحافظ في الفتح 6/503:"وفي الحديث جواز ذكر ما اتفق لمن مضى ليتعظ به من سمعه، ولا يكون ذلك عيبة فيهم ، ولعل هذا هو السر في ترك تسميتهم ، ولم يفصح بما اتفق لهم بعد ذلك، والذي يظهر أن الأمر فيهم وقع كما قال الملك. وفيه التحذير من كفران النعم والترغيب في شكرها والاعترات بها وحمد الله عليها 0 وفيه فضل الصدقة والحث على الرفق بالضعفاء وإكرامهم وتبليغهم مآربهم. وفيه الزجر عن البخل؛ لأنه حمل صاحبه على الكذب وعلى جحد نعمة الله تعالى" اهـ.
2 سورة فصلت آية: 50.